أكدت المملكة العربية السعودية أن ظاهرة الإرهاب هي أخطر التحديات التي تواجه المجتمع الدولي في الوقت الراهن والتي لم تعد محاربتها شأناً محلياً ينحصر في حدود دولة ما وإنما تعدتها لتصبح هدف المجتمع الدولي بأسره. وأعرب المندوب الدائم للمملكة لدى منظمة الأمم المتحدة السفير عبد الله المعلمي في الكلمة التي ألقاها الليلة الماضية أمام الجمعية العامة الـ 68 حول المراجعة الرابعة للاستراتيجية العالمية للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب عن أسف المملكة العربية السعودية العميق حيال الأحداث الأليمة التي تجري في العراق والتي أدت إلى اقتحام القنصلية العامة لتركيا وخطف العاملين فيها وعوائلهم بالإضافة إلى العديد من المدنيين العاملين في إحدى محطات الطاقة، ودان العملية الإرهابية في باكستان التي راح ضحيتها ما يزيد عن 30 قتيلاً وعدد كبير من الجرحى، متمنياً أن تحمل هذه الأحداث الأليمة المجتمع الدولي ليكون أكثر إصراراً واتحاداً في مواجهة ظاهرة الإرهاب العالمي. وأوضح المعلمي أن المملكة عانت من عمليات الإرهاب واتخذت التدابير اللازمة لمحاربة هذه الآفة الخطيرة على جميع المستويات الوطنية والإقليمية والدولية مع العمل على تنفيذ أحكام القانون الدولي والقرارات الدولية ذات الصلة بحظر ارتكاب الأعمال الإرهابية أو تمويلها أو التحريض عليها أو الاشتراك فيها أو حماية مرتكبيها. وقال «إن المملكة تجاوبت في هذا الخصوص مع متطلبات جميع القرارات واللجان الدولية لمكافحة الإرهاب وهي ترى أن الانضمام إلى الاتفاقات الدولية المتعلقة بالإرهاب يجب أن يلازمه صدق النوايا لمكافحة هذه الظاهرة والقضاء عليها»، مشيراً إلى ما ورد في تقرير الأمين العام للأمم المتّحدة عن جهود المنظمة الدولية في تطبيق الاستراتيجية العامة لمكافحة الإرهاب التي صدرت برقم (A/68/841) والى علامات الاستنفار العديدة في التقرير وخصوصاً الواردة في الفقرات (10-19) التي تشير إلى أن ظواهر الإرهاب في تطور وانتشار دائم على الرغم من الجهود المبذولة. وأوضح أن أهم وأخطر هذه الظواهر ظاهرة الإرهابيين الفرادى وظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب، مشيراً إلى أن المملكة ولمواجهة هذه الظواهر المشار إليها، كانت من أوائل الدول التي تعاملت مع هذه القضية من الزاوية التشريعية والأمنية عن طريق إصدار القوانين واللوائح التي تجرّم من يسافر خارج البلاد للمشاركة في أعمال إرهابية في أي من أقطار الأرض، ومن يحرض على مثل هذا العمل ولو من بعيد أو من يمول أو يتستر على الموضوع. ولفت المعلمي إلى أن المملكة وعلى الصعيد المحلي تبذل جهوداً كبيرة لمحاربة الإرهاب فكرياً ونفسياً، مؤكداً أن مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية أصبح مرجعاً دولياً في هذا المجال، وباتت تجربته الفريدة في إعادة تأهيل الأفراد الذين تأثروا بالفكر المتطرف نموذجاً يقتدى به لأن المعالجة الشاملة التي لا تتوقف عند الجانب الأمني هي الحل الذي تؤمن المملكة بجديته وفعاليته وتماشيه مع مبادئ حقوق الإنسان. وأوضح أن السعودية وعلى الصعيد الإقليمي والدولي تعمل وبكل جدية من خلال جميع المحافل الدولية ومن خلال رئاستها للمجلس الاستشاري لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب (UNCCT) الذي شارف على إنهاء أعمال عامه الثاني الذي دعمته بمبلغ 100 مليون دولار أميركي على تنسيق الجهود وتبادل الخبرات لمكافحة الإرهاب. وأعرب عن السرور لدور المركز المتزايد في نظام الأمم المتحدة والتقدير والإشادة التي يحظى بها من مختلف الدول التي بدأت تلمس أهمية هذا الدور، خصوصاً في مجال بناء القدرات، مؤكداً التزام المجلس الاستشاري للمركز بتقديم الدعم السياسي والإرشادي اللازمين حتى يصل المركز إلى أهدافه المنشودة. وطالب السفير جميع الدول الساعية لتحقيق هذا الهدف بدعم أعمال المركز ليس فقط بالتبرعات المالية بل بمده بالخبرات والعناصر البشرية المدربة وأساليب العمل لتسهيل مهمته في خدمة جميع دول العالم. وأوضح أن المملكة ومن المنطلق ذاته، تدعم المبادرات الدولية الأخرى كدور المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب (GCTF) الذي تشارك في عضويته وأعماله وتشيد بالجهود الأممية وخصوصاً جهود لجان مجلس الأمن المعنية بمكافحة الإرهاب مثل لجنة (1540) ولجنة (1267) ولجنة (1989) وغيرها. وشرح المعلمي أن الأحداث الإرهابية المؤسفة التي شهدها العالم العام الماضي والمآسي التي يشهدها خلال الأيام القليلة الماضية تدل بوضوح على أن التركيز على الحل الأمني لا يحل المشكلة وإنما يدفع بالظاهرة إلى الدخول في فترات تنحسر فيها موجتها لتعود مرة أخرى بشكل أكثر قوة وتأثيراً. وقال «إن الركيزة الأولى للاستراتيجية الأممية لمكافحة الإرهاب التي تتناول العوامل المؤدية إلى ظهور الإرهاب وانتشاره هي ما يجب التركيز عليه مع العناية بما ورد في تقرير حماية حقوق الإنسان أثناء جهود مكافحة الإرهاب عن أهمية التأكد من أننا لا نصنع إرهابيين أكثر من الذين نقضي عليهم في إطار جهود المكافحة». وجدد التأكيد على أن إرساء العدالة وإزالة الظلم واستتباب سيادة القانون والتنمية والتعليم والحوار والقضاء على الاحتلال هي أقوى الوسائل للقضاء على جذور هذه المشكلة، مضيفاً أن المملكة شدّدت في إدانتها للإرهاب على أهمية التفريق وعدم الربط بين الإرهاب وقتل الأبرياء والاعتداء على ممتلكاتهم وبين حق الشعوب في تقرير المصير والكفاح من أجل سيادتها و مكافحة الاحتلال الأجنبي، وموضحاً أن إدانة الإرهاب بكل صوره وأشكاله لابد وأن تشمل الإرهاب الرسمي مثل إرهاب الدولة الممنهج الذي يمارس علناً ضد المدنيين العزل. السعوديةالإرهابالمجتمع الدوليأخطر التحديات
مشاركة :