اختصر عنوان صحيفة «الديلي ميل» البريطانية، أمس، بعد الزلزال الذي أحدثته صحيفة «بيلد» الألمانية بنشر تقرير المحقق الأمريكي السابق مايكل جارسيا، الذي كشف عن قيام قطر بدفع رشى لأعضاء في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) من أجل استضافة مونديال 2022، خريطة طريق الأيام المقبلة، حيث أصبحت الدوحة مهددة أكثر من أي وقت مضى بعدم تنظيم كأس العالم، بسبب عملية الفساد التي تورطت فيها من اجل استضافة أهم حدث كروي على وجه الأرض.وعنونت صحيفة «الديلي ميل»: «الفيفا تسرب»، في إشارة إلى أن ما تم نشره في «بيلد» لم يكن ليحدث لولا تسريبات من قبل جهة ما في الاتحاد الدولي لكرة القدم، وهذا مؤشر أن ذلك يمهد لاتخاذ قرار مصيري حول مونديال 2022، وإن كان مسؤولو «فيفا» مازالوا يكابرون، ويؤكدون انه لا نية حتى الآن بسحب التنظيم من الدوحة.أضطر»فيفا» أمس لنشر التقرير على موقعه بعدما كانت صحيفة «بيلد» أكدت نشر تقرير جارسيا حول حصول روسيا وقطر على استضافة مونديالي 2018 و2022 على التوالي.ويؤكد التقرير ان فوز قطر بتنظيم المونديال لم يكن نظيفا، ويكشف عن بعض الحقائق مثل لقاء أمير قطر السابق حمد آل ثاني بشكل سري مع أعضاء من المكتب التنفيذي في الفيفا، والهدايا الثمينة التي حصل عليها هؤلاء. وجاء في التقرير أن رئيس الاتحاد الأوروبي آنذاك ميشال بلاتيني، قد أكد بعد مدة وجيزة من التصويت بشأن الدولة التي ستحصل على تنظيم كأس العالم، في ديسمبر 2012 أنه صوت لصالح قطر.وحسب التقرير فإنه في يناير 2013، نشرت صحيفة «فرانس فوتبول»، مقالا بعنوان مونديال 2022: فضيحة قطر.وأورد المقال أن قصر الإليزيه في باريس احتضن في نوفمبر 2010، لقاءً بين كل من ابن أمير قطر السابق والرئيس الفرنسي ، نيكولا ساركوزي وميشال بلاتيني ووأصحاب نادي باريس سان جرمان.وبحسب التقرير، فإن الاجتماع ناقش احتمال شراء قطر لنادي باريس سان جرمان، بسبب المصاعب المالية التي كان يعانيها، فضلا عن إنشاء قناة رياضية لأجل منافسة قناة فرنسية أراد ساركوزي أن يُضْعفها.ويخلص التقرير إلى أنه في حال كان هذا اللقاء قد حصل بالفعل، فإنه يعني وجود تبادل للوعود، أي تعهد قطر بإبرام صفقات في فرنسا مقابل نيل دعمها في سعيها إلى احتضان كأس العالم.ويورد التقرير أن قطر عملت في سعيها إلى نيل الرضا الفرنسي، إلى شراء نادي باريس سان جيرمان، بخمسين مليون يورو في يونيو 2011، ثم أنشأت ومولت قناة «بي إن سبورت» التي ضخت 150 مليون يورو في الدوري الفرنسي، كل سنة حتى 2016.موازاة مع ذلك، تملك القطريون قرابة 10 مليارات دولار من الأصول في فرنسا، عن طريق مؤشر الأسهم الأبرز في بورصة باريس «كاك 40».ويكشف تقرير جارسيا كيف «سافر ثلاثة أعضاء من اللجنة التنفيذية (مجلس الفيفا حالياً) لديهم حق التصويت لحضور حفل في ريودي جانيرو في طائرة خاصة من الاتحاد القطري لكرة القدم قبل التصويت على استضافة المونديال».وتابع التقرير انه مباشرة بعد منح قطر الاستضافة «هنأ عضو سابق في اللجنة التنفيذية أعضاء في الاتحاد القطري، وشكرهم عبر البريد الإلكتروني على تحويل مبلغ بمئات الآلاف من اليوروهات».وأضاف «مليونا دولار من مصدر مجهول أيضاً، دخلا في حساب لابنة أحد أعضاء الفيفا في العاشرة من عمرها».وأشار التقرير أيضاً إلى أن أكبر مركز رياضي في العالم «أكاديمية اسباير» القطرية «كانت ضالعة بشكل حاسم في توريط أعضاء الفيفا الذين يحق لهم التصويت».وأثار حصول قطر على استضافة مونديال 2022 في نهاية 2010 الجدل منذ البداية، وأحيطت به شكوك قوية بالفساد.وأجرى المدعي العام الأمريكي السابق مايكل جارسيا، تحقيقاً داخلياً في «الفيفا» حول استضافة البطولتين من قبل قطر وروسيا، أعلنت بموجبه الغرفة القضائية التابعة للجنة الأخلاق في الاتحاد الدولي أن هناك سلوكاً مشبوهاً، لكن لا يصل إلى حد سحب التنظيم منهما، وفي نهاية 2014، اعتبر جارسيا أن قراءة تقريره الذي نشر جزء منه فقط، كانت جزئية، ومنحازة.إذاً، هناك جهات في «فيفا» ما زالت لا تريد كشف الحقيقة كاملة، لكن يأتي تقرير جارسيا ليمثل المزيد من الإحراج لها، ولاسيما انه يتهم الدوحة بالدلائل على دفع رشى من أجل تنظيم المونديال، الذي تم شراؤه بالفعل، وهو ما عبرت عنه الصحافة العالمية بشكل واضح، أمس، بعدما تم نشر التقرير.وقالت: «ديلي ميل»: قطر قدمت خدماتها كي تتآمر على نزاهة عملية تقديم العروض، وكتبت «ديلي تيليغراف» البريطانية: تقرير جارسيا حول عملية التصويت على الملفات في مونديالي روسيا وقطر تم تسريبه، و»بيلد» الألمانية بدأت بنشر مقتطفات من الوثائق التي ستحدث ضجة في عالم الكرة. ما تم تسريبه في التقرير يبدو أنه يتناقض مع الملخص الذي نشر في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 من قبل رئيس لجنة التحكيم القاضي هانز يواكيم ايكرت الذي أقيل من منصبه في مؤتمر «فيفا» الذي عقد بالبحرين مؤخراً. جارسيا، وايكرت تحدثا معاً عن الدور الذي لعبته أكاديمية اسباير القطرية في الفوز بملف استضافة مونديال 2022 وورد في تقرير جارسيا: «على أقل تقدير، موارد مالية متصلة بأكاديمية أسباير لعبت دوراً مع أعضاء في اللجنة التنفيذية في «فيفا» ما نجمت عنه مخالفات، وهذه الأفعال تآمرت على نزاهة تقديم عروض الاستضافة».وذكّرت الصحيفة البريطانية بتقرير ايكرت الموجز حينها الذي ورد فيه: «الحقائق المحتمل إثارتها للمشكلات، والظروف التي ذكرها تقرير جارسيا في ما يخص مونديال قطر 2022 كانت عموماً غير كافية لدحض نزاهة «فيفا» في ما يخص عملية تقديم العروض بشكل إجمالي لمونديال روسيا 2018، وقطر 2022»، جارسيا استقال احتجاجاً على تقرير ايكرت واصفاً إياه ب«غير مكتمل من الناحية المادية، وتم تقديم الحقائق فيه بشكل خاطئ».
مشاركة :