الإرهاب و «النوايا الخبيثة» وراء دعم إيران وتركيا لقطر

  • 6/29/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

د. أحمد سيد أحمد خبير العلاقات الدولية في «الأهرام» جاء قرار السعودية والإمارات والبحرين ومصر بقطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع قطر يوم الخامس من يونيو/حزيران كرد فعل مشروع على الممارسات القطرية المتراكمة بدعم الإرهاب والتنظيمات الإرهابية وزعزعة أمن واستقرار هذه الدول. وشكلت مقاطعة الدول الأربع لقطر حقا مشروعا يجسد سيادتها في الدفاع عن أمنها القومي لردع الدور القطري السلبي سواء بدعم الإرهاب فيها أو استضافة التنظيمات الإرهابية وتوفير الدعم المالي واللوجتسي والعسكري لها، وكذلك توظيف قناة الجزيرة كبوق إعلامي لرموز الجماعات الإرهابية مثل جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإرهابية في ليبيا إضافة لتدخلها في شؤون الدول الخليجية مثل البحرين والسعودية والإمارات.وفى الوقت الذي تضامنت فيه كافة الدول العربية والقوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، مع مواقف الدول الأربع وطالبت قطر بوقف كل صور دعمها للإرهاب، اتخذت كل من إيران وتركيا موقفا مغايرا وداعما لقطر، تقف وراءه دوافع مصلحية وأهداف سياسية لكلا البلدين: الموقف الإيراني: سعت إيران للاصطياد في الماء العكر من خلال إعلانها المباشر دعمها لقطر وإبداء استعدادها لتقديم كافة صور العون السياسي والاقتصادي عبر فتح موانئها وتزويدها بالمساعدات الغذائية وفتح مجالها الجوي للطائرات القطرية. وتقف عدة دوافع وراء الدعم الإيراني لقطر وتتجسد في: 1- يسعى النظام الإيراني إلى استغلال الأزمة لشق الصف الخليجي وجذب قطر لمعسكرها من خلال رفض المقاطعة أو توجيه الاتهامات لنظام الدوحة، وهو جزء من السياسة الإيرانية المتواصلة بالتدخل في شؤون الدول الخليجية سواء عبر دعم التنظيمات الإرهابية الموالية لها مثل الحوثيين أو الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا أو التدخل لدعم فئات معينة داخل بعض الدول الخليجية مثل البحرين والسعودية، وتحاول طهران استخدام قطر كأداة لإحداث الشقوق بين الدول الخليجية عبر المدخل الإنساني واللعب على وتر ما تدعيه قطر بالمظلومية جراء المقاطعة لها من جانب الدول الأربع. كما تستهدف إيران أيضا بناء تحالف يضم قطر وسوريا والعراق يناهض التحالف العربي الخليجي الغربي ضد دورها السلبي المتصاعد في المنطقة، والعمل على كسر حالة العزلة والحصار التي تعانيها جراء العقوبات الدولية والأمريكية عليها نتيجة لممارساتها الإرهابية وبرنامجها للصواريخ البالستية.2- شكلت إيران أبرز دافع لمقاطعة الدول الأربع لقطر نتيجة لاتخاذ نظام الدوحة موقفا نشازا والتغريد خارج السرب بعد القمة الخليجية الأمريكية، التي ضمت الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي الست بما فيها قطر، وكذلك القمة الإسلامية الأمريكية التي ضمت أكثر من 55 دولة إسلامية، واللتين عقدتا في الرياض في 21 مايو/أيار الماضي، وأجمعت القمتان على اعتبار إيران الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم ورأس حربة في دعم الإرهاب والتنظيمات الإرهابية في الدول العربية خاصة في العراق وسوريا واليمن عبر أدواتها مثل الحرس الثوري وفيلق القدس ودعمها للميليشيات الحليفة لها مثل ميليشيات الحوثي الانقلابية في اليمن وقوات الحشد الشعبي في العراق. وجاء الموقف القطري متحديا لحالة الإجماع العربي والدولي تجاه إيران، عندما أعلن أمير قطر الشيخ تميم أن إيران ليست عدواً، ودافع عنها ضد الاتهامات الموجهة لها، بل تجاوز الأمر إلى حد إجراء اتصالات مع المسؤولين الإيرانيين وعلى رأسهم قاسم سليماني رئيس فيلق القدس وتسريب محادثات القمة الخليجية الأمريكية لطهران، بما شكل ضربة قاصمة للجهود العربية والدولية في احتواء الخطر الإيراني الذي يستهدف زعزعة استقرار الأمن القومى العربي والخليجي ولذلك وقفت إيران وراء قطر تشجيعا لمواقفها من القمة الإسلامية الأمريكية وإظهار سياسة التحدي للمجتمع الدولي والإصرار على مواقفها في دعم الإرهاب.3- كشف الدعم الإيراني لقطر عن مستوى التنسيق الكبير بين البلدين منذ فترة طويلة في زعزعة استقرار المنطقة، فبالرغم أن قطر دولة سنية ورغم المواقف القطرية السابقة المعلنة تجاه إيران، إلا أنه على مستوى الاتصالات السرية كان هناك تعاون قوي بين البلدين أظهرته الاتصالات المكثفة بينهما والتنسيق حول دعم التنظيمات الإرهابية، كذلك التعاون القطري مع الميليشيات العراقية الحليفة لطهران مثل كتائب النجباء وعصائب أهل الحق في تحرير الرهائن القطريين في العراق ودفع الدوحة لأكثر من مليار دولار كفدية لتلك الميليشيات، وأكد ذلك سياسة الوجهين للنظام القطري، حيث يعلن أنه يحارب الإرهاب والدور الإيراني، وفي ذات الوقت يقوم بدعم الإرهاب والتقارب مع طهران، وهي نفس سياسة التقية التي ينتهجها النظام الإيراني. الموقف التركي: على غرار إيران أعلنت تركيا دعمها لقطر اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، حيث انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ما زعمه بالإجراءات غير القانونية ضد الدوحة، واتخذت أنقرة قرارين أولهما موافقة البرلمان التركي على السماح بنشر قوات تركية عسكرية في قطر والثاني إرسال قوات عسكرية وأسلحة للقاعدة التركية في قطر وزيادة عدد قواتها من 90 جنديا إلى ما يقارب ثلاثة آلاف عنصر وإجراء مناورات عسكرية مشتركة مع القوات القطرية، حيث انتشرت المدرعات التركية في شوارع العاصمة، كما سعت تركيا إلى لعب دور الوساطة من خلال الضغط لرفع المقاطعة وليس الضغط على النظام القطري لإثنائه عن سياساته وتلبية المطالب المشروعة للدول الأربع المقاطعة من أجل حل الأزمة.وهناك دوافع عديدة وراء الدعم التركي لقطر تتمثل في:1- وجود درجة عالية من التنسيق والتعاون بين النظام القطري والتركي في دعم تيارات وحركات الإسلام السياسي المتشددة في مرحلة ما بعد الانتفاضات العربية التي اندلعت في عام 2011، حيث سعت الدولتان للمراهنة على تلك الحركات واستغلالها كأدوات لتعظيم دورهما الإقليمي، خاصة مساعي تركيا للعب دور إقليمي متعاظم في المنطقة تحت ما يعرف بالعثمانية الجديدة، وتعد الدولتان الأكثر احتضاناً واستضافة للتنظيمات الإرهابية مثل جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها الدول الأربع، السعودية ومصر والإمارات والبحرين، كمنظمة إرهابية، إضافة لدعم التنظيمات المتشددة في سوريا وليبيا بهدف تقويض مؤسساتها الوطنية، حيث اختارت كل من أنقرة والدوحة التحالف مع التنظيمات والحركات الإرهابية وليس التحالف مع الدول، مما نتج عنه تصاعد خطر التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و«جبهة النصرة» و«القاعدة» وغيرها، وتفاقم الحروب الأهلية في العديد من الدول العربية وصعوبة التوصل إلى حلول سياسية فيها.2- تستهدف تركيا من وراء دعمها لقطر إبراز دورها العسكري والسياسي في منطقة الخليج من خلال زيادة حجم تواجدها العسكري بالدوحة، وفي ذات الوقت لعب دور إقليمي من خلال جهود الوساطة التي تقوم بها لحل الأزمة، باستغلال علاقاتها الجيدة مع السعودية والإمارات والبحرين، لكن وساطتها تعكس دفاعا شرسا عن حليفتها القوية قطر التي وظفت فائضها المالي في دعم حركات الإرهاب للعب دور إقليمي يتجاوز إمكانياتها وقدراتها السياسية والعسكرية والسكانية.3- أحد عوامل الدعم التركي لقطر هو الدور التركي المناهض والمعادي لمصر عبر دعم جماعة الإخوان المسلمين واحتضان قادتها على أراضيها ورفض ثورة 30 يونيو، وتحاول تركيا تحدي السياسة المصرية عبر دعم قطر خاصة فيما يتعلق برفض المطالب المصرية وعلى رأسها طرد العناصر الإرهابية لديها وتسليمهم للحكومة المصرية بعد صدور أحكام قضائية ضدها لتورطهم في عمليات إرهابية داخل مصر. وتحاول تركيا من خلال دعمها لقطر غسل يدها من دعم الإرهاب خاصة أنها متورطة في دعم العديد من التنظيمات الإرهابية وعلاقاتها القوية بجماعة الإخوان المسلمين، ومن ثم فإن المحطة التالية في اتهامات دعم الإرهاب ستكون لتركيا ومن ثم تدافع باستماتة عن الموقف القطري.تداعيات وحدود الدعم الإيراني والتركي لقطر:شكل الدعم التركي والإيراني لقطر عاملا سلبيا في الأزمة، حيث أدى موقفهما إلى تشجيع النظام القطري وانحيازه لخيار التحدي ورفض مطالب الدول الأربع بالتوقف عن سياساته الداعمة للإرهاب واللعب على وتر الظهور بالمعاناة والمظلومية، وهو ما زاد من تعقيد الأزمة وتعثر جهود الوساطة التي تستهدف حلها. كما أن رهان قطر على إيران يمثل خيار الانتحار بالنسبة لها ويضع العراقيل الحقيقية أمام إنهاء الأزمة وعودة قطر إلى بيتها الخليجي والعربي كعضو صالح، والاصطفاف مع الموقف العربي ضد التهديدات الإيرانية المتزايدة ضد أمن واستقرار المنطقة. لكن في المقابل فإن الدعم التركي والإيراني لن يجدي في تعزيز موقف قطر التي تعاني عزلة دولية متزايدة في ظل تحالفها مع إيران الراعية للإرهاب في المنطقة، كما أن السياسة التركية البراجماتية سوف تدفع أنقرة إلى الانحياز في نهاية المطاف إلى مواقف الدول الأربع في ظل تغير المناخ الإقليمي ووجود حالة من الإجماع العربي والدولي الرافض للسياسة القطرية، وفي ظل تشابك مصالحها الاقتصادية والسياسية الضخمة مع السعودية والإمارات والتي سوف تجعل تركيا خاسرة إذا راهنت واستمرت على موقفها في دعم النظام القطري.وفي كل الأحول فإن خيار قطر في المراهنة على الدعمين الإيراني والتركي سوف يكون له تكلفة كبيرة للدوحة في ظل التأثيرات الاقتصادية الضخمة التي يعانيها الاقتصاد القطري جراء المقاطعة وفي ظل تزايد عزلتها الدولية وبراجماتية هاتين الدولتين واستغلالهما لقطر كأداة لتعظيم مصالحهما الإقليمية ودورها الإقليمي، ولم يعد أمام النظام القطري سوى العودة إلى الرشادة وخيار التوقف عن سياساته لدعم الإرهاب والعودة إلى الصف الخليجي والعربي. دعم متبادل بين قطر والإرهاب تتوالى الإدانات للدعم القطري للإرهاب، وبدأ مسؤولون كثيرون، خصوصا الأمريكيين، في إماطة اللثام عن قضايا تكشف تورط الدوحة المباشر في أعمال تمويل الجماعات المتطرفة، فضلا عن تنصلها من تطبيق القوانين الرادعة لتمويل الإرهاب

مشاركة :