على ماذا تراهن قطر سعيد الكتبي رحلات مكوكية يقوم بها الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية القطري. يجوب عواصم دول العالم ويقيم مؤتمرات ولقاءات صحافية لا تخلو من الكلام غير المرتبط في طرحه مع الاتهامات التي تطال قطر. كثيرة هي الأحداث المشابهة التي تمر في تفكيري كلما شاهدتُ وزير خارجية قطر، أعني زياراته ورحلاته والأعذار غير المفهومة التي يقدمها لتبرير جريمة قطر، وكلها لا تصب في صالح “المدعى عليه” بل تزيد من نسبة إدانته. أتذكر محاكمة التنظيم السري للإخوان المسلمين في الإمـارات وأفراده وحججهم التي ذهبت بعيدا عمّا يأخذ به القانون من أدلة ملموسة لا معنوية. ولا نستغرب ذلك فالفكر الإخواني فكر مجرم بأفعاله، وعند الدفاع عن نفسه فهو يستعين بالنوايا. وهذا الفكر مغروس في التربة القطرية منذ العشرات من السنين، حتى تجذّر وتفرّع وبالتالي لا نستغرب أن نجد ثماره المتلونة متمثلة في أدوات السياسة القطرية ووسائلها. تلونت أعذار قطر وحججها من خلال وزير خارجيتها الجديد على الساحة السياسية والذي وجد نفسه فجأة أمام مهمة تتطلب شخصية على مستوى كبير من الخبرة والحكمة. دفعنا ذلك إلى التساؤل عن الشيء الذي تراهن عليه قطر؟ رغم كون جميع الحجج نهـائية ولا تقبل جـدلا أو نقاشا، إلا أن النظام القطري تارة يقـدم تبريرات سياسية سيادية، توضح كيف أرادوا أن تكون قطر قوية وغير متأثرة، وتارة يقدم تبريرات يلامس بها عاطفة الشعوب مستعطفا إياها، بحيث يقدم نفسه في صورة المظلوم الضعيف. حتى حمد بن جاسم، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري السابق، العائد إلى السـاحة بصورة المحنك المنقـذ، قال في مقابلة تلفزيونية إن قطر قوية وصامدة، وفي ذات المقابلة استعطف الأميركان وحثهم على ألا ينسوا موقف دولته المساعد لهم، وكأنه يعاتبهم ويرجو ألا يتخلوا عن قطر. إن كان النظام القطري بهذا الجهل من خلال الاعتقاد بتمكانية نجاحه عبر اللعب على وترين مختلفين، فهو يرهق نفسه دون فائدة. سياسيا، لا يمكن الاعتماد على العواطف وكل صاحب قرار سيسعى إلى تحقيق مصالح دولته دون النظر أو الرجوع أو حتى الإحساس البسيط بالعاطفة. وبالتالي فإن قطر ستجد نفسها وحيدة وعرضة للاستغلال وسلب الإرادة والسلطة من طامعين كبيرين، من قبيل إيران وتركيا. أما إن كانت قطر تراهن على الشعوب التي يعمل الفكر الإخواني على استعطافها وتغييبها بحجة الدين وإقناعها بشعارات الإسـلام، فإن دروس التاريخ تقول إن الشعوب لا تبقى دائما على حالة عاطفية، بل تعود دائما إلى المعايير العقلية متى حكم الفرد بنفسه، ولم يتحرك بعقلية روح الجماعة. هنا، على النظام القائم في قطر أن يلتفت إلى الداخل ويسأل، هل أن ما تفعله الدوحة خارجيا يساعد على تماسكها داخليا؟ هل سيكف الحرس الثوري أذاه عن شعب قطر؟ هل سيستمر القطريون في تأييد جلب نظامهم لقوة تركية خاصة بعد أن علموا أن الاعتماد عليهم غير مجد؟ سواء راهن النظام القطري على هذا أم ذاك، فإن الخاسر الأكبر والوحيد هو قطر. فليس هناك من يعتقد أن تاريخ قطر يسمح لها بالانتصار في كل الأحوال. كما أن القوة المقابلة لها تاريخ راسخ، والخصم مستعد هذه المرة ويتميز بقيادة محنكة وعلى مستوى كبير من الحكمة، وتعي جيدا كيف تستخدم أدوات القوة لديها وتعودت على الانتصار بأقل الموارد وتعودت على تحقيق أهدافها. كاتب إماراتي سراب/12
مشاركة :