مشروع القانون الخاص باللجوء إلى إضفاء طابع قانوني لأوضاع اللاجئين وطالبي اللجوء في البلاد وتنظيم التعامل مع هذه المسألة. وبطلب من الحكومة التونسية، تقدّم المفوّضية المساعدة إلى السلطات التونسية من أجل صياغة قانون وطني حول اللجوء. واستقبلت تونس لاجئين من دول عربية وأفريقية بسبب نزاعات تعاني منها المنطقة خاصة من ليبيا بأعداد كبيرة بلغت الآلاف منذ بداية الأزمة الليبية في فبراير 2011، وشكلت نموذجا في التعايش والتضامن وتكريسا لدولة حقوق الإنسان. وتدعم الحكومة مشروع قانون خاص باللجوء لوعيها بحجم التحديات الدولية الراهنة واستمرار النزاع، وفي إطار سياسة وقائية تتأهب لأزمات إنسانية مرتقبة وطارئة، وما قد ينجم عنها من تداعيات أمنية. وقال عبدالباسط بن حسين رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان لـ”العرب”، “نحن الآن في مرحلة الدفع في مسار اعتماد هذا القانون”، مشيرا إلى أن “المعهد العربي لحقوق الإنسان والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين يقومان بحملة مناصرة لهذا القانون”. وكان يوسف الشاهد اطلع في فبراير الماضي على الحملة التي أعدها المعهد العربي لحقوق الإنسان لمناصرة قانون اللجوء في تونس. وسيحوّل مشروع القانون الخاص باللجوء المعروض على رئاسة الحكومة ما جاء في الدستور التونسي إلى تشريع هام وتقدمي، حيث سيضمن حماية حقيقية للاجئين. ويكفل الدستور التونسي الجديد المصادق عليه عام 2014 حقوق اللاجئين ويعكس مدى التزام تونس بمبادئ حقوق الإنسان. ويضيف بن حسين “هناك استعداد من العديد من الأطرف السياسية والمدنية لدعم هذا المشروع ونرجو أن يقع اعتماده قريبا حتى يضاف إلى منظومة حقوق الإنسان التي تراهن عليها تونس”. وأوضح أن القانون “سيرفع اللبس في التعريف باللجوء وصفة اللاجئين وسيمكن تونس من إطار قانوني يحمي أمنها لجهة توضيحه لوضعية اللاجئين”. وقامت القوات التونسية الإثنين بتفكيك مخيم الشوشة في مدينة بنقردان جنوب البلاد، وإجلاء من تبقى فيه في خطوة تحد من أنشطة مهربي البشر والهجرة السرية واللاجئين غير القانونيين وغير المسجلين لدى المفوضية السامية لحقوق الإنسان. واستقبل المخيم الآلاف من اللاجئين الهاربين من ليبيا إبان اندلاع الاحتجاجات ضد حكم العقيد الراحل معمر القذافي. ويعتقد بن حسين أن القانون “سيمكن تونس من الإيفاء بالتزاماتها الدولية، كما سيحول قضية اللجوء من مسألة معقدة يُتعامل معها أمنيا إلى مسألة تنموية. وسيساهم في حماية حقوق اللاجئين واندماجهم بالمجتمع وقيامهم بدور إيجابي يدفع نحو التعايش والتنمية”. وتشغل تونس منذ سنة 1958 خطة عضو دائم في اللجنة التنفيذية لبرنامج المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. ولفت عبدالباسط إلى أن “اللاجئين الذين يغادرون بلدانهم في أوضاع قصوى كانتهاكات حقوق الإنسان والحرب، لهم من الكفاءة ولهم من القدرات ما يساهم في تحقيق التنمية من جهة والحفاظ على حقوقهم من جهة أخرى”. ويشير إلى أن “القانون لن يمنح صفة لاجئ لكل من تورط في أعمال إجرامية وكذلك إرهابية أو جرائم ضد الإنسانية، فالقانون من ميزاته إبعاد كل من يتورط في الجرائم من الحصول على صفة لاجئ وهذا حماية كبيرة لأمن البلاد”. ويرى عبدالباسط أنه للحد من أزمة اللجوء “يجب أولا احترام سيادة الأوطان والوقاية من النزاعات والحروب وتحقيق السلم، إذ أصبح العالم العربي ينتج أكثر من نصف اللاجئين في العالم وهو ما يتطلب إيجاد أرضية لتوافقات دولية من أجل حل سلمي للنزاعات”. وينص مشروع القانون الجديد الذي يضمن حقوق اللاجئين في تونس على جملة من الحقوق والحريات مثل الحق في التعليم وحرية التنقل داخل البلاد وخارجها واختيار مقر الإقامة والحق في الشغل والضمان الاجتماعي وممارسة مهنة حرة والحق في تعاطي أعمال الفلاحة والصناعة والحرف اليدوية والتجارة وتكوين الشركات. وسيمكن القانون من إنشاء هيئة وطنية للجوء تعمل على ضمان حسن تطبيق القانون وتمكّن من القيام بدراسات حول وضعية اللاجئين والمتابعة الدقيقة لظروفهم الاجتماعية وإسناد حق التمتع باللجوء أو حجبه. وذكر أبوشنب خلال مؤتمر صحافي عقده المكتب الأممي في تونس بالتعاون مع المعهد العربي لحقوق الإنسان بتونس أنه “في حال اعتماد هذا القانون، فسيكون أوّل مشروع قانون وطني خاص باللجوء في شمال أفريقيا والشرق الأوسط”. ولفت ممثل المفوضية إلى أن “الصياغة الفنية للمشروع الذي بدأت السلطات التونسية في العمل عليه منذ عام 2012، جاهزة”. وبحسب أبوشنب فإن “قرابة 650 ألف لاجئ موجودين في تونس، ومسجلين لدى المفوضية السامية للاجئين معظمهم من السوريين”.
مشاركة :