مسلمو مدينة تونسية يتهافتون على حلويات يهودي لعيد فطرهم

  • 6/25/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

باسكال تميم، حلواني يهودي، منذ نصف قرن على مكانته بين أهالي مدينة سوسة الساحلية (شرقي تونس)، التي تسكنها غالبية مسلمة بفضل جودة حلوياته ولذتها. وتتميز حلويات تميم بنكهاتها الخاصة وطرق تحضيرها التقليدية، ما يجذب التونسيين إليها خاصة خلال شهر رمضان المبارك وبمناسبة عيد الفطر. ورغم تنوع وكثرة محلات الحلويات في مدينة سوسة، فإن الإقبال على الحلواني اليهودي، الذي دخل مؤخرا العقد التاسع من عمره، يظل من تقاليد الأسرة التونسية لأكثر من 60 عاما. وورث تميم هذه الصنعة عن أبيه بيخور فيكتور تميم منذ بدايات القرن الماضي، ليفتتح عام 1959 محله الخاص ويتخصص في صناعة راحة الحلقوم والملبن بأشكال وألوان مختلفة متنوعة تسرّ الناظرين، والكثير من النكهات التي تسحر المتذوقين. ويتميّز تميم أيضا بصناعة حلوى الدبلة أو الحلوى التي يطلق عليها في تونس اسم “وذنين القاضي” (أذن القاضي) وتتكون من خليط الدقيق والبيض والملح والزيت تعجن جيدا ثم يرقق العجين ويقلى في الزيت الساخن. وتحدث الحلواني الشهير بكل فخر واعتزاز وهو منهمك في العمل بمساعدة أبنائه لتلبية طلبات الزبائن الذين غص بهم المكان عن صراعه من أجل المحافظة على تقاليد صناعة الحلويات ومجابهة التطور الذي أدخل قسرا عليها، فارتفعت أسعار العديد من مكوناتها الأساسية من فواكه جافة وطحين وزيت وغيرها. ولفت إلى أن ارتفاع المواد الأولية أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار الحلويات “الأمر الذي أثر سلبا على مبيعاتنا، ودفع الزبون الذي كان يشتري في السابق كيلوغراما من الحلويات إلى شراء نصف كيلوغرام في وقتنا الراهن”. وأكد تميم أنه رغم معارك المحافظة على تقاليد هذه المهنة وارتفاع أسعار المواد الأولية وتراجع المبيعات بسبب الضائقة الاقتصادية، فإنه يصر على التمسك بمهنته كـ“حلواني يهودي وحيد اليوم في سوسة”. وقال إن “محبتي لتونس هي فوق أي اعتبار ولذلك لم أقبل مغادرتها أو ترك سوسة بالرغم من كل المغريات التي عرضت عليّ”. وتابع الحلواني اليهودي “لقد اخترت أن أموت في نفس الأرض التي ولدت فيها وتوفي فيها أبي فكتور رغم أن زوجتي فرنسية جزائرية”. وتسير ماريا باسكال تميم (32 سنة)، إحدى بنات حلواني سوسة الشهير، على نهج والدها في ما يتعلق بهذه الصنعة، مشددة على “الاعتزاز بمهنة الأجداد التي تعلمتها منذ أن بلغت الـ12 من عمري”. ولزبائن تميم حكايات أخرى تعكس تعلقهم بهذا المحل رغم صغره وتواجده في أزقة ضيقة سوسة. ويقول جعفر بلعيد، أحد الزبائن الذين لم ينقطعوا عن شراء حلويات الحلواني اليهودي منذ أكثر من 40 عاما، إن “مذاق حلوياته يوصلني بالماضي ويعيد إليّ ذكرى الآباء الذين كانوا يعتزون بهذه الأنواع من الحلويات”. وختم بلعيد بالإشارة إلى أن “التعايش الذي يجمع المسلمين واليهود في مدينة سوسة مميز ورائع وقوي منذ سنين وشاهد على أن اختلاف الأديان ليس مقياسا سلبيا لربط علاقات إنسانية قائمة على الود والاحترام”. وتجدر الإشارة، إلى أن تاريخ اليهود في تونس يغطي ما يقرب من ألفي سنة.

مشاركة :