قطر فشلت في تصحيح سلوكها العدائي أو توضيحه للعالم

  • 6/26/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

من جديد تفشل الدوحة في الاستفادة من التجارب التي مرت بها، لتقع مرة أخرى في الأخطاء ذاتها، فبعد ثلاث سنوات من عزلها وتحديدا في مارس 2014، لا تزال تمارس السياسة نفسها رغم الفرصة التي منحت لها لحل المشاكل العالقة مع دول المجلس والالتزام بقواعد العمل الدبلوماسي المتعارف عليه بين دول العالم، إلا أنها أصرت على نقض غزلها، لتدخل في مرحلة جديدة، فشلت فيها في تصحيح سلوكها العدائي، أو حتى توضيحه أمام الرأي العام العالمي. هذا ما ناقشه برنامج «ما وراء الخبر»، الذي يبث على شاشة تلفزيون البحرين يوميًا الساعة التاسعة مساءً، إذ استضاف في حلقته بالاستيديو وكيل وزارة الخارجية الأسبق السفير حمد العامر، وبالأقمار الصناعية من الرياض المستشار الإعلامي السعودي الدكتور محمد الحربي، ومن القاهرة بالهاتف المحلل السياسي اليمني بليغ المخلافي، ومن البحرين على الهاتف الباحث الاستراتيجي الدكتور أشرف كشك، والكاتبة الصحافية منى المطوع. من جانبه قال وكيل وزارة الخارجية الأسبق، السفير حمد العامر، إن عام 2014 كان فرصة ذهبية للدوحة لتعديل سلوكها وعلاقاتها مع دول المجلس، مشيرا إلى أن المجلس خلال السنوات الماضية مر بالعديد من المشاكل التي أصابت الإقليم، وعلى رأسها الحرب العراقية الإيرانية، واحتلال الكويت، والحرب على العراق، واليمن، والربيع العربي وغيرها، وهي مشاكل خطيرة للغاية، ولكن المجلس تجاوزها بالكثير من الحكمة والدبلوماسية. وأشار العامر إلى أن اليوم صعب جدا، لذلك على الدوحة وقف مسببات الأزمة الحالية، وهي معروفة للجميع، وأن تلتزم بما تعهدت به عام 2014، إذ وقع الأمير تميم على اتفاق الرياض التكميلي، وكنتُ ضمن الوفد البحريني في التفاوض، فكان هناك الكثير من المكاشفة والوضوح والمصارحة، خصوصًا مع توافر عدد من الأشرطة التي تدل على التآمر ضد البحرين، والتآمر بين ليبيا وقطر على السعودية، والهاجس البحريني الكبير وهو موضوع التجنيس وقناة الجزيرة وضرورة وقف نشاطاتها المعادية، إذ تعرضت البحرين لهجوم شرس من القناة مبني على أسس استراتيجية بعيدة المدى وليس مجرد إزعاج فقط. وعن سبب اعتقاده أن الأزمة الحالية من أخطر الأزمات، أشار العامر إلى أن الأزمة الحالية ربما تكون سببًا وراء انهيار المجلس، ولكنها في الوقت ذاته قد تكون السبب المباشر في قيام الاتحاد الخليجي، الذي هو المطلب الأهم لشعوب مجلس التعاون، وهو الطريق الصحيح وتطور طبيعي لمسيرة المجلس. وعن إمكانية إعادة سيناريو 2014 بأن توقع الدوحة على التعهدات ثم ترفض التنفيذ، أشار السفير حمد العامر إلى أن دول الخليج نزعت عباءة المجاملات مع الدوحة، لأن الأزمة الحالية تمس كيان المجلس كله، وتعمل على تغيير خريطة مجلس التعاون والدول العربية كافة، وهو أحد حلقات مسلسل الربيع العربي التي كانت الدوحة أحد أدواته. وعن مصلحة قطر في المشاركة بتفتيت المنطقة، أوضح العامر أن الدوحة تشعر بعدم الأمان والأمن، وهو ما يدفعها لتبادر بالهجوم بالاتفاق مع بعض القوى الإقليمية والدولية، إذ التغيير القائم على أساس حقوق الإنسان والرأي، إضافة إلى الاستعانة بفكر إسلامي متطور، وهو ما تمثله تركيا، سعيًا كي تصبح الدوحة المرجع له كونها الحاضنة الأكبر لجماعة الاخوان المسلمين. وعن الدبلوماسية البحرينية في الأزمة، أوضح السفير العامر أن لجلالة الملك مواقف كبيرة ومشرفة في هذه الأزمة وغيرها من الازمات التي مرت بها المنطقة، فكل الجهود تنصب على ضرورة الانتهاء من الأزمة؛ لأن استمرارها ليس من مصلحة أحد، بل ربما تكون كارثية بين الشعوب الخليجية. مضيفًا أن الدبلوماسية الخليجية تمتعت دائما بالصبر وسعة الصبر، وتحاول استيعاب التصرفات القطرية لا المسوؤلية، وإيجاد الحلول، والقول إن قطر لا تعلم ما هي مطالب الدول الخليجية فهذه سذاجة سياسية، إذ التعهدات في 2014 واضحة ولا لبس فيها. وأشار السفير حمد العامر إلى أنه يجب على قطر أن تفهم أن سياسة التوسع، وهي عمود أساسي في السياسة القطرية بوصفها خط دفاع لحالة انعدام الأمن، يجابهها سياسة الاحتواء السياسي، وهو بالقضاء على الأشياء التي تروج لها قطر، مثل الإرهاب، واحتواء الإعلام القطري متمثلا في الجزيرة، الذي يقوم على الكذب والتلفيق وخدمة التوسع القطري، ويتم الاحتواء بالحملة الإعلامية المنظمة التي تقوم بها دول الخليج الثلاث. وبشأن رؤية الرأي العام العربي للأزمة الحالية، أوضح العامر أن المواطن في الغرب أصبح يفهم وجهة النظر الخليجية من قطر ودورها وما يتعلق بالإرهاب، ويجب التركيز على الدول المتحالفة مع قطر، مثل تركيا وإيران، أما الجانب الأمريكي فيجب إعادة توضيح الصورة له أكثر، خصوصًا بعد أن وصل الإرهاب إلى قلب أوروبا، إذ ضرورة وقف الطموحات القطرية في التوسيع وبناء مجتمع جديد قائم على الإخوان المسلمين. وأشار العامر إلى أن قطر تسعى إلى إيجاد دولة خارج الحدود الجغرافية من أجل استمرار النظام القائم حاليًا، وهي خطة بدأت عام 1996م، وقائمة على وفرة في الأموال وعدد قليل من المواطنين، تلاقت هذه الخطة مع الربيع العربي والتوجهات الأمريكية إبان فترة حكم أوباما، وكانت النتيجة صراعات مستمرة في العديد من الدول العربية. واختتم السفير العامر مشاركته بالبرنامج بالحديث عن كيفية الخروج من الأزمة ومصير مجلس التعاون الخليجي، مشيرا إلى أن الخروج من الأزمة في يد قطر، وذلك بضرورة تطبيق اتفاقية 2014 والالتزام بجميع بنودها بضمانات أمريكية، فالوضع لن يكون كما مضى، أما مصير المجلس فإنه سيبقى على ما هو عليه، وستبقى سياسية الاحتواء الدبلوماسي قائمة، لكن ستكون قطر خارجة منظومة المجلس، إذ ليس من المنطق أن تشارك في أعماله واجتماعاته وهي مقاطعة من أكثر من نصف أعضائه. ومن الرياض وعبر الأقمار الاصطناعية، قال المستشار الاعلامي السعودي، الدكتور محمد الحربي، ان قطر لا تزال تمارس سياسية الهروب الى الامام، إذ الاساءة للأشقاء وتزوير الحقائق والارتباك الاعلامي الذي وقعت فيه الدوحة. مضيفا ان دول الخليج لم تتخذ هذا الموقف للعداء والتجييش، بل لأن هناك قضايا مهمة وخطيرة مع قطر ويجب التعامل معها، إذ شقت قطر الصف الخليجي الى حد كبير، ولا يوجد لديها إلى الآن أي بوادر. واشار الحربي إلى ان التعنت القطري يصاحبه عملية ارتباك سياسي واعلامي، وهناك سقوط في الاعلام القطري؛ لأن اليوم أصبح كل شيء مكشوفا، فالتسريبات والمكالمات والفيديوهات، لكن الاعلام القطري لا يزال يكابر وينفي كل ذلك دون أي دليل. وأوضح الدكتور الحربي أن دول المقاطعة لا يمكن ان تغرق بالتفاصيل التافهة التي يحاول الاعلام القطري الترويج لها؛ لأن دول العالم اليوم تتعامل بالوثائق والأدلة، أما قطر وممارستها دور المظلومية فهو سقوط سياسي واخلاقي لا يمكن التعويل عليه. واضاف الدكتور الحربي إن حجم الاموال الكبيرة التي دفعتها قطر حول العالم لدعم الارهاب يدفعها لأن لا تقبل بالتنازل عنه اليوم بلا مقابل، وكذلك ما تم تقديمه للإخوان المسلمين، وهو ما يؤشر الى ان الازمة لن تحل في القريب العاجل، وستتخلى قطر عن البيت الخليجي مقابل التحالف مع إيران وتركيا والاخوان المسلمين والجماعات الارهابية، إذ لا تزال تعيش عهد اوباما. وعن مستقبل الازمة القطرية، اشار الدكتور محمد الحربي إلى العودة إلى البيت الخليجي والتخلي عن الارهاب ودعمه، أو استمرار المقاطعة لسنوات، وهو ما سيسرع بحراك شعبي في الداخل لإسقاط النظام. وفي مداخلته على الهاتف من المنامة، أشار الخبير الاستراتيجي الدكتور أشرف كشك الى أن تحركات دول الخليج كانت تتمير بثلاثة أمور، أولها أنها كانت على مستوى رفيع جدا، والتي مثلتها زيارة جلالة الملك المفدى الى جدة والقاهرة وابوظبي، وكذلك جولات سمو أمير الكويت، ثانيا ان الخطاب موحد بالنسبة إلى دول الخليج ومصر، وثالثا ان هناك كتابات لدبلوماسيين خليجيين في الولايات المتحدة في الغرب لإيضاح الصورة الحقيقية للرأي العام العالمي، وقد نجح في إجهاض المحاولات القطرية لتدويل الأزمة وإخراجها عن مسارها. مضيفا أن قطر هي المسؤول الأساسي عن الأزمة، والتي تسعى إلى ترويج بعض المفردات، ولكنها لم تنجح؛ لأن مراهنتها على مسائل ثابتة مثل التحالفات والقدرات المالية غير موفقة، في الوقت الذي تنسى فيه كل المتغيرات التي تحدث بالعالم، الى جانب ضرورة عدم الثقة بإيران؛ لأن طهران لها أطماع في المنطقة، وقطر جزء من تلك الاطماع. من جانبها أشار الكاتبة الصحفية منى المطوع إلى ان الدبلوماسية القطرية تتحرك خارج المنطقة، وتحديدا في اوروبا، وهذا الامر يزيد الوضع تعقيدا وصعوبة؛ لأن الحل لن يكون في لندن أو واشنطن؛ إنما في الرياض وداخل البيت الخليجي. وانتقدت المطوع تصريحات وزير خارجية قطر، واصفة إياها بأنها لا تبشر بالخير، فهي تحوي كمًا كبيرًا من المماطلة وعدم الإقرار بالأخطاء التي ارتكبها النظام القطري، خصوصا تمويل الارهاب، في حين نظمت حملة تضليل اعلامي قطري لتغيير المصطلحات وتبرير الجرائم التي ارتكبتها الدوحة. وفي مداخلته عبر الهاتف من القاهرة، أشار المحلل السياسي اليمني بليغ المخلافي، أن ما حدث نتاج طبيعي لممارسات الدبلوماسية القطرية خلال السنوات الماضية، وهي جزء من مشروع كبير في المنطقة، وقد تم استغلال قطر وقدراتها لتكون جزءا من تنفيذ هذا المشروع. واضاف المخلافي أن الحراك الدبلوماسي الخليجي ومحاولة الوساطة لم تلقَ أي آذان صاغية من الدولة القطرية، وهو ما يمكن أن نصفه بـ«الكِبر» في مواجهة التحديات، لذلك على قطر أن تعي أن عزلتها الاقليمية لا يمكن أن تعوضها بالتحالف مع ايران وتركيا، فهما ليسا بديلين عن المحيط الخليجي، وعلى القيادة القطرية ان تعي هذ الامر، وان تساهم في بناء مشروع للمنطقة قائم على حسن الجوار والمصالح المشتركة. واستعرض المخلافي أهم المحطات التي ساهمت فيه الدوحة بالإضرار بمصالح الشعب والدولية اليمنية، مشيرا إلى انه في العقد الاول من الألفية الجديدة لعبت قطر دورا في الوساطة بين مليشيات الحوثي الارهابية التي كانت تخوض حروبا ضد الدولة، فعملت على تقوية الحوثيين، إذ وصلت شخصيات قطرية الى صعدة، وهو ما مهد لقيام علاقات وثيقة بين الطرفين، أسهمت في قيام تحالف بينهما لاحقًا. واضاف المخلافي أنه وبعد الربيع العربي دعمت قطر الاسلام السياسي في اليمن متمثلاً في الاخوان المسلمين، وكان ذلك مـن أحد الاسباب التي أثرت على النسيج المجتمعي اليمني، بل كان من أحد اسباب الانقلاب الحوثي على الشرعية.

مشاركة :