--> حين نقرأ الأنباء حول عمليات الاندماج والاستحواذ في الفترة الأخيرة؛ نستطيع أن نحس من كل هذه الأنباء أن الصفقات التي من هذا القبيل، تشهد طفرة مرة أخرى في مختلف أنحاء العالم. لكن الأمر الجديد هذه المرة، هو أن الأسواق تكافئ شراء الشركات، وليس فقط مجرد بيعها. ما هو السبب في ذلك؟ ازداد نشاط الاندماج والاستحواذ العالمي، منذ يناير، بأسرع وتيرة له منذ 14 عاماً. وهناك ارتفاع قوي بصورة خاصة في العمليات الضخمة. وهناك تقريباً ضعف العمليات التي تزيد قيمة الواحدة منها على 10 مليارات دولار، حتى الآن من العام الحالي، عما كانت عليه الحال في الفترة نفسها من عام 2013. الأمر الملفت للنظر في النشاط في الفترة الأخيرة، هو أن الشركات التي تقوم بالشراء تكافأ بصورة غنية من قبل السوق. في العادة تكون استجابة السوق إلى المشترين سلبية، أو فاترة في أحسن الأحوال. (أما بالنسبة للبائعين فهي حكاية أخرى.) بصورة خاصة، حسب تقرير جديد من زملائي في سيتي جروب، يتبين أنه في الصفقات التحويلية الضخمة البالغ عددها 74 صفقة - وهي الصفقات التي تزيد قيمتها على 20 مليار دولار، أو تقع في النطاق ما بين 5 مليارات إلى 10 مليارات دولار، وتقع على الأقل بنسبة 40% في سوق الشركة المستحوِذة - منذ عام 2011، ارتفع سعر الشركة المشترية نسبة 1.5% في المتوسط، نسبة إلى السوق ككل. (للعلم أقول إني أعمل في منصب رئيس مجلس إدارة مجموعة الاستراتيجية والحلول المالية، التي أنتجت التقرير المذكور). كذلك، خلال السنة التي تعقب الإعلان عن الصفقة، شهد سهم الشركات المشترية، في المتوسط، عائداً بنسبة 5.6% (بعد تعديله لاحتساب المخاطر). وبالنسبة للعدد القليل من الصفقات التي تمت في الفترة الأخيرة، والعادة يمكن في العادة قياس العائد عليها على مدى 3 سنوات، فإن الأداء القوي غير العادي استمر لتلك الفترة. ما هو السبب في هذه النظرة الإيجابية القوية للصفقات الأخيرة؟ هناك اقتران يجمع بين النمو الاقتصادي البطيء، وأسعار الفائدة المنخفضة، إلى جانب العوائد المتراجعة من عمليات شراء الأسهم من السوق، يمكن أن يساعد في تفسير هذه الظاهرة. وإليكم بيان ذلك. حين يكون النشاط الاقتصادي فاتراً نسبياً، يصبح من الأصعب على الشركات توليد نمو سريع في الإيرادات، ويبدو على المساهمين أنهم يصدقون أنه يصبح من الصعب تعزيز نمو الأرباح من خلال تصويب وضبط أعمال الشركة القائمة. مع ذلك، ما تزال أسواق الأسهم تحتسب نمواً سريعاً للأرباح: توقعات الأرباح لعام 2014 هي أعلى بصورة لا يستهان بها من توقعات النمو العالمي في الناتج المحلي الإجمالي. وحيث إن النمو العضوي وحده لا يرجح له أن يحقق نمو الأرباح الذي يريده المساهمون، فإن الصفقات الاستراتيجية التي تستطيع تحقيق زيادات الأرباح تصبح لها قيمة وجدارة أعلى من المعتاد. هناك آلية أخرى يمكن أن تكون موجودة في طفرة الاندماج والاستحواذ: خلال السنوات الثلاث السابقة، كان ما بين 15 إلى 20% من نمو الأرباح في السهم، يأتي من الشركات التي كانت تشتري أسهمها من السوق. مثل هذا النشاط يعمل في العادة على تقليص الأرباح، على اعتبار أن السوق تصبح متشككة حول العدد الكبير من الأسهم الذي يعاد شراؤها. وفي الوقت الذي تقترب فيه الشركات من هذه العتبة، بعد سنوات من عمليات الشراء الكبيرة، فإن العائد النسبي على الاندماج والاستحواذ يمكن أن يرتفع.
مشاركة :