الأمير محمد بن سلمان مهامه وليا للعهد في وقت تواجه فيه المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم وصاحبة أكبر اقتصاد عربي، تحديات دبلوماسية وعسكرية واقتصادية. فإلى جانب مهامه في منصب ولي للعهد، يتولى الأمير الشاب (31 عاما) نجل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وزارة الدفاع وهو منصب يتولاه منذ أن أطلقت السعودية في مارس/اذار 2015 عملية عاصفة الحزم على رأس تحالف عربي دعما للشرعية في اليمن بعد انقلاب ميليشيا الحوثي الشيعية المدعومة من إيران على الحكم بقوة السلاح. وتقود الرياض منذ أكثر من عامين تحالفا عسكريا عربيا ضد المتمردين الحوثيين الشيعة الذين يسيطرون على مناطق واسعة من البلد الفقير بينها العاصمة صنعاء. وفي مايو/ايار، قال الأمير محمد إن المملكة لم تملك خيارا بديلا عن التدخل لمساندة حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، مؤكدا أن بلاده قادرة على القضاء على الحوثيين وحلفائهم من مناصري الرئيس السابق علي عبدالله صالح في غضون أيام، إلا أن هذا الأمر سيؤدي إلى خسائر كبيرة في الأرواح من الجانبين السعودي واليمني. وتواصل السعودية حملتها العسكرية رغم الضغوط المالية بسبب تراجع عائدات النفط بفعل موجة انخفاض في الأسعار قبل أن تتعافى قليلا عما كانت عليه في يونيو/حزيران 2014، لكن الأسعار لم تلامس بعد ما كانت عليه قبل تلك الفترة متأرجحة بين 45 و50 دولارا للبرميل. لكن الأمير شاب يقود منذ توليه منصب السابق كولي لولي العهد (قبل تعيينه الاربعاء وليا للعهد) ثورة اقتصادية جسمتها "رؤية 2030" الطموحة التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد عبر التقليل من الاعتماد على النفط وجذب استثمارات في قطاعات أخرى بينها الترفيه في دولة أكثر من نصف سكانها دون سن الـ25. وفي اطار الخطة، تنوي السعودية إدراج ارامكو، عملاقة النفط التي تؤمن اجمالي انتاج المملكة في سوق المال في 2018. وتعتزم الرياض طرح أقل من 5 بالمئة من أسهم الشركة للاكتتاب العام للمساعدة في انشاء أكبر صندوق استثماري في البلاد بقيمة تبلغ نحو الفي مليار دولار. ويعاني الاقتصاد السعودي من انخفاض أسعار النفط. وفي العام 2015 شهدت الموازنة السعودية عجزا قياسيا بلغ 98 مليار دولار. وفي نهاية 2016، أعلنت المملكة عن أول موازنة لها منذ الكشف عن خطة الاصلاح الضخمة، متوقعة أن تشهد موازنة 2017 عجزا بنحو 52.8 مليار دولار في تراجع كبير عن العجز الذي سجلته الموازنة السابقة وبلغ 79.1 مليار دولار. وتنص خطة الاصلاح الاقتصادية أيضا على رفع نسبة مساهمة القطاع الخاص في اجمالي الناتج المحلي من 40 إلى 60 بالمئة وزيادة نسبة النساء العاملات من 22 إلى 30 بالمئة بحلول العام 2030. ويرى محللون أن خطة الاصلاحات الاقتصادية التي يقودها الأمير محمد بن سلمان من شأنها أن تحدث نقلة نوعية في اقتصاد المملكة مع انفتاحها الكبير على تنويع مصادر العائدات من خارج القطاع النفطي والتخلص من ادمان النفط كأهم مورد للدخل. ويأتي تعيين الأمير محمد وليا للعهد بينما تشهد العلاقات الخليجية القطرية توترا غير مسبوق على خلفية تورط الدوحة في تمويل الإرهاب وانحيازها لإيران بما يشكل تهديدا لوحدة الصف الخليجي ولأمن المنطقة عموما والخليج خاصة. وسيكون على الأمير الشاب بصفته وليا للعهد ونائبا لرئيس الوزراء، التعامل مع تداعيات الأزمة الدبلوماسية بكل جوانبها وتبعاتها. والأمير محمد هو أحد المحركين الرئيسيين لخطوة قطع العلاقات مع قطر وسيكون عليه ادارة القطيعة مع دولة عضو (قطر) في مجلس التعاون الخليجي اختارت العمل على شق الصف الخليجي باصطفافها مع جماعات متطرفة يصنفها المجلس ارهابية ومع إيران التي تشكل تهديدا للاستقرار في المنطقة. وقطعت المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة والبحرين علاقاتها الدبلوماسية مع قطر في الخامس من يونيو/حزيران واتخذت اجراءات رادعة بحقها بينها اغلاق المجالات البحرية والجوية أمامها والطلب من القطريين مغادرة اراضيها لدفعها إلى التخلي عن سياسة دعم وتمويل واحتضان جماعات متطرفة.
مشاركة :