ماذا بعد خمسين عاما ً من الإحتلال؟ رسالة مفتوحة إلى الرئيس محمود عباس ـ

  • 6/22/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

مما يؤسف له أن العديد من القادة الفلسطينيين لا يزالون يركزون على تدمير إسرائيل بدلاً من بناء بلدهم بحجة أن التركيز على التنمية وبناء البنية التحتية والمؤسسات المدنية هو بمثابة قبول للوضع الراهن. إنهم مخطئون تماما ً. إنه بناء هياكل الدولة ومجتمع مزدهر الذي لا تريد أن تدمره، الأمر الذي سيعطي إسرائيل بصورة غير مباشرة الثقة بأنك تريد سلاماً دائماً. وعلى نقيض إسرائيل التي أصبحت قوة عالمية وواحدة من أكثر الدول تقدما في العالم، لا يزال الفلسطينيون كيانا متخلفا. فبدلا من بناء مستقبل واعد للأجيال القادمة بقبول واقع إسرائيل وتعلم التنافس بصورة بناءة، تحتوي المناهج المدرسية الفلسطينية على التلقين والإستعداد للنزاع العنيف القادم، مصورة كل إسرائيلي كجندي مستعد للقتل والتدمير. ومما يزيد من تعزيز الحجة الإسرائيلية بأن الفلسطينيين لن يقبلوا أبدا بإسرائيل عند أي حدود أن المدارس تستخدم خرائط لا توضح الحدود الإسرائيلية المرسومة دوليا على طول حدود عام 1967، وهذا ما تقبله. لقد أشار وزير التعليم صبرى صيدم بهذا الصدد بقوله: "سألتزم فقط بالخريطة التي يريدها الفلسطينيون". ولخرائط لا تحدد وجود إسرائيل في الكتب المدرسية " آثار مضاعفة " لأنها تزيد من إطالة أمد الصراع على أمل استعادة الأرض كلها. مثال على ذلك، الإجابة على السؤال حول "المساحة السطحيّة لفلسطين" بأنها 27027 كيلومترا مربعا تعتبر إجابة صحيحة، ولكن هذه تشمل كل إسرائيل الحالية. لقد أظهرت دراسة حديثة للكتب المدرسية الفلسطينيّة أن هناك تمرينا ً في كتاب للصف الرابع "يدعو الأطفال إلى الكتابة عن شهيد فلسطيني يختارونه". ودفاعا عن استخدام كلمة "شهداء"، قال وزيرك صبري صيدم: "ما يعتبره البعض بطلا ً، يعتبره الآخرون إرهابيّا ً". لقد رفض هذا الوزير محاولات الأونروا (وكالة غوث وتسشغيل اللآجئين) لرفع المنهاج الفلسطيني لمعايير الأمم المتحدة، قائلا "إنّ مسؤوليتي كوزير للتعليم هي حماية الرواية الفلسطينية". فقبولك، سيادة الرئيس، لموقف وزيرك بشأن هذه المسألة الحساسة للغاية يشير إلى أنك أنت جدير باللوم مثله، ولكن أنت من يجب أن يتحمل المسؤولية في نهاية المطاف. أنا شخصيا أعتقد أنك تريد تسوية الصراع مع إسرائيل على أساس حل الدولتين. ولكن إذا وضعت نفسك، سيد عباس، في جلباب مواطن إسرائيلي ينظر في ما يقال، ويُفعل، ويدّعى، ويروّج له ويوعظ في المساجد ويُعلّم في المدارس، كيف ستشعر؟ هذا ما تواجهه أنت بالفعل. فتصريحك بأنك تدعم حلّ الدولتين يبدو أجوفا ً وغير صادق، بغضّ النظر عن نواياك الحقيقيّة. سيّد عباس، عليك أن تدرك بأن إستئناف مفاوضات السّلام تحت الظروف الحالية أمرٌ عقيم ولن يؤدي إلى شيء. يجب عليك أن تبدأ بتغيير روايتك الشعبيّة وأن تكون صادقا ً مع شعبك بأن سياسة المواجهة قد فشلت. مطلوب إستراتيجيّة جديدة لحشد الطيف السياسي الوسط والأيسر في إسرائيل لدعم حلّ الدولتين وفي نفس الوقت تحرير العديد من الإسرائيليين من أوهامهم وتصوراتهم ممّن يغذون الصراع لتبرير معارضتهم الشموسة لإنهاء الإحتلال. تستطيع أن تضع حكومة نتنياهو في الموقف الدفاعي بالمطالبة بعمليّة مصالحة أوّلا ً، أي إجراءات شعب لشعب، لفترة لا تقلّ عن عامين، وذلك لتخفيف عدم الثقة العميق وتبديد المخاوف حول الأمن. يجب عليك أن توضّح تماما ً بأن الفلسطينيين يسعون لدولة على أساس حدود عام 1967 وبأنهم منفتحين لعمليات تبادل الأراضي، وأنّ ليس لديهم طموحات إقليمية عدا ذلك. يجب عليك أن تبدأ بأقوى العبارات بإدانة أيّ عمل عنف وإرهابي وتنهي التحريض بكلّ أشكاله وتحرّر شعبك من أوهام فكرة أنّ إسرائيل ستختفي يوما ً ما. ينبغي عليك أن تطالب بنشاطات مشتركة بين الشباب الإسرائيلي والفلسطيني في مجالات الرياضة والفنّ والمسرح، وأن تسعى لتقوية السياحة في الإتجاهين. إنّ استراتيجية المصالحة أمر ٌ ضروري لتمهيد الطريق لمحادثات سلام بناءة. ستضعف هذه الإستراتيجيّة شوكة الأحزاب اليمينيّة المتطرفة الممسوسة بوهم أنه بإمكانها الحصول على كلّ شيْ، وفي نفس الوقت تقوي أيدي اليسار والوسط الإسرائيلي اللذين يدعمون إقامة دولة فلسطينيّة. سيكونون في موقف ٍ أقوى بكثير من ذي قبل لرفع أصواتهم والتجمع خلف إنهاء الإحتلال دون خوف من أن يُقال بأنهم خونة. أنا معروف بالدعوة إلى إنهاء الإحتلال بأي شكل من الأشكال، ولكن أنا أيضا معروف بتسميته كما أراه. هذا، سيد عباس، هو ما تواجهه أنت. يجب أن تستخدم الآن حجة الإسرائيليين المتشددين الذين يدعمون الإحتلال ضدهم. بتبني هذه الاستراتيجية الجديدة، لن تقوم فقط بنزع سلاحهم بالجملة، ولكنك سوف تحفز أيضا العديد من الإسرائيليين للتجمع وراء قضية إنهاء الإحتلال.   د. ألون بن مئير أستاذ العلاقات الدولية بمركز الدراسات الدولية بجامعة نيويورك ومدير مشروع الشرق الأوسط بمعهد السياسة الدولية

مشاركة :