الحصار يهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأسرها

  • 6/22/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

قالت الكاتبة التونسية البريطانية سمية غنوشي، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، إن أزمة الخليج الراهنة، التي تهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأسرها، لم تخرج من العدم؛ إذ تكمن أصولها في تنافس أعمق، ومتأصل في الجغرافيا السياسية للربيع العربي، عندما انتفض الناس وهددوا بالإطاحة بنظام قائم كان يحبذ الحفاظ على الاستبداد. وأضافت الكاتبة، في مقال نشره موقع «ميدل إيست آي» البريطاني، إن الحكام المستبدين في المنطقة اعتبروا هذا تهديداً مباشراً لسلطتهم، ومن ثم بدأوا في استثمار مواردهم في جهود مضادة للثورة تقودها دول خليجية. بيد أن جارتهم قطر، وهي موطن شبكة الجزيرة الإخبارية، اختارت اتجاهاً مختلفاً وقررت أن تتبنى التغيير، وهكذا بدأ صراع شرس في أحد من أكثر المواقع الاستراتيجية في العالم. وأشارت إلى أن دولاً خليجية قادت منذ ذلك الحين جهوداً متعددة الجوانب وناجحة إلى حد كبير لدحر إرث الربيع العربي؛ فقد تشجعوا في عام 2013 عندما قام حلفاؤهم في الدولة المصرية العميقة بانقلاب ضد الرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد مرسي الذي يقف حالياً وراء القضبان. هذه الحلقة الناجحة أدت إلى بذل جهود مضادة للثورة في ليبيا، حيث يجري تقديم الدعم إلى الجنرال الوحشي خليفة حفتر، الذي يأمل في إعادة بناء ليبيا إلى مجلس عسكري. وتابعت الكاتبة: كما أن جار ليبيا، تونس، مهد الربيع العربي، لم تنج من ذلك. وشاركت دولة الإمارات العربية المتحدة بنشاط في السعي لزعزعة استقرار الديمقراطية الوليدة وتشويه سمعتها في هذه الدولة الوحيدة التي نجح فيها الربيع العربي. وأكدت الكاتبة أن كل ما حدث تم التخطيط له، وبالنسبة للثورة المضادة التي تقودها دول الخليج، فإن الرسالة الموجهة إلى شعوبها واضحة وهي «إما الطاعة العمياء لحكمنا المطلق، أو الاضطرابات والفوضى»، مشيرة إلى أن كل من يقف في طريق هذا المخطط يعتبر تهديداً وجودياً. ولذلك، فإن محاربة الديمقراطية باتت مسألة حياة أو موت بالنسبة لهذه الأنظمة. ومضت الكاتبة للقول إنه «تحت غطاء الواقعية السياسية، فإن المراكز اليمينية في أوروبا والولايات المتحدة، والآن إدارة ترمب أيضاً، عززت للأسف هذه الرواية الكاذبة، من خلال طرح الأسطورة القائلة بأن الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط تعمل كحصن ضد الإرهاب، والإسلاموية الراديكالية، وجميع احتمالات الفوضى، ويؤكدون على أن هذا هو الحل الأفضل في منطقة غير صالحة للحرية والديمقراطية. واستدركت الكاتبة: بيد أن الحقيقة هي أن الطغيان الذي يهمش مظالم الناس وتطلعاتهم، ويعزز اليأس من أي مخرج أو مستقبل قابل للاستمرار، هو ما يدفعهم إلى أحضان التشدد. وقالت الكاتبة إنه «بالمقارنة مع جيرانها، أظهرت قطر انفتاحاً أكبر تجاه المثل العليا للمشاركة السياسية وحرية الفكر والتعبير والتنظيم، وهي مثل كانت في صميم الربيع العربي». وأشارت إلى أن المرأة القطرية تشارك بشكل كامل في الحياة العامة، وتتمتع وسائل الإعلام، مثل قناة الجزيرة، بديناميكية وحرية، كما سعت الدولة لتعزيز ديمقراطيتها الانتخابية المحلية والبرلمانية باطراد على مدى السنوات الأخيرة. وذهبت الكاتبة للقول إنه «ليس من قبيل المبالغة القول بأن قطر هي الأكثر تحرراً في ممالك الخليج. وهذا هو سبب الحملة ضد قطر اليوم والتي بلغت ذروتها في الآونة الأخيرة من خلال قيام أنظمة غير ليبرالية في المنطقة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع هذه الدولة ووضعها تحت الحصار الاقتصادي المؤلم». واشارت إلى أن ما وصفته بـ «محور الاستبداد العربي» نجح حتى الآن في كبح التغيير الديمقراطي في المنطقة من خلال زرع الفوضى من ليبيا إلى اليمن. ولكن هذه لعبة متهورة ونتائجها غير متوقعة، وقد يخرج التنافس الإقليمي المحدود بسهولة عن السيطرة ويتحول إلى صراعات مدنية خطيرة وحروب أوسع نطاقاً. مع ذلك- والقول للكاتبة- فمن المؤكد أن توق العرب إلى التغيير والكرامة والتحرر لا يزداد إلا قوة وسط حقيقة قاتمة من الفشل الاقتصادي والسياسي والتهميش والنزاع الأهلي. واختتمت الكاتبة مقالها بالقول: «ربما أحبطت الموجة الأولى من الربيع العربي في معظم أنحاء المنطقة، لكن هناك بالفعل موجات أخرى تلوح في الأفق».;

مشاركة :