كم هو قاسٍ أن ينسلخ الإنسان من دينه ووطنه، ليعيش لنفسه ناسياً عقيدته، غير معلم أهله وولده ملته. إنها قصة مهاجر فلسطيني مسلم خرج إلى كولومبيا بعد ملاحقات أمنية في الأراضي المحتلة، ترك وراءه زوجة وأبناء ثلاثة، ثم بدأ حياة جديدة في هذا البلد، ليتزوج بامرأة كولومبية وينجب منها بطل قصتنا رشاد الذي لا يزال اسمه في جواز سفره «ريتشارد»، حيث اختار الأبوان حلاً وسطاً بين العربية والكولومبية بهذا الاسم. عاش رشاد مع والديه، لكنه لم يكن يعلم لأبيه ديناً، ولم تعلم أمه على أي دين يعيش زوجها، فهو لا يذهب معها إلى الكنيسة، ولا هو يصلي أمامها مثل المسلمين، ولا يتحدث عن الدين، بل كل شغله التجارة وحسب.عاش رشاد حياة عادية مثل أي كولومبي، لا يعرف عن الدين شيئاً، غير أن أمه أدخلته مدرسة كاثوليكية كانت متشددة في المسيحية، وكان بعض أساتذتها من رواد الكنيسة، فأثر ذلك في نفس ريتشارد. لكن ريتشارد لم تنقطع علاقته ببني وطنه فلسطين، حيث كان لقاؤه بهم في المناسبات والأعراس، ولم يكن للدين مكان في هذه المناسبات، حتى صار عمره خمسة عشر عاماً، وفيها بدأ التفكير في الدين. كثرت التساؤلات عند ريتشارد، وكان عليه أن يتوجه إلى أساتذته في المدرسة، وناقشهم عن المسيحية ومبادئها وعن عقيدة التثليث وعن بنوة المسيح، وخرج رشاد بعد هذه المناقشة وهو أكثر شكاً في المسيحية، وبعدها بدأت فكرة الدين تشغله، فهل سيخرج من المسيحية وإلى أي دين سيذهب؟ يقول رشاد: كان عندنا بعض الجيران أصبحوا في دين اسمه شيت يهوه، وكانوا نشيطين في الدعوة لدينهم، فقرأت قليلاً عنهم، وكنت أرجع لنفس النقطة ولا أرتاح فتركتهم أيضاً، وكنت إذا رغبت في الصلاة أتوجه إلى الله بالفطرة وأقول: «يا الله» وأطلب منه الهداية، وأدعوه بما أشاء وأنا على غير دين. ظل ريتشارد على هذا الحال في بحثه عن الدين الحق والإله الحق، حتى حدثت المفاجأة بعد عام من هذا التفكير. يقول رشاد: «في يوم من الأيام، كان عمري 16 عاماً، ووجدت الوالد يصلي، وكان هذا مفاجأة كبرى بالنسبة لي، لأني أراه أول مرة يصلي، سألته فلم يرد علي لأنه كان يصلي، فذهبت لأمي أسألها فقالت: لا أدري، يبدو أنه مجنون، ثم بعد أن انتهى من الصلاة قال: يا بني، أنا آسف أني لم أبلغك بديني منذ صغرك وأعلمك، أنا ديني الإسلام، وظل يحدثني بكلام بسيط، لأنه لم يكن عالماً بالإسلام، فأثرت كلماته البسيطة في كثيراً. تأثر ريتشارد بما سمعه عن الإسلام من والده الذي رآه يصلي لأول مرة وحسبته أمه أن أباه أصابه الجنون، وبعد هذا اللقاء دخل الإسلام وبدأ بعدها خطوات عملية في تعلم الإسلام واللغة العربية، وبدأ في وصل أشقائه في فلسطين بوصية والده الذي مات بعد أن رجع لإسلامه، ثم أسلمت والدته وصارت أسرته كلها مسلمة، ليعمل الآن في الشبكة الإسلامية بوزارة الأوقاف مترجماً بين العربية والإسبانية والإنجليزية، وليصبح من جنود الحق بعد أن دخل النور قلب رشاد.;
مشاركة :