تترقب الدوائر السياسية في تونس، تعديلا وزاريا قريبا، لتصحيح صورة حكومة وصفتها بأنها « بلا هوية» رغم حجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها، بعد مرور عام كامل على المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، في 2016 وهي مبادرة حكومة الوحدة الوطنية، تأسيسا على «وثيقة قرطاج» .. قائد السبسي برّر آنذاك هذا الخيار بعجز الحكومة السابقة ( حكومة حبيب الصيد) عن القيام بالدور المطلوب منها خاصة على مستوى الانقاذ الاقتصادي والتصدي لتعطيل الانتاج الى جانب العناية بالشأن الاجتماعي وبضرورة تكوين حكومة جديدة تلتف حولها كل القوى الفاعلة في البلاد. وإذا كانت حكومة يوسف الشاهد، بلا هوية، بحسب وصف عدد من السياسيين وقادة أحزاب، فإن الوصف يطال أداء الحكومة وتوجهاتها وانجازاتها حتى الآن، خاصة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي ، وربما يأتي التعديل الوزاري المرتقب لتصحيح مسار أداء الحكومة، بعد التشاور مع الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج التي تريد التعجيل بهذا التعديل (التحوير) على غرار ما أشار إليه الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل ( أكبر منظمة نقابية تونسية ) نورالدين الطبوبي، الذي اعتبر التعديل الوزاري ضروريا استجابة لمتطلبات المرحلة ولتفعيل عمل الحكومة . وسائل الإعلام التونسية، ترى في التعديل (التحوير) الوزاري المرتقب، فرصة لتفعيل عمل « حكومة بلا هوية» وحتى تواجه متطلبات المرحلة، وهي الحرب على الفساد، التي قد تذهب بأكثر من اسم داخل الحكومة .. ويرجع «ترهل» أداء الحكومة، وعدم وضوح رؤية وهوية لها، بحسب تقرير صحيفة الشروق التونسية، إلى أنه لم تتحقق طيلة الفترة الماضية الوحدة الوطنية التامة بين مختلف الأطراف المشكلة للمشهد العام في البلاد، فقد ظهرت تقلبات وتجاذبات بين الموقعين على وثيقة قرطاج أو مكونات الحكومة انتهت في بعض الأحيان باعلان أحد الأطراف الانسحاب من وثيقة قرطاج ( على غرار حزب الاتحاد الوطني الحر) أو إعلان سحب الدعم للحكومة على غرار (حركة مشروع تونس) كما تعددت الانتقادات والضغوطات على الحكومة من قبل اطراف وثيقة قرطاج أبرزهم اتحاد الشغل، ومنظمة الأعراف ( الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة)، والأحزاب الأخرى الموقعة أو المشاركة في الحكومة. ويؤكد المحلل السياسي التونسي، خالد الحداد، أنّ التحوير الوزاري بات لازما لإعطاء نفس جديد للعمل الحكومي وتعزيز الفريق بكفاءات أخرى من شأنها الاستجابة لحاجيات المرحلة الوطنية الراهنة سواء في تحفيز الاستقرار الاجتماعي والأمني من أجل استنهاض مختلف المجالات التنمويّة ومزيد الاقتراب من احتياجات المواطنين في مختلف الجهات وخاصة النائية منها أو مواكبة التوجه الحكومي في الحرب على الفساد والذي يستدعي خططا أكثر نجاعة وامكانيات وموارد لوجيستية وبشرية لكسب الرهان. وأضاف «الحداد»: التعديل الوزاري لازم، وقد يكون أيضا مستعجلا، لانّ الوضعية الراهنة لا تنبئ الا بمزيد التفتت والتفكك الى الوقت الذي قد تبقى فيه الحكومة دون سند سياسي وحزبي واضح.
مشاركة :