كل مَن يتابع الدراما الخليجية، خاصة ما يُعرض منها في شهر رمضان من كل عام، يدرك أن هذه المسلسلات ترتكز إما على جمال الممثلاث، وما يبرزنه من مفاتنهن، أو على كمية الحزن في كل الحلقات، وما يتخللها من بكاء وعويل وموت وضياع. عندما طرحت سؤالي عن هذه المسلسلات على أكثر من ثلاثين شخصًا، فيهم رجال ونساء تخطوا الأربعين، وآخرون من الشباب والصبايا، كلهم اتفقوا على أن هذه المسلسلات كلها أحزان ونكد وهمّ وغمّ، كما اتفقوا على أن الممثلات والمخرجين والمنتجين، يتعمدون اختيار الملابس والمظاهر التي تثير الغرائز، لجلب أكبر عدد من المشاهدين. لقد صدمتني دراسة حديثة عن هذه المسلسلات، من ناحية المواضيع التي تعالجها، والمشاهد التي تتخللها. الدراسة تشير إلى أن نسبة الموضوعات اللائقة بلغت 38.96%، ونسبة الموضوعات المثيرة للأسئلة 30.60%. أما من حيث إيجابية المواد المعروضة أو سلبيتها، فلم تكن أفضل من سابقتها. فالموضوعات الاجتماعية الإيجابية بلغت 25.74%، والموضوعات السلبية 18.96%. فيما بلغت نسبة المواضيع الخلقية الإيجابية نحو 7.30% فقط، بينما السلبية بلغت 20%. ومن الواضح أن الدراما الخليجية، تساهم سلبًا في أمزجة المتابعين، حينما تفرض مشاهد الحزن والبكاء والعويل كواقع يعيشه الناس، كما تساهم في تغيير سلوكيات شبابنا وفتياتنا للأسوأ، من خلال تصوير الكثير من المحرمات، على أنها تتماشى مع التحضر والتحرر من القيود الرجعية. معظم المسلسلات الخليجية، تصوّر كل العائلات الخليجية، على أنها عائلات ميسورة، تسكن القصور وتركب السيارات الفخمة، وتسافر في كل أرجاء الدنيا، وتتعامل بقسوة مع الخدم والسائقين، شبابها لا ينتج ولا ينجح في أي عمل، وفتياتها بلا قيود أو ضوابط، وكأنه لا فقر في الخليج، ولا إنسانية، ولا أخلاق أو نجاح. كل عام وأنتم بخير.
مشاركة :