قال عدد من كبار السن بالباحة: «إن عيد زمان له ذكريات جميلة وصورة مختلفة عن التي نعيشها الآن، مؤكدين أن تسارع الحياة والتقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي استبدلت التواصل الحسي بعلاقات فاترة تقتصرعلى رسالة نصية وأصبح كثير من كبار السن يفتقدون ما اعتادوا عليه من عادات في الماضي وبالرغم من بساطة تلك المرحلة وعفويتها أحيانا إلا أن الجميع كانوا يتشاركون فرحة العيد ويتبادلون الزيارات فيما بينهم في مظهر يشعرهم بقوة التلاحم والتواصل بين الجميع، وإظهار الفرح في هذه المناسبة المباركة».(المدينة) التقت بعدد من كبار السن، حيث يقول العم صقران السويدي: «العيد فرحة للمسلمين بعد أن منّ الله عليهم بإتمام الصيام والقيام، ولم يكن لدينا قديما التقنيات الحديثة ووسائل الإعلام لمعرفة دخول الشهر، بل كنا نعتمد على الرؤية المباشرة لهلال العيد وكانت كل قبيلة كفيلة بإبلاغ القبيلة الأخرى بواسطة مشاعيل العيد التي توقد أعلى الجبال أو بإطلاق نيران البنادق أو حتى بمندوبين عرفاء القرى إيذانًا بدخول العيد وكنا أحيانا نضطر لقضاء اليوم المتمم لرمضان بعد رؤية الهلال، وأحيانا يأتينا خبر قدوم العيد في وقت متأخر من النهار أما اليوم فباتت وسائل الإعلام والاتصالات الحديثة والتقنيات عالية الجودة تبث أخبار دخول الشهر الجديد دون عناء ولا تعب».الذبائح الجماعيةوأضاف العم سعد: «كان الأهالي كبارا وصغارا يجتمعون بمشهد العيد لأداء الصلاة ومن ثم زيارة جميع منازل القرية بدءا من أقرب منزل للجامع ويتناولون الإفطار مع بعضهم ويتفقدون المرضى وكبار السن ويصلحون بين المتخاصمين وكان نهار يوم العيد في الماضي يوم نشاط وحيوية، فبعد أن ينتهي الناس من الزيارات يجمعون الأموال كل حسب استطاعته لشراء ذبائح العيد وتسمى (شِركة) ويتولى ذبحها وتقسيمها بالتساوي بين أفراد القرية أشخاص مؤتمنون ولديهم معرفة بالقسمة وكل رب أسرة يحضر لأخذ نصيبه من الذبائح في أجواء تسودها الألفة والمودة وتعطي دلائل على التلاحم والتآخي، بعدها يبدأ الأهالي في زيارات خاصة بالأقارب، أما اليوم فقد استبدلت الزيارات برسائل الجوال والمكالمات الهاتفية. وفي عصر يوم العيد يجتمع الأهالي لأداء العرضة الشعبية في إحدى الساحات ويلبسون الجنابي والبنادق فيما يجتمع النساء في المنازل للعب والاحتفال بالعيد.أما العم عبدالله الغامدي فيقول: «كان العيد في السابق يشكل فرحا حقيقيا يشاهد في وجوه الكبار والصغار وكان الجميع يعيشون فرحة العيد ويترقبون إطلالته ويستمر الأهالي في الاحتفال لمدة ثلاثة أيام متواصلة يتبادلون خلالها الزيارات ويحرصون على التواصل وحل الخلافات بين المتخاصمين وتربطهم أواصر القربة والجوار وتسود الألفة والمحبة بين الجميع، فيما كان الأطفال يفرحون بالعيد ويشعرون بلذته وحلاوته وكانوا ينطلقون في الشوارع و(المساريب) يعيّدون على الأهل والجيران ويأخذون عيديتهم من هذه البيوت وكانوا يلعبون الألعاب الشعبية حيث لم تكن الملاهي والألعاب النارية متاحة في تلك الفترة».الثياب المذيلة والجنابيوأضاف: «الناس في الماضي كانوا يلبسون الثياب المذيلة ويحتزّمون بالجنابي ويتدهنون بالسمن ولم يكن بالضرورة شراء الثياب الجديدة وأغلبهم يبقى على ثيابه القديمة لسنتين أو أكثر لضيق ذات اليد وقلة الإمكانيات ومن لديه أقارب خارج القرية كان يحرص على زيارتهم مشيًا على الأقدام وبعضهم من طول المسافة لا يستطيع العودة لمنزله إلا صباح اليوم الثاني، فلم تكن وسائل المواصلات المتوفرة الآن كالسيارات فكان الناس يعتمدون في تنقلاتهم القريبة على المشي أو على الحمير والجمال، مشيرا إلى أن عادات العيد تغيرت عما كانت عليه في الماضي بحكم التمدن والتطور الاجتماعي والتقني وكان من المفترض في التقنيات أن تزيد الروابط الاجتماعية وتنمو».ويقول محمد سالم الغامدي: «كان الناس في الماضي يترقبون إعلان العيد من خلال معرّف القرية ومع ظهور المذياع أصبح الأمر اكثر مرونة مع أنه قليل من الأهالي من يمتلك المذياع حتى أصبحت الآن تنقل الأحداث بالصوت والصورة، ومع دخول العيد يبتهج الناس ويتواصلون فيما بينهم حتى إن أصحاب التجارة والزراعة يتركون كل شيء استعدادا لمراسم العيد التي تمتد لثلاثة أيام يتخللها زيارات متبادلة والأكلات الشعبية والعرضة ولم يكن الناس في الماضي يحرصون على المظاهر ولبس الجديد بقدر ما يحرصون على التواصل والإصلاح بين المتخاصمين».
مشاركة :