تصاعدت حدة الأحداث في المغرب، في ظل أجواء من القلق والتوتر داخل الشارع السياسي، والقصر الملكي، عقب تطورات متلاحقة صاحبت مواجهات «الإثنين الأسود» التي شهدتها مدينة الحسيمة وعدد من مناطق الريف، يوم أمس الأول،الاثنين، وأشعلت احتجاجات «حراك الريف» ودفعت الألاف من المحتجين للخروج في وقفة تضامنية، بمدينة الدار البيضاء، مع حضور مكثف لقوات الأمن.. ورفع المشاركون في الوقفة، شعارات التضامن مع حراك الريف والمعتقلين على خلفيته، وأخرى تندد بالقمع الذي تصدى لـ «مسيرة العيد» في الحسيمة، شمال شرقي المغرب، وتسبب في إراقة دماء عشرات الضحايا من المتظاهرين، في ثاني أيام عيد الفطر المبارك، مما فجر حالة الاحتقان داخل المملكة المغربية، وعبرت الشعارات عن غضب الشعب المغربي المتضامن مع «حراك الريف» السلمي، المطالب بحقوق اجتماعية، منذ أكثر من ثلاثة اشهر دون تجاوب من السلطات المغربية وكان من بين الشعارات: «سلمية سلمية وقمعتوها» و«الطحن مو» و«وكلنا شعب الريف» و«عاش الشعب» البداية .. مؤشرات الاحتقان والغضب كانت مؤشرات الاحتقان والغضب المكتوم في منطقة الريف المغربي، بدأت مع واقعة 8 أكتوبر/تشرين أول 2016، حينما تعرض الشاب محسن فكري لعملية «طحن» حقيقية بشاحنة لجمع النفايات بميناء الحسيمة (أقصى شمال المغرب)، بعدما صادرت سلطات الميناء صناديق سمكه ورمت بها في ذات الشاحنة، بدعوى أنها محملة بأسماك ممنوع اصطيادها ومن ثم تسويقها واستهلاكها، أو هكذا قيل وراج في حينه.. مباشرة بعد ذلك، خرج الآلاف من شباب المدينة احتجاجا على «طحن» ابن بلدتهم، لكن غضبهم سرعان ما تراجع وفتر، بعدما زار وزير الداخلية شخصيا المنطقة لتقديم واجب العزاء لذوي الراحل، وشدد على التزام الحكومة بمباشرة تحقيق قضائي دقيق، لتحديد ظروف وملابسات الحادث وتقديم الجناة للعدالة. وبعد ستة أشهر من التحقيقات،صدرت أحكاما «متواضعة ومخففة» والتي أفاضت كأس الاحتقان، وحولته من احتقان مبطّن إلى احتجاجات واسعة بدأت عفوية في شوارع المدينة الكبرى وبعض القرى المجاورة، ثم أخذت لنفسها بالتدريج إطارا تنظيميا مهيكلا، ينطق باسمها ويتصدر صفوفها الأمامية ويعبر عن مطالبها. مطالب اجتماعية واقتصادية ورغم أن هوية المنطقة ذات طبيعة عرقية مميزة لغة وثقافة وتقاليد، شأنها في ذلك شأن أعراق أخرى في المغرب؛ فإن «الحركة» الاحتجاجية لم تمتط كثيرا ناصية هذه الجزئية، ولم تدفع كثيرا بهذه الورقة مخافة إلصاق «تهمة الانفصال» بها، أو خشية تقويض منسوب التعاطف الذي عبر لها عنه العديد من القوى السياسية والثقافية والمدنية. ولذلك، كانت مطالب ما بات يسمى «حراك الريف»، مطالب حقوقية واقتصادية واجتماعية خالصة، راهن عليها ولا يزال للخروج من حالة المعاناة المعيشية التي يعيشها أهالي المنطقة، التي يعاني شبابها من البطالة، فالمنطقة لا تعرف رواجا اقتصاديا تعززه مشاريع تنموية منتجة للثروة و لفرص العمل، وتفتقر إلى مقومات الخدمات الاجتماعية الأساسية. الهوة بين المسؤولين والشعب اتسعت..وتدخل الملك صارا ضروري ويرى الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، أن ما يحدث في الريف منذ شهور، وما حدث يوم العيد «إيذان بنهاية مرحلة، وبداية أخرى» .. وقال القيادي الحزبي المغربي: إن التدخل الملكي لوقف هذه الانتهاكات الخطيرة في حق أبناء الريف أصبح أمرا ضروريا، لأن هذه الأحداث، التي يشهدها المغرب «لم يسبق لها مثيل في عهد الملك محمد السادس، وأن خيار العنف والحكرة الممارسة على أبناء الريف، وكافة أبناء الشعب المغربي تجاوزت الحدود، لكنها لم تعد تنفع، وإرهاب الناس لا يعطي أي نتيجة » طغيان الهاجس الأمني وانتقدت القوى السياسية والحزبية، طغيان الهاجس الأمني على المقاربات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من المقاربات، مما لايجعل أحد مطمئنا على وطنه .. ولفتت الانتباه إلى أنه بعد هذه الأحداث «كبر الجرح، وتوسعت الهوة بين الشعب، والمسؤولين، لاسيما الأمنيين منهم، الأمر الذي يتطلب تدخلا ملكيا». وأشاروا إلى أن «الرسائل، التي بعث بها الملك محمد السادس من المجلس الوزاري الأخير تؤكد أن التقارير، التي تصله من بعض المسؤولين مغلوطة» !! غضبة الملك وكشفت وسائل الإعلام المغربية، أن احتجاجات الريف خيمت على أول مجلس وزاري ترأسه الملك محمد السادس، في عهد حكومة سعد الدين العثماني..وبحسب بلاغ الديوان الملكي، فإن الملك عبر للحكومة، والوزراء المعنيين ببرنامج «الحسيمة منارة المتوسط»، بصفة خاصة عن استيائه، وانزعاجه، وقلقه بخصوص عدم تنفيذ المشاريع، التي يتضمنها هذا البرنامج التنموي الكبير، الذي تم توقيعه تحت رئاسته الفعلية، بتطوان في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، في الآجال المحددة لها. الحكومة والأحزاب تواجه أزمة بالريف بالصمت ودخل المسؤولون الحكوميون، وقادة الأغلبية، ومختلف الأحزاب السياسية، في صمت رهيب إزاء ما يحدث من عنف، ودماء، واعتقالات تطال نشطاء حراك الريف، بحسب تقرير صحيفة أخبار اليوم المغربية، بينما انبرى أغلب رواد التواصل الاجتماعي، لاسيما النشطاء السياسيون منهم، إلى مطالبة سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، والمصطفى الرميد، وزير حقوق الإنسان، وباقي الوزراء، والسياسيين إلى الخروج عن صمتهم إزاء ما يحدث في الريف من «اعتداءات واعتقالات تتزايد كل يوم في حق المحتجين» .. وطالبوا رئيس الحكومة بالتحدث إلى الشعب بصراحة، ليقول لهم من يسهر على تدبير ملف الريف، هل الحكومة أم جهات أخرى؟ متضامنون مع حراك الريف من قلب بروكسل وشارك المئات من أبناء الجالية المغربية في بروكسل، أمس الثلاثاء، في وقفة تضامنية مع ضحايا منع مسيرة العيد في الحسيمة وعدد من مناطق الريف، والتي أوقعت عدد من الجرحى، وأسفرت عن اعتقال مجموعة من النشطاء لم يحدد عددهم إلى اليوم، وشكل المتضامنون سلسلة بشرية على طول شارع رئيسي في العاصمة البلجيكية، وسط حضور رجال الأمن، ورفع المحتجون شعارات ولافتات وصور لمعتقلي حراك الريف، بالإضافة إلى صور توثق مشاهد تدخل قوات الأمن لمنع «مسيرة العيد» وهي الأحداث التي أشعلت .الاحتجاجات الغاضبة في المغرب، ويخشى القصر والحكومة من تداعياتها
مشاركة :