الأديب والناقد الكبير الأستاذ عمر طاهر زيلع له فلسفته الخاصة، وهو عادة ما يشرح الواقعة الثقافية أو الاجتماعية برؤيته الخاصة في العيد يقول: لعل العيد داخل بيوتنا سيتوهج أكثر من أجل أطفالنا، وقد تمتد فرحتهم إلى أعماقنا، إذا تمكنا من مقاطعة وسائل التواصل ولو لساعات معدودات ومعها قنوات التهييج والحرب العالمية الصامتة.. كثيرون يعتقدون أن من حقهم أن يقولوا كل شيء لغير العيد، ويمنحون العيد نفسه تلك العبارة العتيقة الباهتة، فلا تجعلوا وسائل التواصل تفسد بهجة عيدكم: "كل عام وأنتم ...." وهي عبارة لم تسلم على تواضعها من تساؤلاتٍ عن واو "وأنتم"! وهي تساؤلات تشبه الحديث عن جواز تبادل التهنئة قبل صلاة العيد! حيث أقحمها البعض في دائرة "ما يجوز وما لا يجوز". الأمر أيسر من ذلك؛ فتبادلها يدخل في شؤون دنيا الناس وبهجتها.. ويتساءل: ماذا يبقى للناس لو أن كل شيء يحتاج إلى فتوى ولو كان من الأمور المباحة؟ تنظيم الفتوى مهم لكي لا تحدث ازدواجية بسبب من يجيز ومن لا يجيز على مستوى عالمنا الإسلامي الواسع. أعود للعيد الواقع بين براءة الطفولة وقلق الكبار؛ لاسيما الذين لا يستطيعون الفكاك من ضوضاء العالم واضطرابه على الشاشات الصغيرة والكبيرة. العيد يعيد لنا شيئاً من طفولتنا حين نتفرغ فعلاً للصغار؛ وهي مهمة صعبة حين يصبح جهازك يداويك "بالتي كانت هي الداء". إلا أن القاص محمد الرياني يقرأ العيد بلغة الحنين فهو يقول: العيد عندي في رؤوس الجدات عندما تنهال قبلات البراءة على تلك الرؤوس، وهو لون البياض في ردائم الفل في الساحات الهادئة، هو ابتسامة الصغار بلا أسنان وقد تزينوا بلباس العيد، وهو ابتسامة الكبار وقد تزينوا بتاج الوقار، هو الريحان عندما يتضوع الريحان وقت انتشار الحب والود، العيد هو التتويج الجميل لليالي المشاعر الصادقة والأحاسيس النبيلة، العيد عندي هو إغلاق الملفات القديمة المكتوبة بالسواد، وهو فتح الملفات المعطرة بشذى الود والحب، العيد هو السنابل الحمراء على رؤوس الاخضرار، وهو نسائم البحر على خدود الصباح، وهو المراكب المسافرة على بحر كانبساط السهول ، وهو القمر الأبيض في غياب القمر، وهو شمس الصباح عندما تغني العصافير، العيد هو أنا وأنت وهم عندما تتوحد كل ضمائرنا لنكون كلنا نحن، حيث العيد المبارك يجمعنا. محمد الرياني
مشاركة :