أكدت ورقة تقدير الموقف الصادرة عن مركز الجزيرة للدراسات فشل مراهنة الرياض وأبوظبي على واشنطن ورغم تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بداية الأزمة إلا أنه منذ 7 يونيو2017، وبعد صدور بيان الخارجية الأمريكية حول الأزمة، اتضح أن الرئيس الأمريكي ليس على توافق تام مع كبار أركان إدارته، وأنه قد لا يكون على دراية كاملة بطبيعة المصالح الأمريكية في الخليج وتعقيدات الأزمة. وخلال الأيام القليلة التالية، بدا وكأن الرئيس أخرج تمامًا من ملف الخليج، وأن وزارتي الخارجية والدفاع تتوليان معالجة الأزمة، على أساس من تقدير يقول: إن الأزمة لا تصب في مصلحة الولايات المتحدة، وإن حصار قطر لا يبدو أمرًا مقبولًا، وإن على أطراف الأزمة تجنب التصعيد والتفاوض لحل الخلافات، وإن الولايات المتحدة تدعم الوساطة الكويتية وعلى استعداد لتقديم كل مساعدة ممكنة لإنجاحها. مع منتصف يونيو 2017، وبالرغم من عدم وضوح مدى التقدم في الوساطة الأمريكية، لم يعد ثمة شك في أن مراهنة دول الحصار على تأييد أمريكي صريح لموقفها لم تنجح. ونوهت الورقة بمطالبة الخارجية الأمريكية في 21 يونيو دول الحصار بتسوية الأزمة ضمن عدد من المحدِّدات، أولًا: داخل مجلس التعاون الخليجي وضمن الوساطة الكويتية، ثانيًا: أن تكون المطالب معقولة وقابلة للتنفيذ، ثالثًا: الحرص على وحدة مجلس التعاون الخليجي وتماسكه. وهي اشتراطات ضيَّقت على خيارات دول الحصار، التي كانت تريد تدويل خلافها مع قطر، وفرض وصاية دولية عليها، وتجاوز مجلس التعاون الخليجي وقواعده. الموقف التركي الأكثر فاعلية في رفض الحصار بدا الموقف التركي الأكثر فاعلية في رفض حصار الشعب القطري وأشارت الورقة إلى أن تركيا حافظت على موقف متزن من جهتي الخلاف في بداية الأزمة، ولكن مع التصعيد ضد قطر بقرارات القطيعة والحصار، اتخذ الرئيس رجب طيب أردوغان قراراً فورياً بسدِّ حاجات قطر من السلع الاستهلاكية وطرح اتفاقية التعاون العسكري مع قطر للنقاش في البرلمان التركي، يوم 7 يونيو 2017، والتصويت لإقرار الاتفاقية في اليوم نفسه. وفي 18 يونيو 2017، أعلنت قطر رسميًّا عن بدء وصول طليعة القوة التركية المفترض تمركزها في قطر. وأكدت الورقة أن أنقرة تبدو حريصة على إظهار موقف الطرف غير المنحاز، والمصر على القيام بدور الوسيط؛ وهو المعنى الذي حاولت زيارة وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في منتصف يونيو 2017، لقطر والكويت والسعودية، أن تحمله. بيد أن هناك الكثير من الشك في ما إن كانت السعودية والإمارات ستوافقان على وساطة تركية. فشل الحشد خليجياً وعربياً وإقليمياً أكدت الورقة أن سياسة مقاطعة قطر وحصارها، ومحاولة تأليب قبائل موزعة بين قطر ودول الخليج الأخرى، لم تُستقبل بتأييد شعبي في السعودية والإمارات والبحرين. كما فشل الحصار على المستويين العربي والإقليمي وأن قائمة الدول المؤيدة للحصار بقطع العلاقات أو تخفيف التمثيل الدبلوماسي تخضع في معظمها لضغوط ومساعدات دول الحصار مثل مصر والأردن وجيبوتي وموريتانيا وحكومة اليمن وحكومة طبرق الليبية غير المعترف بها دولياً فيما رفضت السودان والجزائر وتونس ولبنان وفلسطين والحكومة الليبية المعترف بها دولياً في طرابلس والعراق والمغرب الذي بادر بإرسال طائرة من المعونات الغذائية إلى قطر، في خطوة رمزية للدلالة على التضامن العربي والإنساني. من جهة أخرى، اتفقت دول الجوار الرئيسية، تركيا وإيران وإثيوبيا، على رفض الالتحاق بمعسكر القطيعة والحصار، وإن اختلفت دوافعها وردود فعلها. جريمة القرصنة جزء من مخطط الحصار ليس ثمة شك في أن قرار الهجمة على قطر والعمل على إخضاعها اتُّخذ في دوائر القرار السعودي والإماراتي قبل أسابيع، على الأقل، من حادثة قرصنة موقع وكالة الأنباء القطرية، في 23 مايو 2017، التي استُخدمت كمبرر لإطلاق الحملة الإعلامية ضد قطر. وما يؤكد أن القرصنة كانت جزءًا من الخطة هو نتائج التحقيق الذي أجرته وكالة التحقيق الفيدرالي الأمريكية التي أكَّدت وقوع القرصنة، وكذلك إعلان النائب العام القطري، علي بن فطيس المري، الحصول على أدلة كافية على أن القرصنة تمت من دولة من دول الحصار. قائمة الإرهاب المزعومة تبرئ قطر أشارت الورقة إلى أنه من الواضح أن السعودية والإمارات لم تُجريا اتصالات مسبقة لبناء تحالف من الدول، يعزِّز من موقفها، وأنها فوجئت برفض العديد من الدول العربية والإقليمية تأييد حصار قطر ومقاطعتها. كما ظهر أن قائمة الإرهاب التي أعدتها وُضعت على عجل، وأنها حملت من الأدلة على عدم كفاءة من أعدَّها، أكثر من الأدلة على إدانة لقطر. وضمَّت القائمة، مثلًا، منظمات خيرية ذات اعتبار دولي؛ ومستشارًا مقرَّبًا من الرئيس اليمني، الذي يُفترض أنه وقف إلى جانب دول الحصار؛ ومصريًّا معتقلًا في سجون بلاده، لم يدخل قطر مطلقًا، وقائد القوة القطرية في الحدِّ السعودي الجنوبي، الذي وقف وقواته دفاعًا عن السعودية وأمنها طوال شهور. فوق ذلك كله، وبعد مرور أربعة أسابيع على اندلاع الأزمة، يعترف المسؤولون السعوديون والإماراتيون أن ليس ثمة قائمة رسمية قد أُعدِّت بعد لشكاواهم من قطر أو المطالب التي يتوقعون من الدوحة أخذها في الاعتبار؛ ما جعل الخارجية الأمريكية تشكِّك في الاتهامات التي روَّج لها المقاطعون وتصفها بالمزعومة.
مشاركة :