محمد حياوي: الرواية مدونة البسطاء

  • 6/25/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: «الخليج»أصدر الروائي العراقي المقيم في هولندا روايته الأحدث «خان الشابندر»، وهي تتناول حكاية مجموعة من النساء أوصلتهن الأقدار إلى مصير مأساوي، بعد أن سحقتهن أعراف المجتمع وتقاليده، وهو في ذلك يكتسب خبرة ودربة كبيرتين على فن الكتابة، منذ أن أصدر عام 1983 روايته الأولى «ثغور الماء»، ثم توالت أعماله الإبداعية ومنها «فاطمة الخضراء»، و«طواف متصل»، ومجموعات قصصية منها «غرفة مضاءة لفاطمة» و«نصوص المرقاة». «الخليج» التقت محمد حياوي فإلى نص الحوار: صدر لك مؤخراً روايتك «خان الشابندر».. لماذا اخترت هذا العنوان؟- خان الشابندر كعنوان من شأنه أن يشكل عتبة محيرة ومحملة بالإيحاءات الغامضة، وهو ليس حياً شعبياً كما هو الأمر مع خان الخليلي في مصر، بل خان غامض بتاريخ ملتبس، فهو من ناحية محطة للعابرين ومكان لبيع المعادن النفيسة، وحالة روحية عميقة لكثرة العاملين فيه من أتباع «المندائية» القديمة والطقوس الروحية المصاحبة لها، أيضا من جهة أخرى خرابه الحالي كمكان وتحوله إلى هياكل آيلة للاندثار والتبدد، إنه يشبه العراق تماما تاريخا وحاضرا ومستقبلا مجهولا، وما حكاية بيت «أم صبيح»، في الرواية سوى بعد خيالي للحكاية التي ينبغي أن تروى بين جوانحه وعلى محفة تاريخه الملتبس وحاضره الغامض.ماذا عن مضمون هذه الرواية؟ ولماذا كان اختيارك للأحياء الشعبية مسرحاً لها؟- الرواية لا تعدو عن كونها حكاية مجموعة من النساء أوصلتهن الأقدار إلى مصير مؤسف بعد أن سحقهن المجتمع بأعرافه وتقاليده نتيجة للمتغيرات السياسية والاقتصادية التي حدثت للمجتمع العراقي، وثمة بطل الرواية العائد من منفاه بحثاً عن ذكرياته الملونة في وطنه، فيصطدم بالخراب الشامل ويصاب بالنكوص والانكفاء إلى الداخل، لكنه لم يستسلم ويصر على الانتصار لخياله فيقيم يوتوبيا مليئة بالأحلام والرؤى الملونة على أنقاض ذلك الخراب، وفي المحصلة لم يسعفه ذلك الخيال المجنح في إتمام حلمه حين يصطدم بالواقع الفادح وينهار كل شيء ولم يبق أمامه سوى حقيقة الموت الصادمة.شخصياتك الروائية، هل تتمتع بحالة من الانعتاق من سلطة الكاتب اللغوية والفكرية؟- بالتأكيد، أن تكتب عن فتاة اغتصبت بطريقة بشعة وعانت من ظلم المجتمع، لا يمكن إلا أن تستعير لغة خاصة ووصفاً خاصاً يناسب وعيها وأن ترى العالم والعلاقات من خلال وعيها وفهمها البسيط، مثل تلك الشخصيات لا تحتمل البلاغة أو الأفكار المعقدة، فالرواية بمعنى ما مدونة البسطاء، لهذا أقول دائماً على الكاتب أن يتخلى عن وعيه المثقف عندما يكتب، لتتمتع شخصياته بالمصداقية والعمق ولا تبدو منسلخة عن واقعها الحقيقي، نعم أعترف بأن المسألة ليست سهلة على الإطلاق، لكنها ضرورية في حالة الأدب الحقيقي والعميق. إلى أي مدى تشعر أنك حر في مقاربة المحظورات في أعمالك؟ - عندما تنغمس في الكتابة الحقيقية ستشعر بالحرية تحف جوانحك، مثل طائر تحمله الريح في غياهب الخيال، لن تتوانى لحظتها عن دخول أية عوالم ولا تؤمن بالحدود الواقعية أو القوانين الوضعية أو الفيزيائية، تتحول العملية إلى ما يشبه الحلم المتواصل والرؤى الآسرة، حيث تقودك مجريات الأحداث بحذاقة، وعي الكاتب في تلك اللحظة يتمثل فقط في انتباهه لخطوط عمله وهيكليته التي قد يكون وضعها مسبقاً لا أكثر. ألم يحدث أن تورطت في تحميل إحدى الشخصيات قناعاتك الخاصة، فحملت البطل مهمة الذود عن أفكارك؟- نعم في الواقع الرواية تجسيد لنظرة الكاتب للحياة وما يحيط به وفلسفته الخاصة فيها، من هذا المنطلق لا بد أن يجسد الكاتب، وإن بشكل غير مباشر، أفكاره في الرواية ونظرته للحياة ومفاهيمه وقناعاته الشخصية من خلال أبطاله، لكن بطريقة محسوبة بدقة، إذ علينا أن نأخذ بنظر الاعتبار مدى وعي الشخصية وطبيعتها وبنيتها الفكرية والنفسية في الرواية. في «خان الشابندر» ثمة الكثير من الشخصيات العادية، أقصد فتيات محبطات وضحايا مجتمع، لكن فيها أيضا شخصيات ذات عمق فكري ومعرفي مثل شخصية «مجر» العجوز الذي رأى كل شيء وفهم الحياة من منظور إيمانه ومعتقده، وشخصية «نيفين» الصحفية، ناهيك عن شخصية البطل «علي موحان» نفسه.

مشاركة :