في الوقت الذي أدانت المحكمة الإدارية في محافظة جدة «مسؤولاً» في أمانة جدة، و«رجل أعمال» بتهمة الرشوة واستغلالهما السلطة الوظيفية التي ارتكباها، والتلاعب في إجراءات معاملات الأراضي الواقعة في قرية «الغولا»، عاد الأمل إلى أكثر من 200 مواطن من أهالي القرية لاستعادة أراضيهم المختطفة منذ أعوام عدة التي تصل قيمتها إلى 600 مليون ريال. إذ أصدرت المحكمة حكماً بالسجن خمسة أعوام لـ«المسؤول» و«رجل الأعمال»، وتغريمهما 700 ألف ريال على خلفية محاكمات المتهمين في كارثة السيول التي ضربت محافظة جدة أواخر عام 2008. ومنحت تلك الأحكام بحق المتهمين «الأمل» لأكثر من 200 مواطن من أهالي قرية «الغولا» الواقعة شمال جدة، والذين لا يزالون يبحثون داخل أروقة الجهات الحكومية ذات الاختصاص من أجل استعادة أراضيهم التي منحتها «الأمانة» كتعويض لـ«شخصية اعتبارية» عن أرضه. وتحدث عدد من أهالي قرية «الغولا» عن معاناتهم بعد فقدان أراضيهم التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم كمزارع يزرعونها باستمرار مع هطول الأمطار ويقتاتون منها لقمة عيشهم. وأوضح المواطنان رجاء الله معطي، وظافر جليدان أن مساحة الأرض الإجمالية لتلك المزارع التي يملكون على البعض منها صكوكاً زراعية والبعض منها مستندات وحججاً ووثائق منذ عام 1351 هـ حوالى 22 مليون متر مربع. وأكدا أنهما فوجئا دون علمهما أن أمانة جدة وافقت على تخصيصها لإحدى الشخصيات الاعتبارية لتعويضه عن قطع أراضيه التي تم تخصيصها لأحد المشاريع الخدمية في محافظة جدة. وأوضح المواطنون عبدالله الحمراني وعبدالله حمادي وعبيد الحمراني أن «سيناريو» اختطاف الأرض منهم استمر بكتابة أحد رجال الأعمال لـ«صك» شرعي للمزارع باسمه بمباركة، وتسهيلات عدد من «مسؤولي» الأمانة، وتم بيعها على اثنين من «رجال الأعمال» بمبلغ 600 مليون ريال، وأفرغت من الصك ثلاثة صكوك استحكام. وأضافوا: «فور علمنا بذلك قدمنا عدداً من البرقيات للجهات المختصة والتي على إثرها وجه أمير منطقة مكة سابقاً الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز رحمة الله عليه في حينه بعدم الإحداث في الأرض المعترض عليها حتى يتم الفصل فيها، وأمرت الجهات العليا بتكوين لجنة للنظر في الموضوع». وقالوا: «لا نعلم ما هي مرئيات اللجنة، ولم نعرف أين هي المعاملة التي كونت من أجلها اللجنة ، إذ إنه وعند مراجعتنا لأمانة مدينة جدة لا نجد إجابة واضحة، سوى أن المعاملة حفظت صورة منها لديهم في الأمانة والأصل أرسل لوزارة الشؤون البلدية والقروية بالرياض برقم 3100225898 وتاريخ 8-5-1432هـ». وأكد أهالي قرية «الغولا» أن الأحكام القضائية التي أصدرتها المحكمة الإدارية بجدة ضد «مسؤول» في الأمانة، وأحد رجال الأعمال على خلفية إدانتهم بجرائم الرشوة واستغلال السلطة الوظيفية التي ارتكبوها أعادت لهم الأمل في استرداد مزارعهم، ومزارع أقاربهم الذين يبلغ تعداد ورثتهم أكثر من 200 شخص بينهم أرامل وأيتام، وذوو الدخل المحدود. يذكر أن المدعي العام طلب من المحكمة إيقاع عقوبة تعزيرية على المتهمين في كارثة جدة بما يحقق المصلحة العامة، كون الأفعال التي ارتكبوها مخالفة صريحة للأوامر والتعليمات وعدم مراعاة مصالح الوطن والعامة من الناس وهو ما أدى إلى إزهاق أرواح البشر والذي تجاوز عدد المتوفين فيها الـ100 شخص بحسب تقرير الدفاع المدني وإصابة 350 شخصاً، إذ تضمنت قرارات الاتهام التي وجهتها هيئتا الرقابة والتحقيق والتحقيق والادعاء العام إلى المتهمين من مسؤولين في الدولة ورجال أعمال تهماً عدة، أبرزها السماح للمواطنين بالبناء في مجرى السيل مخالفاً بذلك التعليمات والأوامر الملكية السابقة التي تقضي منع البناء والتملك في بطون الأودية، والسماح لمواطنين بالاستفادة من قطعهم السكنية في مخطط أم الخير شرق جدة الواقع في مجرى للسيل وإزهاق الأرواح البشرية وإتلاف الممتلكات العامة فضلاً عن ارتكابهم جرائمَ أخرى شملت قضايا الرشوة والتفريط في المال العام والإهمال في أداء واجبات وظيفية. قانوني: يحق لـ«أهالي القرية» ملاحقة «الملاك» الحاليين قضائياً علق المحامي أحمد الغامدي على قضية أهالي قرية «الغولا» بقوله: «يحق لأهالي «الغولا» الادعاء بأنهم الملاك الحقيقيون للأرض ولهم رفع الدعوى على من بيده العين، وهما «رجلا الأعمال» اللذان يملكان الأراضي الآن». وتابع: «لكل من يتضرر في ملكه ويَعتدي الغير عليه يحق له رفع الدعوى أمام القضاء رداً لحقه، ونحن هنا بصدد واقعة اعتداء على أراضٍ مملوكة لمجموعة من المواطنين، وهذا الاعتداء يوصف شرعاً بالغصب، وهو أخذ ملك الغير من دون إذنه على وجه الغلبة والقهر وهو دون الحرابة وذلك من قبيل أخذ أموال الناس بالباطل». واعتبر المحامي الغامدي أن الحجج والوثائق التي يملكها أهالي «الغولا» منذ أكثر من 80 عاماً ستفيدهم في شكل كبير في دعواهم أمام المحكمة باعتبارها إحدى البينات لإثبات ملكيتهم. وأضاف أن الأحكام الصادرة بحق المتورطين في جرائم رشاوى سيول جدة ستفيد المتضررين أيضاً من إثبات واقعة «الغصب» على أملاكهم بحسب ما يدعون فما بني على باطل فهو باطل حكماً، مشيراً إلى أن القضاء سيحكم لصالحهم بثبوت ملكية كل منهم لعقاره في هذه الأرض. المحكمة الإدارية في جدة
مشاركة :