سعى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لامتصاص غضب مواطنيه من الارتفاع الهائل في الأسعار الذي صاحب خطة الإصلاح الاقتصادي للبلاد، حيث أعلن زيادة دعم الفرد في البطاقة التموينية بنحو 140%، في خطوة ترفع حجم موازنة 2017-2018. وشهدت مصر، التي تعتمد على الاستيراد في توفير أغلب احتياجاتها، ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع والخدمات خلال العامين الماضيين؛ بسبب شح العملة الصعبة ونشاط السوق السوداء. ومع قرارات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، التي شملت تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة وزيادة أسعار الطاقة ومن قبلها تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة- تضاعفت أسعار السلع والخدمات من جديد؛ ما أثار سخط المواطنين، وخاصة محدودي الدخل. وقفز التضخم في أسعار السلع والخدمات خلال الشهور الماضية، متجاوزاً 30 في المائة ليسجل أعلى مستويات في 3 عقود. وقالت نبوية محمد (عاملة نظافة بإحدى الشركات الخاصة) لـ"رويترز"، تعليقاً على زيادة دعم الفرد في البطاقة التموينية إلى 50 جنيهاً (2.75 دولار) شهرياً من 21 جنيهاً: "حلو ورضا.. الحمد لله.. حاجة تساعد في العيشة الصعبة اللي إحنا عايشينها بمرتب شهري 1100 جنيه". لكن أشرف علي (عامل خدمات في شركة خاصة)، يرى أن زيادة الدعم غير كافية. وقال لـ"رويترز": "الزيادة قليلة ولن تفي بالاحتياجات؛ لأن الأسعار ترتفع طوال الوقت". وتدعم مصر نحو 68.8 مليون مواطن من خلال نحو 20.8 مليون بطاقة تموين. وقال مسؤول في وزارة التموين لـ"رويترز" الأربعاء 21 يونيو/حزيران 2017، مشترطاً عدم نشر اسمه: "زيادة دعم بطاقات التموين ستُنفذ مع صرف مقررات شهر يوليو/تموز. الأسرة المكونة من 4 أفراد ستحصل على 200 جنيه دعماً ضمن البطاقات، على أن يحصل أي مواطن إضافي في الأسرة على 25 جنيهاً فقط". وسترفع الزيادة الجديدة دعم السلع التموينية إلى 42 مليار جنيه من 19 مليار جنيه حالياً فيما سيزيد إجمالي تكلفة دعم السلع التموينية والخبز إلى نحو 85 مليار جنيه من نحو 45 مليار جنيه حاليا. وقال أحمد كوجك نائب وزير المالية لرويترز "تكلفة زيادة دعم الفرد في البطاقة التموينية تم تضمينها (بالفعل) في موازنة السنة المالية المقبلة". ووعد السيسي المصريين في ديسمبر كانون الأول الماضي بتحسن الظروف الاقتصادية الصعبة خلال ستة أشهر ودعا رجال الأعمال والمستثمرين إلى مساعدة الحكومة على كبح جماح الأسعار. كانت الحكومة أقرت في نهاية مايو أيار حزمة ضمان اجتماعي بقيمة 43 مليار جنيه في السنة المالية 2017-2018 لتخفيف العبء عن المواطنين. وشملت تلك الحزمة زيادة معاشات التقاعد والدعم النقدي الموجه للأسر الفقيرة تحت مسمى "تكافل وكرامة" بجانب زيادة الحد الأدنى للإعفاء الضريبي ومنح خصم ضريبي لمحدودي ومتوسطي الدخل. وقال وزير المالية عمرو الجارحي في بيان صحفي اليوم إن حكومته تستهدف الحفاظ على نسبة عجز الموازنة عند 9% في السنة المالية 2017-2018 رغم الأعباء المالية لحزمة الحماية الاجتماعية الجديدة. وذكر الجارحي في بيان صحفي أن مشروع موازنة 2017-2018 يتضمن حزمة حماية اجتماعية بقيمة 75 مليار جنيه يستفيد منها أكثر من 90 بالمئة من المصريين. وقالت ريهام الدسوقي محللة الاقتصاد المصري في أرقام كابيتال لرويترز "زيادة الدعم ستجعل المواطن يشعر بالأثر الإيجابي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي بعدما شعر بالفعل بالأثر السلبي. "القرار جيد بالتأكيد لكنه ليس كافيا ومن غيره سيكون الوضع أسوأ بكثير". وتوفير الغذاء بأسعار في متناول المواطنين قضية حساسة في مصر التي يعيش الملايين فيها تحت خط الفقر والتي شهدت الإطاحة برئيسين خلال ست سنوات لأسباب منها السخط على الأوضاع الاقتصادية. وقال محمد أبو باشا محلل الاقتصاد في المجموعة المالية هيرميس "آثار التضخم مازالت أكبر من الحزمة لكنها محاولة لإحداث توازن ومساعدة محدودي الدخل على تحمل تكلفة الإصلاح الاقتصادي وأي إجراءات جديدة خلال الفترة المقبلة". ويتوقع المصريون زيادات جديدة في أسعار الكهرباء والمياه والبنزين بجانب بعض الخدمات المقدمة من الحكومة وفقا لبرنامج الحكومة الاقتصادي. وبنبرة تنم عن القلق قالت نبوية وهي في العقد الخامس من عمرها "مش عايزينهم يزودوا الدعم من ناحية وياخدوه من الناحية التانية بزيادة الأسعار.. الأفضل يسيبوا الدعم زي ما هو من غير زيادة وتبقى الأسعار زي ما هي".
مشاركة :