«داعش».. أوهام الخلافة

  • 6/16/2014
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

«داعش» أو ما يسمى بـتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» الذي يقف على بعد 60 كلم فقط من العاصمة بغداد اليوم، بعد أن كان احتل الموصل ثاني أكبر المدن العراقية قبل أيام، ليس إلا تنظيما إرهابيا يسعى لتحقيق حلم وأوهام في مخيلته فقط. فما هي أحلام ذلك التنظيم وقدراته العسكرية؟. أبوبكر البغدادي قائد «داعش» رجل في متوسط العمر يوحي مظهره بأنه ليس أكثر من موظف اعتيادي، لكن في الواقع فإنه نجح في تحويل بعض الخلايا الإرهابية المحتضرة والمندثرة، إلى أخطر مجموعة مقاتلة في العالم. كان هدف التنظيم عند تأسيسه أشبه بالحلم والخيال وهو إنشاء دولة خلافة في مناطق تمتد بين العراق وسوريا، لكن سيطرة التنظيم على ثاني مدن العراق، وأنحاء أخرى تمتد حاليا من سواحل المتوسط في سوريا إلى جنوب بغداد يحيل الأمر إلى واقع مرعب لا يعرف أحد عواقبه. جذور التنظيم عام 2006، حاول تنظيم «القاعدة في العراق» تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوي بثّ حرب طائفية. وبدا التنظيم في فترة ما، قريبا من تحقيق هدفه، لاسيما بعد تفجير مسجد العسكري في سامراء، ما أدى إلى فوضى خففت منها عملية أدت إلى قتل الزرقاوي على أيدي القوات الأمريكية. وساهم ذلك إضافة إلى سوء معاملة تنظيم «القاعدة في العراق» للمدنيين وظهور الصحوات العشائرية إلى اضمحلال التنظيم تقريبا. بعدها بدأ المسؤولون العراقيون في الحديث عن «جيل ثالث» من تنظيم القاعدة في العراق. وقبل عامين، حذّر المتحدث السابق باسم الجيش الأمريكي في العراق، جيفري بوكانان من أنّه إذا فشلت القوات العراقية في الضغط على «هذا الجيل» فإنّه من المحتمل عودته للنشاط. وفي 2006، تغير اسم التنظيم على أنقاض «القاعدة» إلى «الدولة الإسلامية في العراق» ثم أضاف لاحقاً اسم «سوريا» مستغلا حالة الإحباط وشعور الإقصاء لدى أوساط السنة في العراق وسوريا. المعلّم صعد أبو بكر البغدادي لدفة القيادة عام 2010 وكان يبلغ حينها من العمر 39 عاما، بعد مقتل أبو عمر البغدادي في عملية عراقية - أمريكية مشتركة. ولا يعرف الكثير عنه باستثناء ما قيل عنه في مواقع جهادية من كونه حاصلاً على درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية من بغداد. وأسس مجموعته الخاصة في سامراء وديالا التي ينحدر منها قبل أن ينضم إلى القاعدة. وقضّى أربع سنوات في سجن بوكا الحصين الذي كانت تديره القوات الأمريكية وخصصته للمسلحين الناشطين ضدها، وهو ما سمح له بتوسيع شبكة معارفه، وعندما أفرج عنه عام 2009، انطلق في العمل. التمويل بداية، ركز البغدادي على السرية عبر خلايا صغيرة غير مترابطة بما يصعّب من اكتشافه، وكذلك على التمويل. كان أسلوبه يتمثل في فرض الخراج على سائقي الشاحنات، وتهديد أصحاب الأعمال بالتفجير في حال لم يستجيبوا، وكذلك بسرقة البنوك ومحلات المجوهرات. وساعد ذلك في تنفيذ عمليات انتحارية واغتيالات، زرعت الفوضى في المشهد السياسي، كما ساعدته في عمليات التجنيد من بين الشبان السنّة، وكذلك تنفيذ عمليات استعراضية لاقتحام السجون، والإفراج عن مئات المحتجزين الذين التحق عدد منهم بتنظيمه. وبعد أن سيطر التنظيم على الموصل، فقد نهب كافة الأموال التي كانت في البنوك بالإضافة إلى مخازن السلاح أيضاً. نقطة التحوّل تجنّب البغدادي أخطاء الزرقاوي وتجنّب تحدي سلطة العشائر. وعندما استولى على الفلوجة بداية العام، عمل مع العشائر المحلية بدلا من رفع علمه الأسود فوق أسوار المدينة. واعترف منظّره أبو محمد العدناني «نحن لا ننفي أخطاءنا. نحن بشر وسنستمر في الخطأ لكن الله يحرم علينا أن نرتكب الأخطاء عن سابق إضمار». هدف التنظيم يهدف التنظيم إلى تأسيس دولة الخلافة في المنطقة. وبدأ فعلًا في تطبيق ما يتوهم أنه الشريعة من خلال الفصل بين الجنسين في الدراسة، وفرض النقاب والحجاب في الأماكن العامة، ومنع الموسيقى، ويعتمد المحاكم الشرعية ويفرض الصيام بكل قوة خلال شهر رمضان. الدعم والتعاطف يحصل التنظيم على الدعم بالاعتماد على مشاعر الغبن لدى الشارع السني في كل من سوريا والعراق، حيث يقوم التنظيم بأنشطة الدعوة، وينظم حملات خيرية وأنشطة للأطفال ويوزع الغذاء والحاجات الأساسية. علاقته بجماعات القاعدة مع تنامي قوته، كان التنظيم يتوسع في فكرة إنشاء دولة الخلافة، حتى أنه أعلن بداية 2013 أنه ضمّ تنظيم «جبهة النصرة» إليه. ووفقا لخبراء فإنّ البغدادي نفسه لعب دورا أساسيا في تأسيس الجبهة، ثم طالبها «بالطاعة» لاحقاً. وأدى الإعلان، ورفض جبهة النصرة ذلك، إلى اندلاع اشتباكات دموية علنية نادرة بين تنظيمين يريان أنهما من مشتقات تنظيم القاعدة. ومن مخبئه في باكستان أو أفغانستان، حاول زعيم «تنظيم القاعدة» أيمن الظواهري التوسط بينهما، لكنّ «داعش» ردت بعنف عليه، واعتبره أبو محمد العدناني «مفرقاً للقاعدة لا جامعاً» لها مثلما كان أسامة بن لادن. وكان ذلك علامة فارقة جديدة على شعور الثقة الذي بات يميز التنظيم وقيادته. كما كان تركيز التنظيم على مهاجمة الشيعة دافعاً لانضمام آلاف المقاتلين إليه. استراتيجيته وفقا للاستخبارات الغربية فإنّ أخطر سيناريو هو التعصب والانضباط، ولدى «داعش» الكثير منهما. وفي الوقت الذي كان فيه العالم مصدوما من كيفية سيطرة التنظيم على الفلوجة غرباً، كان «داعش» مركزاً أعينه بكل قوة على الموصل ونينوى. وكانت العمليات غرب العراق، تحويلا للأنظار عنه الهدف الرئيس ألا وهو الشمال. وقد شكل أسلوبه في شن الهجمات المتزامنة في عدة أنحاء مصدر إرباك واضح للجيش العراقي. وفي سامراء مثلا، استخدم الجرافات لإزالة الحواجز التي كانت مقامة من قبل القوات الأمريكية. ويعتقد بعض المحللين أن تكون البنية التحتية لصناعة النفط في الموصل هدفا مستقبليا للتنظيم. نقاط ضعف من المحتمل أن يؤدي تهديد دولة العراق وتوسعه السريع، إلى خلق نقطة ضعف لدى «داعش» ففي شمال سوريا، اضطر التنظيم إلى التخلي عن مناطق كان يسيطر عليها بسبب القتال ضد جبهة النصرة وجماعات أخرى. وتوصلت جبهة النصرة إلى تجميع تنظيمات أخرى على هدف مقاتلة «داعش» ضمن جبهة موحدة. وبالسيطرة على الموصل، تكون «داعش» قد بدأت تشكل تهديداً ماثلا للأكراد الذين يرون في المدينة أحد رموزهم، مما قد يدفع صوب مزيد من التنسيق بين الجيش العراقي والبشمركة. ويرى مسؤولو استخبارات أنّ لدى «داعش» ضعفاً واضحاً لاسيما فيما يتعلق بالقدرة على الإدارة الفعالة وهي بصفة عامة لا تحظى بشعبية، ولا أمل لها في أن يكون لها حضور في تجمع شيعي سواء في سوريا أو العراق .» خطورة التهديد الذي تمثله خلصت عدة تقارير إلى أنّ التنظيم أصبح من دون شكّ أكثر منظمة إرهابية فعالة وبلا هوادة في العالم. والآن ها هو يهدد اثنتين من أكبر دول الشرق الأوسط، وجذب عدداً كبيراً من المقاتلين.

مشاركة :