مصر علي وشك " منصة " جديدة شبيهة بمنصة السادات ؟

  • 6/28/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تأزم الوضع في مصر حالياً، بحيث أصبح الطريق مفتوحاً أمام "منصة جديدة" شبيهة بالمنصة التي راح ضحيتها الرئيس أنور السادات، في 6 أكتوبر/تشرين الأول 1981، والسؤال هنا: حول المدى الزمني الذي من الممكن أن تحدث فيه هذه المنصة المتوقعة؟ فقد سبق أن تنبأ "الرئيس السيسي" نفسه بها؛ وبأنه وفق "رؤية منامية " رأى أنها سوف تتحقق، وأنه سوف يلقى "مصير السادات". الطريق إلى المنصة بات مفتوحاً بعد توقيع "السيسي" على اتفاقية باطلة أُعلن بطلانها للعالم بموجب حكم قضائي بات ونهائي بشأنها: "اتفاقية السيسي" المفضية إلى التنازل عن الجزر المصرية الاستراتيجية "تيران وصنافير" للمملكة العربية السعودية، ومنها لمشروع الشرق أوسط الجديد، وحلف "كامب ديفيد" الموسع بضم السعودية ودول من الخليج العربي والدولة الفلسطينية المزمع إنشاؤها. وقد تأزم الوضع في مصر بأكثر من تأزمه الحاصل منذ حدوث "الانقلاب العسكري" في 3 يوليو/تموز 2013، وقد تعقدت الأوضاع، بعد هذا التوقيع الرئاسي في مساء يوم 24 يونيو/حزيران 2017، وكان هذا التوقيع الذي مهره السيسي هو المتمم لخطوات بدأها من وراء الشعب في يونيو/حزيران 2014 بالانخراط في مشاريع خُططت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وتم اعتماد بعضها وإعلانه بعد "مؤتمر يالطا" في فبراير/شباط 1945. كان السيسي يتوارى قبل هذا التوقيع وراء ادعاء أن هناك إجراء حدث في عهد "الرئيس مبارك" في يناير/كانون الثاني 1990 خاص بنقاط الأساس لترسيم الحدود البحرية المصرية في البحر الأحمر وخليج العقبة، وأن نقاط الأساس المصرية هذه لم ترتكز في أراضي تيران وصنافير باعتبارها "أراضي غير مصرية"، وهو الأمر الذي رأى الكثير من المصريين أنه "متهافت"، ولا يصمد أمام آلاف الأسانيد التي تؤكد ملكية مصر للجزر وسيادتها عليها منذ العام 1906. ولهذا فقد بات في ظن الكثيرين من العسكريين والمدنيين أن "السيسي" فرط في أراض لا يمكن التفريط فيها، وأنه قد حقق هزيمة سياسية وعسكرية لمصر، وأنه حقق: نتائج الخيانة الوطنية بالفشل في إدارة السلطة، وحقق أقصى ما يمكن أن تحققه الهزائم العسكرية بتنازله عن الجزر المصرية، وفي ظن بعض آخر من المعارضين للرئيس أن "السيسي" ربما لا يكون خائناً بالمفهوم التقليدي للخيانة العظمى في جرائم الحكام وأصحاب السلطة، ولكن بمفهوم الوجه الآخر للفشل والهزيمة، فإنه حقق ما تحدثه "الخيانة الوطنية"، وعليه فإن "السيسي" قد خسر كونه رئيس الضرورة المطلوب وجوده في السلطة، وأصبح "الرئيس السيسي" بالنسبة لأغلبية الشعب: إما أنه نموذج "الرئيس الخائن"، أو أنه "الرئيس الساذج"، وأن مثل هذا الرئيس يجب أن يُطرد من السلطة فوراً. فعندما يبيع السيسي "تيران وصنافير" الاستراتيجيتين، فحسن الظن به غير وارد على الإطلاق، وأنه بما فعل فقد سار في نفس الطريق الذي سار فيه "أنور السادات" من قبل بتوقيعه "كامب ديفيد الأولى"؛ حتى وصل إلى منصة أكتوبر/تشرين الأول 1981. وبالنسبة للرئيس السيسي فبعد أن مضت ثلاث سنوات فقط على تسلمه مهام منصب رئيس الجمهورية في 8 يونيو/حزيران 2014 فقد ارتبكت السلطة في الدولة المصرية؛ بأشد حالات ارتباكها منذ كارثة يونيو/حزيران 1967 رغم عظم الاختبارات التي واجهتها الدولة المصرية خلال هذه الـ 50 عاماً ما بين يونيو الأول في 1967 ويونيو الثاني في 2017. ولا يوجد تفسير لارتباك الدولة المصرية الحالي في عهد "السيسي"، رغم تحسن إمكانات مصر عما كان قبلاً؛ إلا أن نظام الحكم لا يعبر فعلياً وواقعياً عن جموع الشعب المصري، ولا يعتد بأن تكون السلطة ميزاناً عادلاً بين كافة طبقات وطوائف المصريين. لا تفسير واضح لهذا الارتباك المُعَجز وغير المنتج إلا لدولة على الرمال، إلا أن السلطة الحاكمة تجافي الديمقراطية وتعادي المنادين بها وتختصم المطالبين بنزاهة نظام الحكم، وأحيانا تلفق لهم القضايا، بما يهدر قيمة ونزاهة وهيبة الدولة، وكذلك فهي تتبنى مشروعاً لا وطني؛ بل تُخرط مصر في أحلاف التبعية التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية في عهد الرئيس الأميركي "المهتز" دونالد ترامب، الذي يمضي الأميركيون الآن في محاصرة لتجاوزاته لسلطاته، وربما يمضي الأميركيون إلى عزل "ترامب" رغم أسلابه التي حصل عليها من المنخرطين في "حلفه" من حكام المملكة السعودية ودولة الإمارات العربية. لقد أصبح الارتباك الذي تعاني منه السلطة الحاكمة في مصر مظهراً دالاً على اﻹخفاقات التي أنتجتها هذه السلطة، كما أصبحت هذه اﻹخفاقات دليلاً على استمرار "التهاوي بالدولة" إذا استمرت هذه السلطة بذات أساليبها، والمؤكد الآن أن رئيس هذه السلطة عليه أن يدفع ثمن ما يراه الكثيرون من أنه "خيانة وطنية"، وكذلك عليه أن يدفع ثمن أخطائه في إدارة الدولة، وهكذا يبدو السيسي وكأنه مقيد بقدر السير إلى "منصته" مفتوح العينين. والخطر اﻷكبر القادم في مواجهة السلطة الحاكمة هو استمرار "الارتباك الشديد" والفوضى نتيجة استمرار أساليب السلطة، في تمرير ما تريد تحقيقه من مشاريع؛ لشخوص هذه السلطة، ولم تجد من المصريين قبولاً أو اقتناعاً أو صبراً على مهلة الزمن التي يراهن عليها النظام، بل إن مشروعاً مثل مشروع الشرق أوسط الجديد؛ الذي يتبناه الرئيس السيسي شخصياً يواجه رفضاً شعبياً واضحاً َ وإلى الحد الذي اتهم بسببه "السيسي" بارتكاب جريمة الخيانة العظمى بتفريطه العمدي في "الجزر" وقد فتح هذا المشروع تحديداً الباب أمام تحرك جديد للدبابات أو فتح الطريق إلى "المنصة الجديدة". المأزق السياسي يستفحل أثره المدمر على كيان الدولة فيما بعد "السيسي"، وكذلك يستفحل أثره المدمر على طبيعة الشعب المصري. ولعل أخطر ما أفرزه المأزق الحالي الذي يعيشه النظام الحاكم لمصر ويعيشه الرئيس السيسي الذي يعيش أيام القلق؛ هو تآكل شرعية رئيس الدولة وليس تآكل شعبيته ولعل الموجة الجديدة من الارتباك، سوف تبرز في "وظيفة رئيس الدولة ومهامه" وعلاقته بالمؤسسة العسكرية فقد اختلط المدني بالعسكري بأكثر مما يجب، واختلط العسكري بالمدني بأكثر مما يجوز، ومما تستطيع أن تتحمله مصر وارتكب رئيس الجمهورية التفريط في جزء من إقليم الدولة، التي على القوات المسلحة حمايتها، في حين أن علي الجيش حماية هذا الرئيس نفسه وجعله يستمر في السلطة رغم تفريطه المرفوض من الشعب في أرض الإقليم المصري. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :