مع حلول الذكرى الرابعة لانقلاب 3 يوليو/تموز، وما تلا ذلك من أحداث، أعتقد أن هناك الكثير من المخدوعين في السابق في الرئيس السيسي قد أعلنوا ندمهم على مشاركتهم في تلك المؤامرة التي وُصفت زوراً بالثورة، والتي بفضلها عادت مصر إلى عصر مبارك؛ بل وأسوأ من ذلك، حتى إن البعض منا يترحم على مبارك. ومن الواضح أن كل شيء كان معَدّاً منذ تولي محمد مرسي رئاسة الجمهورية، ومثلما كانت ثورة 25 يناير/كانون الثاني تسمى ثورة الفيسبوك؛ لأنه تم الحشد لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كانت ثورة 30 يونيو/حزيران ثورة الإعلام وتوفيق عكاشة. ومنذ اليوم الأول، كان الإعلام هو بطل تلك الثورة الزائفة، وهناك بعض المواقف التي لا أنساها؛ فكان الإعلام يحمّل رئيس الجمهورية مسؤولية أي شيء يحدث في مصر، عكس ما يحدث الآن. فعند وقوع حادث للقطار يتولى الإعلام هجوماً حاداً على الرئيس باعتباره المسؤول الأول عن البلاد. والحديث عن أزمة سد النهضة اليومي، وأننا لا نتخذ قراراً حاسماً في تلك الأزمة؛ بسبب ضعف الرئيس والحكومة، وإذاعة جلسة سرية لمناقشة كافة التيارات المدنية كافة مع الرئيس أفضل الطرق لمواجهة بناء سد النهضة، جعلت من مصر أضحوكة للعالم! وكانت الأزمة الكبرى عند إصدار الرئيس محمد مرسي الإعلان الدستوري المكمل؛ لإصدار القوانين أو التشريعات في غياب مجلس الشعب، وتولى الإعلام إشعال الموقف باعتبار أن هذا غير قانوني ويعطي الرئيس صلاحيات ديكتاتورية. وانقسم الشعب إلي فريقين يتقاتلان بشوارع مصر الجديدة في ظل وقوف الشرطة موقف المتفرج. وما زلت أتذكر عندما خرج علينا الإعلام بخبر بيع الأهرام لقطر. ومع الزيارات الخارجية للرئيس، تنهال التعليقات بأننا أصبحنا دولة قائمة على الشحاتة، وأزمة ارتفاع سعر الدولار إلى 7 جنيهات، وهو انهيار حاد للجنيه أمام الدولار، ويدل على سوء إدارة البلاد، وانهيار الاقتصاد. وهذا فقط على سبيل المثال لا الحصر؛ لإحداث حالة من انعدام الثقة في الشارع تجاه الحكومة المنتخبة، وإحداث حالة غضب شعبي تجاه الإخوان وحكومتهم. باختصار، حتى يصبح الرئيس محمد مرسي مستباحاً أمام الجميع في السباب، وترسيخ صورة له بعدم صلاحيته لتولي الحكم. وفي ظل هذه الأحداث، كانت الجرائد والمواقع تنشر خبراً شبه شهري بلقاء وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي بعدد من الإعلاميين والفنانين، وإذا كانت الصورة غير واضحة في حينها فلماذا تلك الاجتماعات، فقد اتضحت بعد ذلك. وفي تطور للأحداث، خرجت للنور استمارات تمرد، في ظاهرها وسيلة للتعبير عن الرفض الشعبي لحكم الإخوان، وفي باطنها وسيلة استطلاع رأي لمعرفة رد فعل الشارع المصري. وكان من ضمن أسباب الرفض للرئيس مرسي المكتوبة على ورقة تمرد: 1- انهيار الاقتصاد 2- الشحاتة والتسول من الخارج 3- عدم عودة الأمان 4- حق الشهيد 5- التجارة باسم الدين 6- كرامة المواطن ما زالت غائبة وانهالت التوقيعات بالملايين، محمَّلة بالغضب والاستنكار والكره وكل ما تم تم غرسه من الإعلام في عقول الشعب، مع موعد باليوم الحاسم 30 يونيو/حزيران؛ للتخلص من طغيان الإخوان. وجاء اليوم الموعود 30 يونيو/حزيران، وخرجت الملايين للشوارع، ولكن الأمر كان يختلف تماماً عن 25 يناير/كانون الثاني؛ فلا وجود لخطر بين المتظاهرين، وكانت كل أجهزة الدولة، وفي مقدمتها الشرطة، تبارك وتؤيد المظاهرات. وكانت تلك اللحظة المنتظرة؛ ففي أقل من 3 أيام، تم اعتقال الرئيس مرسي إلى جهة غير معلومة حتى الآن، وإعلان عدلي منصور رئيساً لمصر، وإلغاء دستور 2012، وإغلاق قنوات الإخوان. وبعد ذلك، هاجم العالم كله ما حدث في مصر والانقلاب العسكري؛ ما دعا السيسي للطلب من المصريين النزول للشارع لتفويضه لمحاربة الإرهاب، وخرجت الملايين الواثقة بجيشها مرة أخرى للشوارع والميادين تعبر عن تأييدها للجيش. وكانت هي اللقطة المنشودة والتي تعبر عن شرعية الانقلاب بمباركة الشعب للجيش. وبعد مرور 4 سنوات، ما زالت كرامة المواطن غائبة، وانهار الجنيه، والتجارة باسم الدين تحولت للتجارة باسم الجيش، وحق الشهيد ذهب مع الريح، مثلما أصبحت ثورة 25 يناير/كانون الثاني مؤامرة، والشحاتة من الخارج مستحبة إذا كانت من السعودية والإمارات. أما عن عودة الأمن فحدثت ولا حرج، ولكن سل أي أم وهي في الخارج عن خوفها علي أطفالها خشية اختطافهم والتجارة بأعضائهم. ولكن، لا أحد يستطيع أن يتحدث عن ذلك، فسياسة تكميم الأفواه من أبرز ما جاء بعد 3 يوليو/تموز. وإذا كان للإخوان أخطاء، أو هم جماعة إرهابية، أو حتى قَتَلة وقد تخلصنا منهم، فلماذا لم تتقدم مصر؟ ما هي أسباب انهيار الجنيه؟ وأين ذهب حق الشهيد؟! لماذا يُحبس كل من يتحدث أو يعارض؟! لماذا تم تجريم الحق في التظاهر، وحبس شباب الثورة، وبراءة نظام مبارك؟! أين اختفت حرية الرأي والتعبير،؟! وماذا عن سد النهضة؟! ولماذا نصر على سعودية تيران وصنافير! وماذا عن القرارات والاتفاقيات التي تتخذها الرئاسة دون الرجوع إلي مجلس الشعب؟ ! تلك الأسئلة من المحرمات الآن في مصر وتكفي لاتهام صاحبها بأنه خائن أو إخوان أو لا يرى الإنجازات التي حدثت في مصر بعد التخلص من حكم الإخوان! ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :