جابر نغموش عميد الدراما الكوميدية في دولة الإمارات بقلم: فادي بعاج

  • 6/24/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

نغموش يختلف عن سواه من غالبية نجوم الصف الأول في الدراما العربية والخليجية بأنه لا يعيش على أمجاد الماضي، بل يقف دوما عند أحدث محطاته، مستمعا لكل نقد سواء أكان بناء أم هداما.العرب فادي بعاج [نُشر في 2017/06/24، العدد: 10673، ص(13)]فنان شعبي تواضعه سر نجاحه عمان - لكل امرئ من اسمه نصيب. جابر نغموش، هو جابر العثرات والصعاب. اجتهد كثيرا على مدى نصف قرن ليصنع من نفسه قامة فنية يُحتذى بها. اسم عائلته “نغموش” يعني كثير الحركة والقفز، وهي صفات تنطبق على جابر الفنان. يُصنّفه معظم الجمهور، وحتى منافسوه، بأنه الأكثر شعبية وشهرة في مجال الدراما التلفزيونية في دولة الإمارات. هو من مؤسسي المسرح في الإمارات وأحد أبرز النجوم الذين أثّروا في الناس على مدى عقود طويلة وما زالت أعماله عالقة بذاكرة جيل كامل من الجمهور، لما قدم فيها من قصص تشبه الناس وتطرح قضاياهم وتحكي عنهم. يختلف نغموش عن سواه من غالبية نجوم الصف الأول في الدراما العربية والخليجية بأنه لا يعيش على أمجاد الماضي بل يقف دوماً عند أحدث محطاته، مستمعاً لكل نقد سواء أكان بناءً أم هداماً، ليستخرج ما هو جيد ليحتفظ به ويتعلم من الأخطاء التي وقع فيها. التواضع هو سر نجاح نغموش واستمراره حتى اليوم، لأنه من الفنانين الذين يبتعدون عن النرجسية والتعالي والغرور في تعاملهم، ويحرص على ألا تقوده المغامرة المحفوفة بالمخاطر في سبيل بحثه عن الشهرة والنجومية إلى تقديم تنازلات أو تجسيد أدوار لا تلائمه ولا تناسب شخصيته وبيئته. الكشاف المغامر الفن بالنسبة إلى نغموش يجري في دمه منذ أيام الكشافة في مدينة رأس الخيمة حيث تناوب أساتذة من فلسطين والأردن ومصر على تدرسيه في تلك المرحلة واكتشفوا وقتها ميوله إلى أين تتجه وأسهموا في صقل شخصيته الفنية. قدم نغموش أول عمل مسرحي له عام 1969على خشبة مسرح عمان في رأس الخيمة، بعنوان “غلاء المهور دَهور الأمور”. ثم اتجه في العام 1974 إلى الشاشة الفضية ليشارك في أول عمل تلفزيوني مسجل بالأبيض والأسود في العاصمة أبوظبي بعنوان “قوم عنتر”. إيمان نغموش الكبير بأن “الفن ما يأكّل عيش” جعله يسافر إلى دمشق بهدف الدراسة في المعهد العالي العربي للبريد، وهذا ما خوّله من العمل في وزارة الاتصالات الإماراتية لفترة وجيزة، إلا أنه آثر المضي في الطريق الذي رسم ملامحه بنفسه، متسلحاً بموهبة لم تأتِ من دراسة فن التمثيل، بل نبعت من فطرة ربانية قائمة على العفوية والتلقائية التي ميزت مجمل أعماله. لدى نغموش قدرة كبيرة على أن يحوّل كلماته وهواجسه إلى ابتسامات ونوادر وحكايات مسرحية وتلفزيونية ناجحة بداية من مشاركته التلفزيونية في “سوالف الدار”، “حاير طاير”، “حظ يا نصيب”، “زمن طناف”، “لولو ومرجان”، “صمت البوح”، “مكان في القلب”، “حزاوينا خليجية”، وصولاً إلى مشروع “طماشة” وغيره من الأعمال التلفزيونية الناجحة التي استطاع من خلالها ملامسة الواقع الاجتماعي والإنساني للناس بالدرجة الأولى في المجتمع الإماراتي. "طماشة" فريق كرة القدم أطل النجم القدير على المشاهدين في هذا الموسم خلال شهر رمضان 2017 عبر عمل وحيد هو الجزء السادس من مسلسل “طماشة” الذي يبث على شاشة تلفزيون دبي في موعد ذروة المتابعة عقب الإفطار، والجزء الجديد يتناول مواضيع تهم فئة الشباب في الخليج، مثل قضايا الاحتيال التي يتعرض لها بعضهم عبر الهواتف الذكية ومشاكل العالم الافتراضي ووسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى التطرق للكثير من القضايا الاجتماعية والثقافية والتراثية والموضوعات المتنوعة التي تتمتع بميزة الطابع المحلي والعربي في آن واحد.نغموش يتمكن من تحقيق المركز الأول في استطلاع للرأي أقامته صحيفة إماراتية قبيل بداية الشهر الفضيل لهذا الموسم، وهذا ما يؤكد محافظته على مكانته في المشهد الدرامي المحلي الذي يتصدره بجدارة، حيث أبدى ما يعادل نسبة 53 بالمئة من المشاركين رغبتهم في متابعة إطلالة النجم الإماراتي على الشاشات المحلية. نغموش كان قد تمكّن من تحقيق المركز الأول في استطلاع للرأي أقامته صحيفة إماراتية قبيل بداية الشهر الفضيل، وهذا ما يؤكد محافظته على مكانته في المشهد الدرامي المحلي الذي يتصدره بجدارة، حيث أبدى ما يعادل نسبة 53 بالمئة من المشاركين رغبتهم في متابعة إطلالة النجم الإماراتي على الشاشات المحلية التي ظهر فيها من خلال السلسلة الكوميدية “طماشة”على تلفزيون دبي، بعد غياب قارب الثلاث سنوات عن الجمهور. الوجبة الكوميدية والفكاهية الخفيفة “طماشة 6” من بطولة نخبة من فنانين الإمارات أبرزهم سيف الغانم وسعيد السعدي وهدى الغانم وفاطمة الحوسني، وتم تصوير أغلب الحلقات في إمارة عجمان، إضافة إلى مواقع طبيعية ومؤسسات حكومية. يطالب نغموش كل من يتطرق إلى أحد أعماله الدرامية بالابتعاد عن إيراد اسم أيّ فنان كدلالة على عمل بعينه، لأنه يؤمن بالعمل الجماعي ويرى أن هناك اسماً لكل عمل، وأسرة كاملة تقوم على إبداعه، ومن الظلم أن يتم تجاهل جهدها، واختصاره في اسم شخص أيّا كانت شهرته. في لقاء صحافي أجراه مؤخرا وصف نغموش أسرة “طماشة” في جزئها السادس بفريق كرة القدم. قال “نحن في طماشة كفريق كرة قدم متكامل، لكل شخص في الميدان وظيفته المحددة، فليس كوني بطل العمل أنني كل شيء في هذه الساحة، وكما أن مهاجم الفريق ليس الفريق كله وأنه لا مجال أن يكون الجميع مهاجمين أو حتى حراس مرمى فقط، فإن لكل دور أهميته وضرورته في النجاح والتألق الجماعي”. المسلسل الذي أصبح من التقاليد التلفزيونية الراسخة لدى الأسرة الإماراتية من تأليف سلطان النيادي بمشاركة مجموعة من كتاب الإمارات والخليج العربي أمثال جاسم الخزاز وسعد المدهش وإخراج مصطفى الرشيد. شكل نغموش وسلطان النيادي ثنائيا فنيا ناجحا منذ أعوام عديدة، وقد ارتبط اسماهما بأعمال عدة كان آخرها “طماشة”. وحول الصداقة التي تحولت إلى ثنائية فنية بينه وبين النيادي قال نغموش في لقاء إذاعي “لن أكون مبالغاً أو أذيع سراً إذا قلت إنني ليس لديّ أصدقاء حقيقيون بخلاف النيادي، لذلك أتمنّى من الله ألا يدخل بيننا عيال الحرام، فالكثيرون يحسدوننا على ذلك، لكن هذا لا يعني أن تلك الصداقة تزحزح من الشروط الفنية لكلّ منا، وهي شروط احترافية تبقى في الأخير لصالح المشاهد الذي يتوقع دائماً منا ما هو أفضل”.(غلاء المهور دَهور الأمور) هو أول عمل مسرحي لنغموش في العام 1969 وعرض على خشبة مسرح عمان في رأس الخيمة. ليتجه بعدها إلى الشاشة الفضية مشاركا في أول عمل تلفزيوني مسجل بالأبيض والأسود في العاصمة أبوظبي بعنوان (قوم عنتر) "الإماراتية" اللهجة المفضلة لا يرتجل نغموش لنفسه في المسرحيات والمسلسلات التي يشارك فيها، وإنما يفعل ذلك في إطار مجموعة الممثلين المشاركين في هذه الأعمال، لأنه يعتبر أن الممثل الجيد يبرز في العمل حتى ولو كانت البطولة جماعية. أفصح أنه تعلّم كثيراً من المسرحيات المصرية والكويتية القديمة التي شارك فيها نخبة من رواد المسرح وخاصة في فترة الفنان الراحل زكي طليمات. وهو يرى أن الضحكة يمكن أن تنبع من القلب، وعندها يكون الإنسان سعيداً بحق لتعبّر عن سعادة غير حقيقية، معتبراً أن الفترة الحالية لا يوجد فيها من الأحداث والمواقف ما يساعد الممثل على إضحاك الناس، لأن الظروف التي تمر بها بعض الدول العربية تجعل الضحك من القلب أمراً مستحيلاً، ولهذا يسعى النجم الإماراتي بأن تكون النصوص التي يشارك في تمثيلها محايدة وغير منحازة إلى طرف دون آخر كي لا تشكل استفزازاً لأحد. حتى الآن يرفض نغموش أي أدوار درامية تُعرض عليه لا يكون لسانه فيها ناطقاً باللهجة الإماراتية، وهذا ليس دلالاً أو بدافع الرغبة في التقوقع بل لأنه من خلال لهجة بلاده يغدو أداؤه الدرامي أكثر انسجاماً مع معطيات العمل، حسب تعبيره. وهو من جهة أخرى يعتقد أن اللهجات الأخرى لا تفيد الممثلين الذين لجأوا إليها بقدر ما تفيدهم لهجتهم الأم، وعن ذلك يقول “الدراما المحلية أصبحت جاذبة أكثر من أيّ وقت مضى للفنانين الخليجيين وأيضاً العرب، وعلينا أن نستثمر ذلك عملياً بمزيد من التمسك باللهجة الإماراتية التي لن تأخذ حظها العادل من الانتشار إلا من خلال تمسك الفنان الإماراتي بلهجته ما دام الموقف الدرامي الذي يؤديه يحتمل ذلك”. حديث نغموش الإعلامي غالباً ما يكون هادفا حتى لو كان هناك نقد يتعلق بالدراما الإماراتية. فهو كثيرا ما يتوقف عند مشاكلها المزمنة مثل ندرة الكتاب المحليين لأن النص الجيد من وجهة نظره هو جوهر أيّ عمل درامي، وفي حال محدودية الخيارات تزداد صعوبة مسؤولية الممثل الملتزم أمام جمهوره، لذلك يحدّد جابر سقف عدد الأعمال التي يستطيع أن يؤديها سنوياً باثنين فقط، لافتاً إلى اختزال زمن التصوير الفعلي في الدولة بأشهر معينة لا سيما في ما يتعلق بالمسلسلات التي تعتمد بشكل أكبر على المشاهد الخارجية، بسبب ارتفاع درجة الحرارة، فضلاً عن حرصه على عدم وقوع المشاهدين في مصيدة الملل أو التشتت في المتابعة جراء تكرار ظهوره على الشاشة.جابر نغموش يعد من كبار مؤسسي المسرح في الإمارات وأحد أبرز النجوم الذين أثروا في الناس على مدى عقود طويلة، وما زالت أعماله عالقة بذاكرة جيل كامل من الجمهور لما قدم فيها من قصص تشبه الناس وتطرح قضاياهم وتحكي عنهم. محطة شعبية يومية يختلف نغموش عن الكثير من النجوم العرب الذين يصرّحون بأنهم لا يحبون متابعة أنفسهم على الشاشة، ولا يجدون الوقت الكافي لرؤية زملائهم في الأعمال الدرامية. حول هذا الموضوع يقول “لا تختلف متابعاتي عن اهتمامات الجمهور العادي بالدراما الرمضانية المعروضة على الشاشات، لكنني لا أفوّت في المقابل فرصة متابعة عملي بالدرجة الأولى، وأرى أنه من الواجب عليّ أن أقوم بهذه الخطوة الشجاعة، وهذا الامتحان الحقيقي الذي أعتبره مقترباً من تجربة التقييم الذاتي التي أخوضها باستمرار لاكتشاف شخصياتي على الشاشة، ومعرفة حدود نجاحي في تجسيدها”. بقي على قناعة تامة بأن النجاح يبقى نسبياً و الجمهور هو الفيصل القادر على تقييم جودة الأعمال المتنافسة واقترابها من ذائقته وخياراته المتنوعة. يراهن دوماً على التقييم الذاتي الذي يجعله ينتبه لبعض النقائص، ويتوقف نغموش عند الكثير من المشاهد والمواقف التي يتمنى لو تتاح فرصة إعادة تجسيدها بطريقة مغايرة وأكثر إقناعاً بالنسبة إليه. لكن النجم القدير منزعج لأن البعض من الممثلين الشباب لا يستثمر الفرص التي تتيحها الطفرة الإنتاجية في دولة الإمارات، وهو ينصحهم بأن ينوّعوا في أدوارهم ويسعوا إلى الاستفادة من أمثالهم المخضرمين، وهو ما سينعكس إيجاباً بلا شك على مستقبل الدراما الإماراتية. نغموش الذي أصبحت أعماله بمثابة محطة يومية لمشاهدي القنوات الإماراتية في رمضان يحاول جاهدا استكشاف ممثلين صاعدين في الدراما المحلية، لكنه يحرص في الوقت ذاته على تحذيرهم من آفة الغرور لأنه يؤمن بالعمل الدرامي الجماعي، وأول درجات إخفاقه شعور أحد عناصره بنجوميته فرداً عن الآخر.

مشاركة :