سمير عطا الله: الجيوش العربية

  • 6/13/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

خصص العالم العربي لجيوشه في نصف قرن أضعاف ما خصص لشعوبه. جميع هذه الجيوش اتخذت لنفسها كل تلك الأموال تحت بند واحد هو محاربة إسرائيل، بما في ذلك ليبيا التي كدّست في المرائب أكثر من خمسة آلاف دبابة، وكانت الحرب الوحيدة التي خاضتها في التشاد. من المحزن، جدا محزن، القول إن الجيوش العربية هُزمت مرتين: ضد عدوها الخارجي، ثم ها هي تُهزم ضد عدوها الداخلي. فالقوة العسكرية العالمية الرابعة، كما سمي جيش العراق، هُزمت في الكويت ثم في بغداد، والآن تنسحب من الموصل. وها هو «داعش» يرد الجيشين، السوري والعراقي، ويسيطر على منابع النفط في البلدين. والميليشيات الليبية هي التي تهدد وحدة البلاد وتسيطر على حركة تصدير النفط. والجيش اليمني الذي تزعمه علي عبد الله صالح 33 عاما، يكتشف فجأة أنه أمام جبهتين مدمّرتين: «القاعدة» و«الحوثيين». إن القوى العسكرية المتفوقة والمسيطرة اليوم هي القوى غير النظامية، بصرف النظر عن انتماءاتها واتجاهاتها وغاياتها. وعندما تدعو الحكومة العراقية المتطوعين لصد الهزيمة عن المدن الكبرى، فإنما هي توسع نطاق الحرب الأهلية، وتقر بالعجز المطلق عن حماية الأمن القومي والوحدة الوطنية، ناهيك بالسلم الأهلي، المرتدّ والمبعثر في «دولة القانون». قُلبت الأنظمة الشرعية العربية على أيدي العسكريين بحجة أنها عجزت عن تحرير فلسطين. وأمضينا سنوات نتحدث عن «الأسلحة الفاسدة» التي أدّت إلى وقوع النكبة. وحلّت الهزيمة والأسلحة غير الفاسدة رابضة في مرائبها. ومن ثم تغير اتجاه الأسلحة والجيوش معا. لأن معنى الوطن قد تغير. و«الوطن الأم» في نشيد كوريا الشمالية هو «الجنرال»، و«الجنرال» هو الوطن الأم، وليس الأرض ولا التاريخ ولا الشعب. ذابت الجيوش العربية في القتال على الطريق إلى فلسطين. وعلى ذلك الطريق قصفت الطائرات والدبابات المدن العربية والمدارس والبيوت. وتفانت الجيوش في الدفاع عن القائد الذي صار هو الوطن والقضية. وفقدت قواها في المواجهة مع الظواهر المريبة، التي صارت تحتل نصف سوريا والعراق، فيما يقترب الحوثيون من صنعاء. أمام هذا الوضع المريع من تقدم الميليشيات الغامضة، من يحمي وحدة واستقلال وسيادة تلك الأنظمة الجمهورية التي أعلنت الثورة الدموية على الرجعية من أجل فلسطين! لقد أصبحت فلسطين في كل مكان، أمة مبعثرة تنسحب جيوشها من المدن تاركة الناس تحت رحمة الفوضى وطوفان الغاب.

مشاركة :