لا يكاد يخلو ناد أوروبي من مهاجمين فشلوا في الظهور بشكل جيد مع نادي تشيلسي الإنجليزي، مثل الألماني ماركو مارين الذي انتقل لأوليمبياكوس اليوناني الموسم الماضي، بعدما قضى أربع سنوات مع تشيلسي لم يشارك خلالها سوى في مباراتين فقط في التشكيلة الأساسية للبلوز. وهناك أيضاً باتريك بامفورد، الذي انتقل لميدلسبره في فترة الانتقالات الشتوية الماضية بعدما قضى خمس سنوات في تشيلسي لم يشارك خلالها في أي مباراة مع الفريق في الدوري الإنجليزي الممتاز. وتضم القائمة أيضاً الكولومبي خوام كوادرادو الذي انتقل ليوفنتوس بعدما قضى ثلاث سنوات مع تشيلسي لعب خلالها ثلاث مباريات فقط.والآن، أصبحت هذه القائمة تضم اللاعب المصري محمد صلاح، الذي انتقل لليفربول قادماً من روما الإيطالي، الذي اشتراه الصيف الماضي بعدما قضى عامين ونصف العام مع تشيلسي (بما في ذلك فترة الإعارة)، شارك خلالها في التشكيلة الأساسية لتشيلسي في ست مباريات فقط. وقدم صلاح أداء جيدا خلال الفترة التي قضاها على سبيل الإعارة في كل من فيورنتينا وروما. وتألق اللاعب البالغ من العمر 25 عاما في الدوري الإيطالي وسجل هدفا تقريبا كل مباراتين في الدوري الإيطالي الممتاز على مدى ثلاثة مواسم. صحيح أن إحراز الأهداف في الدوري الإيطالي بات الآن أسهل من ذي قبل، لكن هذا المعدل التهديفي لا يزال رائعا بالنسبة للاعب يلعب في مركز الجناح.لذا، فإن السؤال الآن هو: ما الذي حدث للاعب في تشيلسي؟ انتقل صلاح لتشيلسي قادما من بازل السويسري في يناير (كانون الثاني) 2014 مقابل 16 مليون جنيه إسترليني، وتألق اللاعب المصري في صفوف بازل أمام تشيلسي وسجل في مرمى «البلوز» ذهابا وإيابا في دوري أبطال أوروبا، كما سبق وأن قدم أداء رائعا أمام تشيلسي وتوتنهام في الموسم السابق في بطولة الدوري الأوروبي.ورغم أن صلاح يتميز بالسرعة الشديدة والمهارة واللعب المباشر، لم يتمكن من حجز مكان له في التشكيلة الأساسية لتشيلسي. ويعود السبب في ذلك بصورة جزئية إلى وجود ويليان وإيدن هازارد في منتصف الملعب، فضلا عن رغبة المدير الفني لتشيلسي آنذاك جوزيه مورينيو في الاعتماد على لاعب لديه قدرات دفاعية أكبر في الجهة اليمنى لكي يحدث نوعا من التوازن مع إيدن هازارد في الجهة اليسرى، وهو ما جعله يفضل الاعتماد على راميريز.وفي هذا السياق، فإن السؤال الآن لا يتعلق بالأسباب التي جعلت صلاح يفشل في حجز مكان له في التشكيلة الأساسية للفريق، لكنه يتعلق بالأسباب التي جعلت تشيلسي يتعاقد مع صلاح رغم أن النادي لديه ما يكفي من العناصر الجيدة في المركز الذي يلعب فيه الجناح المصري. وعلاوة على ذلك، تعاقد تشيلسي مع سيسك فابريغاس في الصيف التالي، وهو ما أضاف لاعب خط وسط آخر لكتيبة من النجوم، وسمح للبرازيلي أوسكار بالتحرك للعب في الناحية اليمنى، وبالتالي أدى ذلك إلى الحد من الفرص المتاحة أمام صلاح.وبناء على ذلك، لم يفشل صلاح مطلقا في الدوري الإنجليزي الممتاز لأنه لم يحصل على فرصة من الأساس. وما إن عاد اللاعب المصري للمشاركة بصفة منتظمة في إيطاليا حتى عاد إلى التألق الذي كان عليه مع بازل السويسري. ولم يكتف صلاح بإحراز 35 هدفا في 71 مباراة في الدوري الإيطالي مع كل من فيورنتينا وروما، لكنه صنع 20 هدفا وكان إحدى الركائز الأساسية للفريق الذي يلعب له بفضل سرعته الفائقة وطاقته الكبيرة.وفي ليفربول، وفي ظل وجود دانييل ستوريدج، الذي كان أيضاً في تشيلسي ولم يحصل على فرصة كافية لإثبات قدراته، لن تكون القدرات الهجومية وحدها كافية بالنسبة لصلاح، الذي يصل معدل إعاقته للخصم (تاكلينغ) إلى محاولة ناجحة وحيدة في المباراة كما يصل معدل استخلاصه للكرة من الخصم إلى 0.5 في المباراة، مقابل 0.9 و0.3 للسنغالي ساديو ماني على الترتيب.ويعد ماني بالطبع هو «مفتاح» اندماج صلاح مع الفريق، خاصة أن اللاعب السنغالي يعد إحدى الركائز الأساسية لليفربول، وهو ما ظهر واضحا عندما غاب اللاعب عن الفريق خلال مشاركته مع منتخب بلاده في كأس الأمم الأفريقية (ومن المحتمل أيضاً أن يغيب صلاح عن الفريق في حال تأهل مصر لكأس الأمم الأفريقية عام 2019). ويتميز صلاح، مثل ماني تماما، بقدرته على الانطلاق بالكرة بسرعة فائقة، وهو ما يعني أنه يمكن الاعتماد عليه ناحية اليمين، رغم قدرته أيضاً على اللعب ناحية اليسار. ولن يكون صلاح بديلا قويا لماني فحسب، ولكن يمكنه اللعب على أحد أطراف الملعب في الوقت الذي يلعب فيه ماني على الطرف الآخر، على أن يلعب فيليب كوتينيو في المنتصف. ويمكن أيضاً أن يلعب صلاح خلف البلجيكي ديفوك أوريجي الذي يمكن أن يكون هو المهاجم الصريح لليفربول، ويكفي أن نعرف أن صلاح صنع 22 فرصة للبوسني إيدن دزيكو، سجل منها سبعة أهداف، وكوّن صلاح ودجيكو سويا أفضل ثنائي هجومي في الدوريات الخمس الكبرى بعد عثمان ديمبلي وأوباميانغ في بروسيا دورتموند الألماني.إن الفترة غير الموفقة التي قضاها صلاح في تشيلسي سوف تجعل البعض يطرح أسئلة حول ما إذا كان الجناح المصري سيكون قادراً على التألق مع ليفربول في أجواء رطبة للغاية أمام فريق كستوك سيتي، على سبيل المثال. لكن صلاح تألق في كأس الأمم الأفريقية الأخيرة أمام غانا وقاد منتخب مصر للفوز بهدف دون رد على منتخب النجوم السوداء في مدينة بورت جينتيل الغابونية وسط رطوبة كبيرة وملعب سيء للغاية. بصراحة، بعدما نجح صلاح في التألق على مثل هذا الملعب السيئ، يمكنه أن يتألق في مكان في العالم.وعلاوة على ذلك، سوف يزيد صلاح الخيارات المتاحة أمام يورغن كلوب، ويمكنه من تخفيف الضغط على كاهل الخط الأمامي للفريق. وبالنظر إلى المواسم الخمسة الماضية التي تألق فيها صلاح مع جميع الأندية التي لعب لها بشكل منتظم، سيكون اللاعب إضافة كبيرة لليفربول.
مشاركة :