يلتمس المصلون شعوراً روحانياً خاصاً في جامع «كتارا»، ومنذ بداية العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، يشهد الجامع نشاطاً مكثفاً لإحياء الليلة المباركة التي هي خير من ألف شهر، حيث احتشدت صفوف المصلين داخل الجامع الكبير بأعداد غفيرة في مشهد إيماني مؤثر، حفته الخشية والتبتل بين يدي رب العالمين.وفي ظل أجواء إيمانية صافية ازدان بها جامع «كتارا»، استُهلَّ إحياء الليلة المباركة بحديث مقتضب للشيخ محمد مكي إمام وخطيب الجامع عن عظمة ليلة القدر ومعانيها السامية، مشيراً إلى مكانة هذه الليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن الكريم، والتي تتنزل الملائكة والروح فيها، وأنها سلام حتى مطلع الفجر. وانطلقت صلاة التراويح والقيام بالجامع، بإمامة الشيخ مكي المصلين وقراءة ما تيسر من آيات الذكر الحكيم، وذلك وسط أجواء روحانية، تخللتها نفحات إيمانية أدخلت الخشوع لأفئدة المصلين. ويحرص زوار الحي الثقافي الذين دأبوا على التواجد في الجامع منذ إطلالة الشهر الكريم، على استقبال ليلة القدر المباركة، لإحيائها ومصافحة أنوارها والتنعم بأجوائها الروحانية ونفحاتها الإيمانية، وتأدية الصلوات خلف إمام الجامع الشيخ محمد مكي الذي يتمتع بصوت ندي عذب، يثير في النفوس الخشوع. في المقابل وفرت إدارة «كتارا» كل سبل الراحة للمصلين لإحياء هذه الليلة الفضيلة والاجتهاد فيها بالصلاة والقيام والطاعات وتلاوة كتاب الله، بالإضافة إلى ممارسة سنة الاعتكاف التي لها طعمها الخاص في جامع «كتارا»، لما تتميز به أروقته ومرافقه من روعة وجمال ورحابة واتساع، تسهم في إضفاء أجواء من الطمأنينة والخشوع، حيث كان التنظيم أكثر من رائع لاستقبال تلك الحشود من المصلين والمتهجدين. من ناحية أخرى، تتواصل المحاضرات الدينية اليومية التي يحتضنها جامع «كتارا»، وتستضيف من خلالها كوكبة من العلماء الأجلاء الذين يتميزون بعلمهم الواسع والغزير، بالإضافة إلى القارئ الشيخ محمد مكي، الذي استطاع أن يخطف الأضواء في صلاة التراويح والقيام، ويستقطب بصوته الجميل والرخيم جموع المصلين، لما يتصف به من رقة وعذوبة ونداوة، بالإضافة إلى حسن ترتيله وتجويده للآيات القرآنية، التي تنبعث من صوته الحسن والشجي فتبعث في النفوس الهيبة والخشوع. وأمس الأول شهدت الليلة الرابعة من ليالي العتق من النيران إقبالاً جماهيرياً كثيفاً، حيث ألقى فضيلة الشيخ شقر الشهواني محاضرة في ثنايا صلاة التراويح، تحدث فيها عن الإخلاص في الطاعات، مشيراً إلى أنها من أجل وأعظم العبادات التي تربي في نفوسنا سلامة النية وإخلاصها لله تعالى، محذراً أن يخالط الأعمال الصالحة، كالصيام والصدقات والزكاة الرياء، بل أن تكون لله تعالى خالصة لوجهه الكريم. وأضاف الشيخ أن على المسلم أن لا يتحدث أمام أحد من الناس عن أعماله الصالحة، وما بذله من طاعات وقربات وصدقات، بل أن يجعلها بينه وبين ربه، ويخلص لله تعالى في هذه الأعمال، لأن الإخلاص لله تعالى هو روح الطاعات ومفتاح لقبول الباقيات الصالحات، كما في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ». ثم انتقل الشيخ بحديثه إلى الغيبة وأهمية اجتنابها، لأنها تحرق الحسنات وتذهب بأجر الصائم، وتؤذي الناس الذين يقتصون منه يوم القيامة، فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه، منوهاً بأن الصوم هو تطهير للنفس والقلب والجوارح.;
مشاركة :