انتقدت منظمات حقوقية تونسية ودولية قانون الجماعات المحلية، الذي يعتبر الشرط الأساسي لتطبيق آلية الحكم المحلي عبر الانتخابات البلدية المقبلة، وذلك لأول مرة في تونس. وأوضحت هذه المنظمات في بيانات لها إثر جلسات استماع علنية عقدتها لجنة تنظيم الإدارة بالبرلمان، أن مشروع القانون الذي ستجرى على أساسه الانتخابات البلدية في 17 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل بحاجة ماسة لإعادة الصياغة أو التعديل، بالنظر لما تضمنه «من تناقض ومصطلحات غير واضحة وعبارات فضفاضة مبهمة».ودعت بعض الأحزاب السياسية مثل الحزب الجمهوري إلى النظر بجدية في مقترح تأجيل الانتخابات البلدية المقبلة، وفتح حوار وطني بين مختلف الأحزاب السياسية، على خلفية صعوبة التصديق على قانون الجماعات المحلية قبل تاريخ إجرائها المحدد.وفي هذا الشأن، قالت حبيبة اللواتي من جمعية «متضامنون»، وهي جمعية حقوقية تونسية مستقلة، إن جمعيتها التي اشتغلت خلال الفترة الأخيرة على مشروع قانون الجماعات المحلية ترى ضرورة التخفيف من فصول القانون الجديد، التي تحتوي على 381 فصلاً، وإلغاء الفصول الحاملة لمبادئ عامة وفضفاضة، موضحة أن كثافة الفصول القانونية تصعب عملية قراءتها، وتجعل النقاشات حولها طويلة ودون فائدة، مما سيؤثر على تطبيقها، وأنه من الضروري تركيز فريق عمل وإعادة صياغة فصول القانون الجديد، كما أكدت غياب باب كامل في قانون الجماعات المحلية يهم استخلاص مستحقات الجماعات المحلية، رغم أنه من أهم الأبواب التي تضمن استقلالية البلديات.وفي السياق ذاته، طالب وليد النفزي، منسق منتدى المتصرفين الماليين بالبلديات التونسية، بتوضيح دور الإدارة البلدية داخل المجلس البلدي بما يضمن حياد الإدارة البلدية، إضافة إلى العمل على توفير موارد بلدية جديدة تضمن استقلالية البلديات، وتغطي نفقاتها الإجبارية من تنظيف المدينة وإسداء الخدمات.على صعيد متصل، دعا عصام الشابي، رئيس الحزب الجمهوري المشارك في الائتلاف الحاكم، إلى فتح حوار وطني مع الأحزاب الموقعة على «وثيقة قرطاج»، التي تشكلت بمقتضاها حكومة يوسف الشاهد، وغيرها من الأحزاب، بما في ذلك المعارضة، وذلك لدراسة موعد الاستحقاق الانتخابي البلدي باعتباره أهم محطة انتخابية ستشهدها تونس، وقال إن الهدف من هذه الدعوة ليس تحقيق غايات سياسية، ولا يترجم محاولة التنصل من الاستحقاقات الانتخابية بقدر ما تتحكم في الموضوع اعتبارات موضوعية، على حد تعبيره.وقدم الشابي عرضاً للظروف غير المناسبة لإجراء الانتخابات في موعدها، ومن بينها على وجه الخصوص توقع تأخر المصادقة على قانون الجماعات المحلية التي شرع أخيراً البرلمان في مناقشتها على مستوى اللجان، الذي لا يمكن دونه إرساء آلية الحكم المحلي، علاوة على استقالة رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى جانب عضوين آخرين، ومواصلتهم مهامهم داخل الهيئة دون تقديم الأسباب الحقيقية لهذه الاستقالة.وكان رياض المؤخر، وزير الشؤون المحلية والبيئة، قد أوضح الأسبوع الماضي خلال مناقشة مشروع قانون الجماعات المحلية، أن الانتخابات البلدية المقبلة ستفرز نحو 7206 عضواً منتخباً، مشيراً إلى أن اللامركزية المنتظرة ستواجه كثيراً من الإشكالات على مستوى التنفيذ، ومن بينها صعوبة التفريط في السلطة من المركزي إلى المحلي، واعتبر أن الحكم المحلي ممثلاً في اللامركزية ليس هدفاً في حد ذاته، بل وسيلة لدفع التنمية وتحقيق التوازن بين مختلف الجهات.يذكر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شرعت منذ يوم 19 يونيو (حزيران) الحالي في تسجيل الناخبين للانتخابات البلدية المقررة في 17 ديسمبر المقبل، في ظل تخوفات من عدم التوصل إلى التصديق على قانون الجماعات المحلية الذي تنظر فيه اللجان البرلمانية حالياً، وبسبب المشكلات الداخلية التي تعاني منها هيئة الانتخابات بعد استقالة رئيسها، إضافة إلى مطالبة بعض الأحزاب السياسية بتأجيل موعد الانتخابات إلى بداية السنة المقبلة لتزامنها مع مناقشة ميزانية الدولة في فترة الاقتراع نفسها.
مشاركة :