يلقي الاحتلال ظلاله الثقيلة على حياة الفلسطينيين حتى في مناسباتهم الدينية والأعياد، سواء كانت للمسلمين أو للمسيحيين أو حتى للسامريين، وهم طائفة توراتية تعيش في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، وتتحدر من دولة السامرة التوراتية القديمة. يبدأ الفلسطينيون أعيادهم بالسؤال إن كانت الحواجز العسكرية الإسرائيلية المنتشرة على الطرق الفاصلة بين المدن والمحافظات، مفتوحة أم مغلقة، ليقرروا متى يتوجهون الى زيارة عائلاتهم. وطوّر خبراء فلسطينيون في الإنترنت تطبيقاً على الهاتف الذكي لتتبع مسارات الطرق أطلقوا عليه اسم «أزمة». اذ يدخل حملة الهواتف الذكية هذا التطبيق، ويصفون حدة الأزمة على الحواجز العسكرية. وقبل أن يتوجه الناس الى عائلاتهم في العيد، يلقون نظرة على هذا التطبيق حيث يجدون الخيارات التالية: حاجز قلنديا (مثلاً): ازدحام شديد... او متوسط... او مفتوح. ويربط حاجز قلنديا شمال الضفة الغربية ووسطها مع مدينة القدس المحتلة. والأمر ذاته ينطبق على بقية الحواجز والطرق، مثل حاجز «الكونتينر» الواصل بين جنوب الضفة، وهي بيت لحم والخليل، مع مركز الضفة في رام الله. وذلك الحال في حاجز زعترة الواقع جنوب مدينة نابلس والفاصل بين شمال الضفة ووسطها. كما طوّرت إحدى شبكتي الاتصالات الخليوية العاملة في فلسطين، برنامجاً خاصاً لمشتركيها يوضح لهم حالة الحركة على الحواجز العسكرية الإسرائيلية الدائمة أو تلك التي تقام بصورة فجائية. وعادة ما تمنح السلطات الإسرائيلية الفلسطينيين تصاريح زيارة في الأعياد للوصول الى عائلاتهم الموزعة بين الضفة وقطاع غزة والقدس وإسرائيل. لكنها كثيراً ما توقف العمل بهذه التصاريح في حال وقوع حادث ما. وأعلنت السلطات الإسرائيلية مطلع شهر رمضان منح سكان الضفة «تصاريح عائلية» تسمح لهم بزيارة عائلاتهم في القدس وداخل الخط الأخضر (إسرائيل) في عيد الفطر. لكنها عادت وأعلنت وقف العمل بجميع هذه التصاريح البالغ عددها 200 ألف تصريح بعد وقوع عملية طعن في مدينة القدس قتلت خلالها مجندة إسرائيلية وثلاثة شباب فلسطينيين. وتذرعت السلطات الإسرائيلية بالعامل الأمني في وقف العمل بهذه التصاريح، على رغم أن تحقيقاتها أشارت الى أن المهاجمين ليسوا من حملة التصاريح، وانهم تمكنوا من اجتياز الجدار الفاصل والوصول الى هدفهم. وفي الاحتفالات الدينية للمسيحيين، يسير المعيّدون الفلسطينيون في «درب الآلام» في البلدة القديمة في القدس، وهي الطريق التي سار فيها المسيح (عليه السلام). وكثيراً ما يُحرم المسيحيون من سكان قطاع غزة والضفة من الوصول الى القدس للاحتفال في كنيسة القيامة. وفي احتفالات السامريين، يجتمع الفلسطينيون بكل طوائفهم في الحي السامري على جبل جرزيم في نابلس، فترى رجال الدين المسلمين والمسيحيين والتوراتيين جنباً الى جنب لا يعكر صفوهم سوى مظاهر الاحتلال والاستيطان التي تحيط بالمكان كالسوار بالمعصم. ويحتفل السامريون بالعرش والفصح اليهوديين وغيرهما، لكنهم يعتبرون انفسهم بني إسرائيل الأصليين، ويعتبرون اليهود منشقين عن العقيدة التوراتية الحقة.
مشاركة :