نالت الحكومة المحافظة برئاسة تيريزا ماي، أمس الخميس، ثقة البرلمان البريطاني، بدعم من الحزب الاتحادي الديمقراطي اليميني في آيرلندا الشمالية. وحصلت حكومة ماي على 323 صوتاً مقابل 309 رفضوا منحها الثقة. وصوت مجلس العموم، الغرفة الأدنى من البرلمان، أولاً على 3 تعديلات طرحها نواب حزب العمال المعارض، وتشمل «الإجهاض، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والسوق الأوروبية الموحدة».جاء التصويت على «خطاب الملكة»، أي خطة الحكومة بعد ثلاثة أسابيع على انتخابات تشريعية مبكرة خسرت فيها رئيسة الحكومة غالبيتها المطلقة في مجلس العموم، وماي وجدت نفسها في موضع ضعيف بسبب تزايد الاحتجاجات حتى داخل معسكرها. ورفضت ماي الدعوات المتكررة للاستقالة منذ الانتخابات التي جرت في 8 يونيو (حزيران) بدعوة منها متوقعة خطأ أن تحقق فيها فوزاً كاسحاً. لكن وسائل الإعلام لا تزال تطلق التكهنات حول عدد الأشهر أو حتى الأسابيع المتبقية لماي في منصبها.وكانت قد قدمت المعارضة العمالية تعديلاً مساء الأربعاء حول إجراءات تقشف، إلا أن التعديل لم يحالفه النجاح. لكن ماي لن تكون على الأمد البعيد في منأى من تمرد في صفوفها خصوصاً حول «بريكست» الملف الذي يثير انقساما بين مؤيدي الاتحاد الأوروبي ومعارضيه. ويمكن أن يخرب هذا الملف الكبير خريطة الطريق الحكومية.فالمقترحات الأولى لماي حول مستقبل المواطنين الأوروبيين في بريطانيا، لم تلق ترحيبا كبيرا من قبل بروكسل، وتحمل على الاعتقاد بأن المحادثات في الأسابيع القادمة ستكون صعبة. وبغض النظر عن الخلافات مع سائر أوروبا، فإن استراتيجية ماي من أجل الدفع نحو بريكست «قاس» يشمل الخروج من السوق الموحدة، باتت موضع تشكيك. وتتعالى الأصوات من أجل دعم الوظائف والنمو. كما أن بقاء وزير الخزانة فيليب هاموند في منصبه رغم نتيجة الانتخابات التشريعية رمز واضح لتراجع سلطة ماي.تشهد الحكومة البريطانية انقساما واضحا بين هاموند من جهة، وبين الداعين إلى خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، وفي مقدمتهم وزير الخارجية بوريس جونسون ووزير شؤون بريكست ديفيد ديفيس. ويسود نتيجة ذلك تنافر في المواقف كما حصل عندما أصر هاموند على الحاجة الملحة لفترة انتقالية بعد بريكست، بينما اعتبر ديفيس أن ذلك ليس ضروريا.وشدد متحدث باسم ماي أن «الجميع على الخط نفسه»، لكن عندما سئل رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الأسبوع الماضي إذا ما كان لديه فكرة واضحة عن موقف بريطانيا إزاء بريكست أجاب بالنفي. وعلق تشارلز غرانت، مدير مركز الإصلاح الأوروبي، بأن «الموقف البريطاني إزاء بريكست ينطوي على تباين واضح بغض النظر عما يقوله ماي وديفيس علنا». وتابع المحلل أنه من الأفضل لماي أن تصغي لوزير ماليتها، وأيضا للمحافظين الاسكوتلنديين الذين يفضلون بريكست «مرناً». ومضى يقول: «الحل الأبسط هو أن تستمر على النهج الذي يطالب به اليمين المتشدد إزاء بريكست، لكن لن يكون بإمكانها الاستمرار فيه على الأمد الطويل. وما لم تعد تقديم طرح نحو خروج مرن فمصيرها محسوم».
مشاركة :