مَن يُفكرْ أنْ يتطرق للشأنِ العراقي فبِحاجةٍ إلى أنْ يتحصنْ بالله مِن الشيطانِ الرجيم أو بِالمُضاداتِ الحَيويّة خَشيةَ أنْ تَفتِك بهِ أنباءُ الحوادث والأقدار حيثُ أنّ الحضارةَ والعَراقةَ التي عُرِفَ بها شاطَرتَها التبعيّةُ والانقيادُ لاسيّما في بُعدهِ الديني وعلى مَرِّ التاريخ ِوالعُصور، وغالباً ما يَحدثُ ذلكَ في المُجتمعاتِ عندَما تكون هُنالَك ضبابيّةَ في الرؤى وعدمِ الوضوح في مَسارِ الأحداث بحيث يُرسَم لها واقعاً ونمطاً مُعيَّناً لِلِحياة إلى درجةٍ أنّها تُقَاد مِن الخارجِ بشعورٍ أو عدم الشعور ويا وَيَلَها ويا لِسوءِ طالعِها حينما يكون القائدُُ هو الجلاد!! ولِعدم ترسيخ فِهم المواطنة واللاشعور بالانتماء الحقيقي لِلوطن سبباً باعثاً لِذلك وهي لا تَقتصرُ على العِراقيين فحسبْ بل تَشملُ بلاداً كثيرة إلاّ أنّ العراقَيين اُشتِهرَوا بها إلى حدِّ الإفراط بل أخذوا بها كأسَ العالم المجيد. وسوف اُلقيَ نظرةً تاريخيّةً خاطفة على ارتباطهِ بِجهتهِ المَشرِقيِّة والتي تَقطُنُها القوميِّةُ الفارسيِّة بحيث تَمازجَ وتبادلَ معها بألفاظِ الكلِماتِ فضلاً عن العاداتِ والتقاليد وهي ظاهرِةٌ اجتماعيّةٌ صِحيِّة حينما تتبادلُ فيها الأممُ والمُجتمعاتُ ثقافتَها وحضارتَها إلاّ أنَّ مَوردَ الشاهدِ في المقامِ مُختلفٌ جَذرياً بسببِ نوعِ العلاقةِ المُتبادَلَة حيثُ يُمثِّل العراقُ للإيرانيين البوابة الرَّخوةَ والرئيسيّة للوصولِ إلى واحةِ الوطنِ العربي الفسيح بينما تُمثِّل إيرانُ في نَظر العراقيين الكهف والملجأ الأمين. سوف اُلقيَ نظرةً تاريخيّةً خاطفة على ارتباطهِ بِجهتهِ المَشرِقيِّة والتي تَقطُنُها القوميِّةُ الفارسيِّة بحيث تَمازجَ وتبادلَ معها بألفاظِ الكلِماتِ فضلاً عن العاداتِ والتقاليد وهي ظاهرِةٌ اجتماعيّةٌ صِحيِّة حينما تتبادلُ فيها الأممُ والمُجتمعاتُ ثقافتَها وحضارتَها إلاّ أنَّ مَوردَ الشاهدِ في المقامِ مُختلفٌ جَذرياً بسببِ نوعِ العلاقةِ المُتبادَلَة حيثُ يُمثِّل العراقُ للإيرانيين البوابة الرَّخوةَ والرئيسيّة للوصولِ إلى واحةِ الوطنِ العربي الفسيح بينما تُمثِّل إيرانُ في نَظر العراقيين الكهف والملجأ الأمين.. قد لا تجد حَضَارةً اُقيمتْ على بلادِ وادي الرافدين إلاّ وقد تعرضتْ لِهجومٍ أو احتلالٍ مِن قِبَلِ جِهتِها المَشرقيِّة (الإيرانيون) بل وساهمتْ في القضاءِ على كثيرٍ مِنها ابتداءً مِن العُصورِ السومريّة والأكديّة والبابليّة والآشوريّة حتى انتهت أخيراً وليس آخرِاً باحتلالِ مَدينة بابل عام (539 ق.م) مِن قِبل كورش الأخميني الكبير (529 - 560 ق.م) واستمرَ الأخمينيون بالسيطرةِ على العراق حتى هَزمَهم الإسكندر المَقدوني (323 - 356 ق.م) وفي تلكَ الفترةِ مرَّ العراقُ بحالةِ ضَعفٍ كبيرة وانحسرتْ قِواهُ فيما بَقي المُتنازعان (الرومان والفرس) هما اللاعبانِ الأساسيّانِ على الأرضِ ومِن سوءِ الحظ لِأهلِ بلادِ وادي الرافدين أنَّ النِزاعَ والصِراعَ كان على أرضهِم مِن أجلِ السيطرة عليها وكان نِزاعاً طويلاً مُتجذراً، فحيَنما قام الكوتيون القادمون مِن جِبالِ إيران باحتلالِ بلادِ وادي الرافدين وعاثوا فيها فَساداً وقاموا بإذلالِ أهلِها أشدَ إذلال ومَزقوهم شرَّ مُمُزَق نِكايةً في إرثهِم الحضاري العميق إلاّ أنّهُ يبقى أهونُ مِن الخطيئةِ التي ارتكبوها والتي لا تُغتَفرْ أبداً حينما قاموا بِتدميرِ (مَدينة أكد) العريقةِ ومَحو آثارِها مما جعل الباحثون يَعجِزُون في تحديدِها حتى الآن. وإذا طويتُ صَفحاً عن التاريخِ والطويل في مأساتهِ إلى حُكمِ الصفويين الذي تأسس في عهدِ العُثمانيين بعدما كان الأخيرُ مُسيِطراً على مُعظمِ الدول الشرقيّة والتي مِنها بلادُ وادي الرافدين ويا لِسوء الطالِع الذي لا يُفارق العراقيين أبداً إنّ الصِراعَ كان على أرضِهِم وبطريقةٍ شرسة إلى درجةٍ أنَّ البغداديين كانوا يُرددون مَقطوعتَهم الخَيَّاميَّة الشَهيرة وباللهجة العراقية الدارجة (ما بين حانه ومانه ضاعت لحانه) حيثُ يَتركون بِلادَهم آمنةَ مُطمَئِنَّةَ ويَتَصارعونَ في أرضِ العراق (أرضُ تَصفية الحِسابات) وأيضاً كِلاهما ليس مِن العربِ، والعاملُ الأساسي لِلتَدخُل بعد فجرِ الإسلامِ هو الدينُ حيثُ كان مُسوِّغاً لذلك إنْ لم يكنْ مُقدساً في نَظرِ الضحيّةِ والجلاد، والُمنعطف الخطير الذي انتَهجَتهُ الدولةُ الصفويّةُ وقد لَعِبَ دوراً كبيراً في تأجيجِ الصِّراعِ حيث كان وما يزالُ يَدفعُ العراقُ ضَريبَتَهُ هو اعتناقُهُم (الصفويين) مَذهبَ التَشيُّع حيثُ تبدلَ المَذهبُ وأدبياتُهُ مِن ما كان عليهِ قبلَهم إلى ما هو بعدَهم والذي عليهِ الآن! ومما دَفعَهم إلى ذلكَ بل والذي يُعتبرُ السببُ الأساسي والرئيسي حيثُ ليسَ إيماناً مِنهم بأحقّيِّةِ المذهب الشيعي على غيرهِ كما يتصور البعضُ مِن الكُتّابِ بل إنما هو مَسلَكٌ مُخالِفٌ لِلِعُثمانيين الذين كانوا يَعتنقونَ المذهب السُني حيثُ لا يُمكنُ لهم ولا يُتَصَوَر البَقاءُ على نفسِ المَذهب ويُقارعونَ دولةً مِثلَ العُثمانيةَ المُتراميةَ الأطراف لأنّهم بحاجةٍ لِشرعيةٍ دينيّةٍ مُستقلة مَضافاً إلى الدعمِ الدولي الذي ساهَم في ذلكَ مِن أجلِ إضعافِ العجوز الكبير (العُثمانيّة) غير أنّ الفارقَ الرئيسي حينما انقرضتا كِلاهما مِن الوجود زال الأثر والتأثير العُثماني مِن البلادِ دون اللون الصفوي وتحديداً في العراقِ حيثُ فيهِ مَقرُ الحوزةُ العلميّة والتي تُمثِلُ القيادةُ الشيعيّةُ في العالَم أجمع إلى عُقودٍ قليلةٍ قد خلت قبل أنْ تُنافسُها إيرانُ الحديثة إنْ لم تكنْ قد تغلبت عليها، ويبقى العُنصرُ الإيراني في المَركَزيَنِ (النجفي - والقمي) هو الأبرزُ والأكثرُ وجوداً وتأثيراً وهذا ما يَفتحُ المَجالُ أمامَ تَساؤلات كثيرة كانت ومازالتْ قائمة عن السببِ في ذلك وهل أنَّ التَشيُع كانت نشأتُهُ فارسيّة حيثُ تَجد أنَّ الأعم الأغلب مِن العُلماء هم مِن القوميّةِ الفارسيّة ناهيك عن كُتب الأدعية والزيارات التي اعتاد الشيعةُ على اقتنائِها بل إنَّ الكُتبَ الحديثيِّة الأربعة لِلِشيعة (الكافي - مَن لا يحضرهُ الفقيه - التهذيب - الاستبصار) جميعُ مؤلفيِها كانوا مِن إيران! في الصدرِ الأول مِن فجرِ الإسلام كان ثَمة سبباً جوهرياً لذلك بحيث أنّ مُعظمَ الصِّحاح والكُتب الحديثيّة كُتبتْ بأيدٍ ليست عربية لأنَّ غيرَ العربي كان مِن الصعب عليهِ أنْ يُنافِس العرب في الخلافةِ والقيادةِ إلاّ ما نَدُرْ فَحثَّهم ذلك على الاهتمامِ الكبير بالعلوم الدينيّة كي يَحصَلوا على موقعٍ بديلٍ في صِياغةِ القرار الإسلامي مُضافاً إلى اهتمامِهم الثقافي والتاريخي بالحصولِ على العلوم، لكن تتحول إلى حالةٍ دائمةٍ ومُستمرة بحيث لهم الأولوية في كلِ شيء فهذهِ مَسألة فيها نظر. لذا نحنُ بحاجةٍ لِطرحِ مَشروع المرجعيّة الوطنية بحيث أنّ المُسلمَ يجب أنْ تكون مَرجعَيتُهُ وطنيّة وليست عابرة لِلِحدودِ والقارات لأنَّها أصبحتْ عائقاً أمامَ ولادة المشاريع الوطنيّة بل وتُساعدُ على ضُعَف وهوان الانتماء الحقيقي للوطن، وهذا ما سوفَ أوردُ عنهُ أبحاثاً مُستقلةَ قادمة خُصَوصَاً فيما يَتعلقُ بإيران الولي الفقيه الحديثة والمُجتمع الشيعي تحديداً، فهل يُحسِنُ المُسلمونَ اتخاذَ القرار؟
مشاركة :