قال مسؤول في الشركة العربية للاستثمارات البترولية «أبيكورب» إن التوقعات لقطاع الطاقة في البحرين من دون مرفأ استيراد الغاز الطبيعي المسال ستكون متشائمة وغير مبشرة، موضحا أن التقديرات تشير إلى أن المملكة ستواجه عجزا كبيرا في الغاز مع حلول العام 2019، وستتمكن من تغطية هذا العجز بمرفأ استيراد الغاز المسال حتى عام 2027 على أقل تقدير.وقال محلل الأبحاث في الشركة العربية للاستثمارات البترولية «ابيكورب»، مصطفى الأنصاري- في لقاء لـ «الأيام الاقتصادي»- إنه وفقا للمعطيات والتوقعات أن يتأزم مخزون الغاز بشكل أكبر خلال الفترة ما بين 2019 و2023، موضحا «في حين أن مرفأ الاستيراد سيمكن المملكة من تغطية هذا العجز حتى عام 2027 على أقل تقدير».وأبرمت حكومة البحرين ممثلة في الهيئة الوطنية للنفط والغاز والشركة القابضة للنفط والغاز، في مطلع ديسمبر من العام 2015، الاتفاقيات الخاصة بمشروع انشاء وتشغيل مرفأ الغاز الطبيعي المسال بعد عملية مناقصة دولية مع تحالف شركات عالمية مكون من شركة «تيكاي إل إن جي» الكندية، و«شركة سامسونغ سي آند تي» الكورية ومؤسسة الخليج للاستثمار الكويتية، بكلفة تصل إلى 250 مليون دينار.وسيتألف المشروع من وحدة تخزين عائمة، ومرفأ وحاجز بحري لاستلام الغاز الطبيعي المسال، ومنصة مجاورة لتبخير الغاز المسال ليعود إلى حالته الغازية، وأنابيب تحت الماء لنقل الغاز من المنصة إلى الشاطئ، ومرفق بري لاستلام الغاز، إضافة إلى منشأة برية لإنتاج النيتروجين. وتبلغ قدرة المشروع 800 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم، وعند اكتمال المشروع في بداية 2019 سيتم العمل بموجب اتفاقية مدتها 20 عاما.ولفت الأنصاري أن الاقتصاد البحريني يعتمد بشكل كبير على النفط، في حين أن الحكومة البحرينية تسعى من خلال أحد أهم أولوياتها في تنويع اقتصادها واعتمادها على مصادر القطاعات المختلفة. وقد كان الغاز الطبيعي على رأس القائمة الداعمة لأجندة تنويع مصادر الاقتصاد، وذلك باعتباره أحد أبرز الموارد الطبيعية في البحرين.واعتبر أن هذا الأمر نتيجة اعتيادية، نظرا لاعتماد البحرين على الغاز الطبيعي في إنتاج النفط وتوليد الكهرباء. في حين يمثل القطاع الصناعي المتطور المحرك الثالث لاقتصاد البحرين، حيث انه ضاهى ما يقارب 40% من الطلب في عام 2015.ولفت الأنصاري أن المملكة تشهد ارتفاعا في الطلب، فإن احتياطات الغاز الطبيعي محدودة، وعليه فإن الحفاظ على إمدادات الغاز الطبيعي أمر في غاية الأهمية خلال السنوات القادمة.أهمية المرفأ المستقبليوحول أهمية مرفأ استيراد الغاز المسال للبحرين، أوضح محلل الأبحاث في الشركة العربية للاستثمارات البترولية إن الغاز الطبيعي المسال هو الغاز الطبيعي الذي تم تحويله إلى شكل سائل وذلك لسهولة نقله أو تخزينه. وسيستورد المرفأ الدائم الذي يتم بناؤه حاليا في المنطقة الصناعية في ميناء خليفة بن سلمان، الغاز الطبيعي السائل من عدة دول مختلفة، ومعالجة مليارات الأمتار المكعبة سنويا، مما يمكن البحرين من تلبية الطلب المتزايد والموسمي.واعتبر أنه من المثير للاهتمام، أن التكوين الفريد للمرفأ سيفتح المجال للبحرين بأن تكون المركز الإقليمي الرئيسي لتوزيع الغاز في المنطقة. وخلال بضع سنوات من الآن، لربما تكون البحرين قادرة على إعادة تصدير الغاز الطبيعي المسال للدول الأخرى مع تزايد الطلب في المنطقة. وقال: «بمجرد بدء عمليات التشغيل في المرفأ فإنها ستكون المنشأة الثانية من نوعها في العالم والأولى في المنطقة. والذي من شأنه أيضا أن يؤكد التزام المنطقة بالحفاظ على مصادر الطاقة وتوفيرها خصوصا في ظل التحديات التي يواجهها القطاع لتلبية الطلب المتزايد والمستمر. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المشروع سيكون بمثابة علامة فارقة في المملكة».نموذج للشراكة بين القطاعين العام والخاصوحول آلية تمويل المشروع، قال الانصاري «عادة ما تكون مثل هذه المشاريع ممولة من الحكومة. ولقد كان من المثير للاهتمام أنه تم اتباع مسار مختلف لهذا المشروع ليكون شراكة بين القطاعين العام والخاص، والذي سيسهم في الاستفادة من الخبرات المختلفة للمساهمين والتركيز بشكل أكبر على الجدول الزمني للمشروع».ولفت أن أي تأخير سيكبد المشروع عواقب جسيمة. وسيتم تحمل الأعباء المالية من قبل المساهمين ولجنة من تسعة بنوك عالمية وإقليمية. والذي سيعطي مرونة أكبر لأموال الحكومة وتخصيصها لقطاعات مختلفة أخرى من أجل تعزيز اقتصاد المملكة خلال السنوات القادمة.وأكد الأنصاري أنه لا تزال الشراكة بين القطاعين العام والخاص أحد الأمور غير المعتاد عليها والجديدة تماما في هذا المجال، ويعتبر مرفأ استيراد الغاز الطبيعي المسال أحد العلامات المميزة والفارقة للتمويل في المنطقة.وتنص بنود الاتفاقية على أن يكون المرفأ ملكا لشركة البحرين للغاز المسال (شركة ذات مسؤولية محدودة)، وهي مشروع مشترك تأسس حديثا وتعود ملكيته بنسبة 30% للشركة القابضة للنفط والغاز، ونسبة 70% لتحالف شركات «تيكاي إل إن جي» و«سامسونغ» ومؤسسة الخليج للاستثمار.وبحسب الاتفافية المبرمة سيتم تنفيذ المشروع وفق نظام الإنشاء والتملك والتشغيل ونقل الملكية (BOOT)، وسيقع المشروع في منطقة الحد الصناعية، ويهدف المشروع لدعم انتاج الغاز المحلي في البحرين لضمان القدرة على تلبية الطلب المتزايد على الغاز، كما سيمكن البحرين من الحصول على الغاز المسال المتداول دوليا بأسعار تنافسية.ويتشارك تحالف من 9 بنوك إقليمية ودولية لتمويل قرض مشترك للمشروع بقيمة 741 مليون دولار على 20 عاما، كما تولت شركة التأمين التجارية الكورية (كيشور) تغطية ما يقارب من 80% من المخاطر التجارية والسياسية للتمويل، على أن يكون بنك ستاندرد تشارترد ومؤسسة استثمارات النفط العربية وبنك التنمية الكوري كبنوك استشارية.ويضم تحالف البنوك: مؤسسة استثمارات النفط العربية، بنك ستاندرد تشارترد «مركز دبي التجاري العالمي»، وبنك التنمية الكوري، البنك الأهلي المتحد، بنك سانتندر، بنك كريدي أجريكول، بنك أي إن جي، نتكسيس، وسوسيه جنرال.
مشاركة :