مثل كويتي قديم كانت العامة تردده كلما جاء ذكر الشيوخ الحكام أو من دونهم من الشيوخ. ونحن كذلك معشر العامة والرؤوس في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، نقول الكلام نفسه الشيوخ أبخص، بل الملوك والرؤساء والأمراء أبخص، أي أعلم بما يدور عندهم من ترتيبات لبيت الحكم وسوس الناس ومتابعة المصالح والمفاسد التي بها يصلح حال العباد والبلاد. إذا نحن أردنا راحة البال وسكينة النفوس، بل وكمال الدين وإعطاء كل ذي حق حقه، فعلينا ألا نتدخل في ما لا يعنينا في الحكم من تغيرات وترتيبات هم أعلم وأحكم في ما يرونه ويقلبونه في المجالات المتنوعة للوصول إلى ما فيه المصلحة العامة. أما اللغط والجدل واجترار الكلام أو تسويقه من هنا وهناك ومن دون دليل ولا برهان، فليس من العدالة ولا من الأمانة والدين الذي أمرنا أن نترك لكل ذي شأن شأنه، وليس من الكياسة واللباقة أن أخوض في ما لا أعرف هذا أولاً. وأما ثانياً: فلن أعرف الحقيقة بحسب ما يخوض بها الناس. وأما ثالثاً: إن عرفت الحقيقة، فما المستفاد من وراء ذلك، حيث إني لا أستطيع أن أنشرها، وإن نشرتها فتبعات ذلك قد تكون وخيمة وغير طيبة لي ولغيري من الذين أخذوا بها. مثل العامة «الشيوخ أبخص» فيه من الحكمة والتروي والبعد عما لا يعني المرء وهو ما لا تجده عند الساسة وأرباب الأفكار المتنوعة، فتراهم يخوضون في أمور متعجلة لا نفع منها للعامة والخاصة معاً، أي قد تأتي بأمور لا تحمد عقباها، ضررها أكبر من نفعها، وعليهم قبل غيرهم. ألم تر إلى بعض متعاطي أجهزة التواصل الاجتماعي وكيف يسوّقون للباطل بعلم أو بغيره وهم لا يشعرون ولا يتوقفون إلا إذا وقعت الفأس بالرأس. ألا فلتعف الشعوب أنفسها وألسنتها وأقلامها مما لا فائدة منه ولا رجاء، فإن الحريق الكبير من مستصغر الشرر. .. والله المستعان. • الجرح: «جرح السلاح يبرأ وجرح اللسان ما يبرأ». د. محمد بن إبراهيم الشيباني Shaibani@makhtutat.org
مشاركة :