عبّرت السعودية عن «أسفها العميق حيال الأحداث الأليمة التي تجري في العراق وأدت إلى اقتحام القنصلية العامة التركية واختطاف العاملين فيها وعائلاتهم، إضافة إلى العديد من المدنيين العاملين في إحدى محطات الطاقة»، ودعت إلى «تنسيق دولي عال لمواجهة ظاهرة الإرهاب»، معتبرة أنه «أخطر التحديات التي تواجه المجتمع الدولي في الوقت الراهن، والتي لم تعد محاربتها شأناً محلياً ينحصر في حدود دولة ما، وإنما تعدت ذلك لتصبح هدف المجتمع الدولي بأسره»، كما «استنكرت غياب الردع الدولي لممارسات نظام (الرئيس) بشار الأسد ضد الشعب السوري». وقال المندوب الدائم للسعودية لدى منظمة الأمم المتحدة السفير عبدالله المعلمي في الكلمة التي ألقاها ليل أول من أمس، أمام الجمعية العامة الـ68 عن المراجعة الرابعة للاستراتيجية العالمية للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، إن «المملكة تدين العملية الإرهابية التي حدثت في باكستان وراح ضحيتها ما يزيد على 30 قتيلاً غير الجرحى»، متمنياً أن تجعل هذه الأحداث الأليمة المجتمع الدولي أكثر إصراراً واتحاداً في مواجهة ظاهرة الإرهاب العالمي». ودعا إلى «عدم غض الطرف وتجاهل أسوأ أنواع الإرهاب، وهو إرهاب الدولة ضد مواطنيها وارتكاب أبشع أنواع الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، واستخدام أبشع أنواع الإذلال والإهانة لإرهابهم وإرعابهم». وتساءل: «بماذا يمكن أن نصف استخدام النظام السوري في دمشق البراميل المتفجرة ضد المدنيين، والأسلحة الكيماوية والغاز السام سوى أنه إرهاب دولة جارت على مواطنيها واستخفت بالقانون الدولي وجميع الاتفاقات والتعهدات والالتزامات الدولية حول الإرهاب، ومن دون رادع لهذا العدوان حتى الآن». وأضاف: «إن مثل هذه التصرفات الإجرامية التي تقوم بها الدولة ضد شعبها، هي التي تتسبب في إيجاد بؤر تتسع يوماً بعد يوم، يرتع فيها الإرهابيون والمرتزقة، وهو ما أكدت المملكة مراراً وتكراراً خطورته، كونه أحد الأسباب المهمة، وربما أهمها على الإطلاق في الوقت الحالي لنشر الإرهاب، ليس فقط في المنطقة بل في العالم أجمع». وأوضح أن «المملكة العربية السعودية عانت من عمليات الإرهاب، واتخذت التدابير اللازمة لمحاربة هذه الآفة الخطرة على جميع المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، مع العمل على تنفيذ أحكام القانون الدولي والقرارات الدولية ذات الصلة بحظر ارتكاب الأعمال الإرهابية أو تمويلها أو التحريض عليها أو الاشتراك فيها أو حماية مرتكبيها». وأكد أن السعودية «تجاوبت في ذلك الخصوص مع متطلبات جميع القرارات واللجان الدولية لمكافحة الإرهاب، وترى أن الانضمام إلى الاتفاقات الدولية المتعلقة بالإرهاب يجب أن يلازمه صدق النوايا لمكافحة هذه الظاهرة والقضاء عليها»، مشيراً إلى «ما ورد في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن جهود المنظمة الدولية في تطبيق الاستراتيجية العامة لمكافحة الإرهاب التي صدرت برقم (A/68/841)، وإلى علامات الاستنفار العديدة في ذلك التقرير، وبخاصة الواردة في الفقرات (10-19) التي تشير إلى أن ظواهر الإرهاب في تطور وانتشار دائم على رغم جميع الجهود المبذولة». وأوضح أن أهم وأخطر هذه الظواهر «ظاهرة الإرهابيين الفرادى وظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب». ولفت إلى أن «المملكة، لمواجهة هذه الظواهر المشار إليها كانت من أوائل الدول التي تعاملت مع هذه القضية من الزاوية التشريعية والأمنية، وذلك من طريق إصدار القوانين واللوائح التي تجرم من يقوم بالسفر خارج البلاد للمشاركة في أعمال إرهابية في أي من أقطار الأرض، وكذلك من يحرّض على ذلك ولو من بعيد أو من يموّله أو يتستّر عليه». وأضاف: «المملكة وعلى الصعيد المحلي تقوم بجهود عدة لمحاربة الإرهاب فكرياً ونفسياً، ومركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية أصبح مرجعاً دولياً في هذا المجال، وباتت تجربته الفريدة في إعادة تأهيل الأفراد الذين تأثروا بالفكر المتطرف نموذجاً يُقتدى به، لأن المعالجة الشاملة التي لا تتوقف عند الجانب الأمني هي الحل الذي تؤمن المملكة بجديته وفعاليته وتمشيه مع مبادئ حقوق الإنسان. وعلى الصعيد الإقليمي والدولي تعمل وبكل جدية من خلال جميع المحافل الدولية ومن خلال ترؤسها المجلس الاستشاري لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب (UNCCT)، الذي شارف على إنهاء أعمال عامه الثاني الذي دعمته بمبلغ 100 مليون دولار أميركي على تنسيق الجهود وتبادل الخبرات لمكافحة الإرهاب». وأعرب عن «سرور بلاده لدور المركز المتزايد في نظام الأمم المتحدة، والتقدير والإشادة التي يحظى بها من مختلف الدول التي بدأت تلمس أهمية هذا الدور، وبخاصة في مجال بناء القدرات، مؤكداً «التزام المجلس الاستشاري للمركز بتقديم الدعم السياسي والإرشادي اللازمين حتى يصل المركز إلى أهدافه المنشودة». وطالب لتحقيق هذا الهدف جميع الدول بـ «دعم أعمال المركز ليس فقط بالتبرعات المالية، بل بمده بالخبرات والعناصر البشرية المدربة وأساليب العمل، لتسهيل مهمته في خدمة جميع دول العالم». وأوضح أن المملكة ومن المنطلق ذاته تدعم العديد من المبادرات الدولية الأخرى، مثل دور المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب (GCTF) الذي تشارك في عضويته وأعماله، وكذلك تشيد بالجهود الأممية، وبخاصة جهود لجان مجلس الأمن المعنية بمكافحة الإرهاب مثل لجنة 1540، ولجنة 1267، ولجنة 1989، وغيرها». وأوضح أن «الأحداث الإرهابية المؤسفة التي شهدها العالم العام الماضي، والمآسي التي يشهدها خلال الأيام القليلة الماضية، تدل بوضوح على أن التركيز على الحل الأمني لا يحل المشكلة، وإنما يدفع بالظاهرة إلى الدخول في فترات تنحسر فيها موجتها لتعود مرة أخرى بشكل أكثر قوة وتأثيراً. وتابع: «الركيزة الأولى للاستراتيجية الأممية لمكافحة الإرهاب التي تتناول العوامل المؤدية إلى ظهور الإرهاب وانتشاره هي ما يجب التركيز عليه، مع العناية بما ورد في تقرير حماية حقوق الإنسان أثناء جهود مكافحة الإرهاب عن أهمية التأكد من أننا لا نصنع إرهابيين أكثر من الذين نقضي عليهم في إطار جهود المكافحة». وشدد على ضرورة «إرساء العدالة وإزالة الظلم، وأن استتباب سيادة القانون والتنمية والتعليم والحوار والقضاء على الاحتلال، أقوى الوسائل للقضاء على جذور تلك المشكلة». وأشار إلى أن المملكة «أكدت في إدانتها للإرهاب أهمية التفريق وعدم الربط بين الإرهاب وقتل الأبرياء والاعتداء على ممتلكاتهم، وبين حق الشعوب في تقرير المصير والكفاح لأجل سيادتها ومكافحة الاحتلال الأجنبي، موضحاً أن إدانة الإرهاب بكل صوره وأشكاله لا بد من أن تشمل الإرهاب الرسمي، مثل إرهاب الدولة الممنهج الذي يمارس علناً ضد المدنيين العزل». السعوديةاليمنالخليج
مشاركة :