متابعة: مها عادل موسم مسرحي ساخن تستعد له العواصم الأوروبية الشهيرة، التي تعتبر العروض الموسيقية الراقية واحداً من عناصر الجذب السياحي والثقافي الهامة التي لا تغيب عن أجندتها الموسمية. ولأن لندن تعتبر واحدة من أهم عواصم الفنون الراقية الأوبرالية والمسرحية في القارة العجوز، فقد بدأت مسارحها مبكراً في خوض منافسة ساخنة لتقديم عروض مميزة تجتذب زوارها خلال موسم الصيف، الذي تستقبل فيه مدينة الضباب البريطانية ملايين الزائرين والسياح من جميع أنحاء العالم، وتقدم منطقة «وست إند» بمسارحها الشهيرة تشكيلة مهمة من المسرحيات الغنائية الشيقة، ويلاحظ أن كثيراً من المسرحيات التي تجتذب المشاهدين هذا الموسم، هي إعادة لأعمال كلاسيكية ناجحة على مدى سنوات طويلة، وتستمر في المنافسة هذا العام، ومازالت قادرة على حصد الجوائز وإضافة ملايين الجنيهات الإسترلينية إلى شباك التذاكر. تتصدر قائمة تلك الأعمال، مسرحية «فورتي سكند ستريت» والتي يتم عرضها على مسرح «دروري لين» الملكي منذ شهر إبريل الماضي، وتقوم ببطولتها النجمة الأسكتلندية الحاصلة على جائزة جرامي شينا إيستون مع توم ليستر ودورثي بروك، وقد نجحت هذه المسرحية الكلاسيكية في تصدر شباك التذاكر لأسابيع متتالية، بعد أن حصدت هذا العام جائزة توني لأفضل عمل غنائي وإعادة إحياء لمسرحية كلاسيكية، بينما سبق لها أن حصلت على جائزة لورانس أوليفيه عام 1984.. وتروي أحداثها قصة امرأة تدعى بيجي ساوير تترك بلدتها الصغيرة وتذهب إلى مدينة نيويورك بحثاً عن الأضواء والشهرة في شارع برودواي، وبينما تعمل في دور صغير في فرقة استعراضية كبرى تعاني الشعور بعدم قدرتها على تحقيق ذاتها، أو الوصول إلى ما تصبو إليه نفسها من شهرة وطموح ونجاح. وتأتي في المركز الثاني مسرحية «أمريكان إن باريس» التي تعرض على مسرح «دومنيون»، والتي حصلت على جائزة توني لأفضل أداء راقص هذا العام، وهذه المسرحية سبق أن قدمها النجم الأمريكي الشهير جين كيلي في فيلم استعراضي أواخر الأربعينات، وتقدم نظرة خاصة إلى باريس في منتصف القرن العشرين، من خلال عيني رسام أمريكي يعيش هناك في الحي اللاتيني، ويبحث عن الإلهام في المدينة النابضة بالحياة التي خرجت للتو من مأساة الحرب العالمية ، ونجت من التدمير على أيدي النازيين، ومازالت قادرة على تقديم الرومانسية والإلهام للفنانين الباحثين عن فرصة للتعبير الفني وعيش تجارب الحب والصداقة والفن، ويقدم العمل وجبة حافلة من الموسيقى الكلاسيكية والجاز والأداء الراقص، الذي يجمع بين الاستعراضات الجماعية والأداء الفردي المميز. وتتألق الفنانة البريطانية ميراندا هارت مع المسرحية الغنائية الشهيرة «آني» على مسرح البيكاديلي، وهي المرة الأولى التي تظهر فيها هارت على مسارح «وست إند»، بعد أن سبق وتألقت في عروض تلفزيونية عديدة، وتؤدي في المسرحية دوراً كلاسيكياً شريراً لمديرة ملجأ الأيتام التي تعنف الأطفال وتعاملهم بطريقة سيئة، بينما تحصل الطفلة اليتيمة آني على فرصة خاصة لقضاء عيد الميلاد مع الملياردير أوليفر واربكس، وتتغير حياتها بشكل كبير، بعد تقاطع شخصية الفتاة اليتيمة المرحة المفعمة بالحيوية مع الملياردير الصارم الذي يضع معايير مادية لكل شيء، وليس عجيباً أن تتصدر هذه المسرحية قوائم العروض الموجودة على واحد من أشهر مسارح لندن، حيث يعتبرها النقاد ضمن أشهر المسرحيات الغنائية في التاريخ وأكثرها جذباً لجميع الأعمار، ومع ذلك قدمت الشركة المنتجة تنبيهاً للمشاهدين عبر صفحتها الإلكترونية بأنه من غير المسموح حضور الأطفال تحت سن الخامسة.وعلى قائمة «وست إند» هذا الصيف توجد أيضاً مسرحية «أبولوجيا» التي يقدمها الكاتب اليوناني الأصل ألكسي كاي كامبل، وترشح بسببها لجائزة أفضل كاتب بريطاني عام 2009، وتعتبر هذه المسرحية التي ستنطلق في يوليو القادم على مسرح «ترافلجار ستوديو» واحدة من أحدث عروض المسرح الغنائي التي تخرج على القائمة الكلاسيكية التقليدية.عروض الصغار على مسرح «لندن بالاديوم»، تعرض «ديك ويتنجتون» التي تتضمن العديد من عروض العرائس التي يستمتع بها الأطفال الصغار والمشاهدون الكبار على حد سواء.. وتقدم إدارة المسرح تحذيراً بأن الأطفال تحت سن الثالثة يجب أن لا يتم اصطحابهم للعرض، ويفضل أن يكون عمرهم فوق الخامسة حتى يستمتعوا، مع التنبيه بأنه يجب أن يكونوا قادرين على الجلوس من دون مساعدة في مقعدهم الخاص، والتركيز في الأداء لعدم صرف انتباه مشاهدين آخرين من الجمهور، ويتضمن العرض العديد من استعراضات البانتوميم والعرائس المحببة، ويحفل بالمشاهد المتنوعة والإبهار البصري والخدع المسرحية التي يستمتع بها المشاهدون من جميع الأعمار.ولا يمكن الحديث عن الموسم المسرحي في «وست إند» اللندنية من دون ذكر مساهمات شركة ديزني الأمريكية التي تحرص دائماً على الحضور في هذا السوق الثقافي الحافل، وهذا الصيف تقدم العرض العائلي الكلاسيكي «ليون كينج»على مسرح «ليسيوم لندن» والتي يقوم ببطولتها المغني النيوزيلندي نيك أفوا في دور الأسد سيمبا، وكوانسي ميلر كول في دور سيمبا الطفل، وآفا برينر في دور نالا. والمسرحية الغنائية مستوحاة من فيلم الرسوم المتحركة الشهير الذي قدمته استوديوهات ديزني عام 1994.. ولا تخلو من الإبهار الذي شهده الفيلم، حيث يتم استخدام تقنيات متطورة في تنفيذ الاستعراضات وتقديم الموسيقى والأغاني الشهيرة.. ويشارك في المسرحية 40 راقصاً وراقصة يقدمون عروضاً جماعية مفعمة بالحيوية ومستوحاة من التراث الإفريقي، بينما تقدم الديكورات الخاصة بعداً آخر من الجمال باستخدام مناظر طبيعية من السهول والأدغال الإفريقية الشاسعة.. وعلى رغم أنها مستوحاة من الفيلم الشهير، فإنها تتضمن بعض التعديلات والاختلافات في بناء الشخصيات، حتى تمنح المشاهدين تجربة جديدة مختلفة لا تتأثر بمسار الفيلم. علاء الدين العرض الآخر الذي تقدمه شركة ديزني الأمريكية هو مسرحية «علاء الدين» الغنائية التي يجرى تقديمها على مسرح «الأمير إدوارد»، ويتضمن هذا العرض الكلاسيكي (الذي ينقل المشاهدين إلى عالم ألف ليلة وليلة الساحر) الكثير من الخدع المتقنة واستخدام المؤثرات الخاصة والدخان الاصطناعي.. وقد حصل على العديد من الجوائز، من بينها جائزة توني عام 2014، وتم تقديمه في برودواي لمواسم عديدة قبل أن ينتقل إلى لندن بعالم سحري يجسد أساطير الشرق الغامضة، وحكاية الصبي الفقير علاء الدين الذي يحاول الوزير الشرير جعفر أن يستغله للحصول على المصباح السحري، وتسخير الجني الموجود بداخله للحصول على قوة مطلقة تجعله قادراً على الجلوس على عرش المملكة، ويقوم الممثل البريطاني دين جون ويلسون بدور علاء الدين، بينما المغنية البريطانية جيد لويس أوين تجسد دور ياسمينا، ويؤدي جلاجر دور جعفر، وتريفورديون نيكولاس دور جني المصباح السحري.أما العروض الموسيقية الكوميدية، فأشهرها هذا الموسم العرض الذي يقدم على مسرح «سافوي» ويحمل اسم «دريم جيرلز»، والذي يعود بالمشاهدين إلى حقبة الستينات في الملابس والاستعراضات، ويقدم عرضاً مبهجاً مرحاً يتضمن الكثير من القيم الاجتماعية والأغاني الجيدة وموسيقى الروك التي كانت سائدة في هذه الحقبة، وهذا هو الظهور الأول لهذا العرض في «وست إند»، بعد النجاح الكبير الذي حققه من قبل في برودواي بنيويورك، حيث مازال العرض مستمراً في لندن منذ نوفمبر العام الماضي. أما عرض «كنكي بوتس» الذي يتم تقديمه على مسرح «أديلفي»، فيتميز بفوزه بست جوائز توني من 13 ترشيحاً حصل عليه، بما فيها جائزة أفضل مسرحية غنائية؛ وهو من بطولة مات هنري وإيلينا سكي وديفيد هنتر وميشيل هوبز، ويستقر العرض الشهير في لندن هذا الموسم بعد رحلة طويلة دار فيها حول العالم، ونجاح كبير حققه في برودواي بنيويورك، ليزيد من حدة المنافسة بين العروض المسرحية الغنائية الشهيرة، التي تتألق بها مسارح لندن الشهيرة هذا الموسم.
مشاركة :