بعد تأجيل دام عدة شهور، قرر الجيش الإسرائيلي إطلاق مشروع بناء جدار من الإسمنت المسلح بارتفاع 7 أمتار على طول الحدود مع لبنان، إضافة إلى الجدار الإلكتروني والعوائق الأخرى. ومع بدء العمل المباشر في البناء، صدرت تعليمات لقوات حرس الحدود وسلاح الطيران بالتأهب لاحتمال أن يغضب هذا الجدار «حزب الله» فينفذ عمليات ضد إسرائيل قبل إتمامه. وفي الوقت نفسه، وجهت إسرائيل رسائل إلى إيران تحذرها من برنامجها لتصنيع الأسلحة الحديثة على الأراضي اللبنانية.ويتضح من الخرائط الهندسية أن الجدار سيمتد من رأس الناقورة في الغرب وحتى إصبع الجليل عند نقطة المطلة ثم باتجاه جبل الشيخ ومزارع شبعا. وسيشتمل الجدار على مقاطع مختلفة. ففي بعض المناطق جدار إسمنتي يرتفع إلى 7 أمتار، وفي مناطق أخرى، جدار إلكتروني تنصب فوقه الكاميرات ونقاط المراقبة والأبراج وغرف القيادة والسيطرة والمعدات الاستخبارية، وتضاف إلى هذا كله عوائق، بحسب طبوغرافية المنطقة.المعروف أن هذا المشروع ليس جديدا، ولا يبنى في فراغ، إذ إن هناك جدارا في الكثير من المناطق. والجديد هو إكمال المشروع وسد نقاط الضعف. وسيتم في البداية بناء الجدار على مسافة 12 كيلومترا في المنطقة الغربية ومسافة شبيهة في المنطقة الشرقية. وحسب مصادر عسكرية، فإن الجيش الإسرائيلي، يأخذ في حساباته أن يثير بناء الجدار الجديد، زيادة في التوتر على امتداد الحدود. ويستعدون في القيادة الشمالية لإمكانية محاولة حزب الله» «التشويش على تقدم العمل»، بادعاء أنه لا يلازم خط الحدود الدولية الذي حددته الأمم المتحدة بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في عام 2000، وقالوا في إسرائيل إنه لن يتم الانحراف عن الخط الحدودي، لكنه تم الأخذ بالاعتبار بأن المشروع قد يترافق بمواجهات ومظاهرات، بل ربما بمحاولة إطلاق النار باتجاه وحدات الهندسة والمقاولين في وزارة الأمن، الذي سيعملون في إنشاء السياج.تم تخصيص 123 مليون شيقل لهذا المشروع وقد ينتهي العمل فيه في السنة القادمة. وأوضح الجيش أن الجدار سيقام في المناطق التي تواجه بلداتها التهديد المباشر، كإطلاق النيران أو الصواريخ. وسيتم بناء هذه الجدران على ارتفاع سبعة أمتار ومن فوقها سياج شائك يشبه ما تم بناؤه قبل خمس سنوات على الحدود المصرية، والذي قلص إلى نسبة الصفر، عدد المتسللين طلبا للجوء في إسرائيل. لكن التهديد على الحدود اللبنانية هو تهديد عسكري، خلافا للسياج المصري الذي يهدف إلى منع تسلل مسلحين أو طالبي اللجوء والباحثين عن العمل.وكانت إسرائيل قد كشفت في الأسبوع الماضي، بأن «حزب الله» أقام نحو 15 نقطة مراقبة جديدة على امتداد الحدود، بادعاء أنها مواقع للحفاظ على جودة البيئة. واعتبرت الأمر خرقا لقرارات مجلس الأمن. ومع ذلك، يشير الإسرائيليون إلى أن هذه الحدود هادئة جدا. وكما قال ناطق عسكري، أمس: «لقد مرت 11 عاما والهدوء مستمر هناك، وتقديرات الجيش، جميعها، تقول بأن هذا الهدوء سيبقى على حاله في المستقبل أيضا، وبالتأكيد سيبقى طالما استمرت الحرب الأهلية في سوريا». صحيح أن قرار إسرائيل يضع «حزب الله» أمام معضلة كما هو الحال مع حماس في الحدود الجنوبية قرب غزة (حيث تقوم إسرائيل هناك ببناء جدار فوق الأرض، والأهم منه حاجز إسمنتي تحت أرضي): «غير أن المعضلة هي هل على حزب الله أن يزعج عمليات البناء أم أن عليه الوقوف ساكنا».ولكن مصادر أخرى، أشارت إلى أن إسرائيل قامت في الأسابيع الأخيرة، بتحويل رسائل إلى إيران، بوساطة روسيا وعدة دول أوروبية تدير علاقات دبلوماسية مع نظام طهران، تقول فيها إنها تنظر بخطورة إلى إقامة مصانع لإنتاج الأسلحة لصالح «حزب الله» على الأراضي اللبنانية. وقال دبلوماسيون أوروبيون إن إسرائيل أوضحت أنها لن تتحمل إقامة مصانع إيرانية لإنتاج الأسلحة لـ«حزب الله» في لبنان. وأكد مصدر إسرائيلي هذا الأمر، وقال إن إسرائيل أوضحت لدول غربية كثيرة بأن دعم نظام طهران لـ«حزب الله» هو المسألة المركزية، التي يجب أن يتعامل معها المجتمع الدولي في الشأن الإيراني. وأضاف أن إسرائيل تعتقد أن إقامة مصانع أسلحة إيرانية في لبنان يمكن أن تقوض الاستقرار بشكل خطير. وقال إن «الحكومة اللبنانية لا تستطيع التأثير في هذا الموضوع، ولذلك فإن العنوان لمعالجة الموضوع يوجد في أيدي جهات أخرى مؤثرة على الموضوع».وتطرق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى هذا الأمر، صباح الأحد، وقال: «نحن ننظر بخطورة إلى محاولات إيران ترسيخ وجودها العسكري في سوريا وتزويد حزب الله بأسلحة متطورة عن طريق سوريا».
مشاركة :