الموت يغيب سيمون فاي، إحدى أبرز الشخصيات السياسية والاجتماعية الفرنسية التي رحلت الخميس عن عمر ناهز 89 عاما. سيمون فاي تمكنت من دخول قلوب الفرنسيين بفضل دفاعها بشجاعة عن حقوق المرأة لاسيما الإجهاض في العام 1975 أمام نواب البرلمان الفرنسي. ولدت سيمون جاكوب في العام 1927 من القرن الماضي، ولكن قصتها الحقيقية تبدأ من العام 1944 عندما تمّ إيقافها برفقة أفراد عائلتها من طرف البوليس النازي في مدينة نيس جنوب فرنسا وكانت في السابعة عشرة من العمر. سيمون جاكوب ابنة مهندس معماري من أصول يهودية، وتمّ ترحيلها إلى معسكر الاعتقال الشهير” اشفيتز” برفقة أمها وأختها مادلين. نجت من الموت بأعجوبة عندما أخفت عن حراسها حقيقة عمرها. في العام 1945 توفيت والدتها في أحد المعتقلات، ثم توفي والدها وشقيقها في معسكر اعتقال في ليتوانيا. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لم يبق من عائلتها إلا أختين لها. ناضلت سيمون فاي في صفوف المنظمات الحقوقية وتلك التي أشادت بالدور الهام الذي لعبه عدد من الفرنسيين في إنقاذ اليهود من الموت خلال الحرب العالمية الثانية. وترأست سيمون فاي مؤسسة ذكرى المحرقة. حصلت سيمون فاي على شهادة عليا الدراسات القانونية وتزوجت بأنطوان فاي ثم أصبحت قاضية بعد أن بدأت حياتها المهنية كمحامية. دخلت معترك الحياة السياسة في حكومة جاك شيراك عندما كان رئيس وزراء الرئيس فاليري جيسكار ديستان وحصلت على حقيبة الصحة. تقلدها لهذا المنصب لم يكن بالصدفة لأنّ الرئيس جيسكار ديستان كان يعلم جيدا موقفها من موضوع الإجهاض في فرنسا وموقف الفرنسيين المعارض لهذا الموضوع، وقد وجدت الدعم الكبير من الرئيس الفرنسي آنذاك في معركتها لسن القانون، بالرغم من وجود أغلبية كبيرة في الجمعية الوطنية الفرنسية تعارض هذا القانون. وعاشت سيمون فاي فترة سياسية حرجة تعرضت فيها لمعارضة عنيفة، لكنها لم تتراجع وواصلت طريقها لإقناع المجلس بالتصويت على مشروع القانون الجديد للسماح بالإجهاض في فرنسا، وتمت المصادقة من الجمعية الوطنية الفرنسية على نص القانون النهائي الذي دخل حيز التنفيذ في بداية 1975. وقد منحت هذه المعركة لسيمون فاي مكانة مرموقة على الساحة السياسة الفرنسية وأصبحت بعدها من الشخصيات المحببة لدى الفرنسيين. عام 1979 خاضت سيمون فاي غمار أول حملة انتخابية للبرلمان الأوربي. ونجحت آنذاك في الفوز بهذه الانتخابات مع حزبها “الاتحاد الديمقراطي الفرنسي” انتخبت بعدها كأول رئيسة للبرلمان الأوربي عام 1979 وظلت نائبا في هذا البرلمان لسنوات. عند انتخابها إلى عضوية الأكاديمية الفرنسية في خريف 2008 قالت فاي: “” إنه شرف كبير جدا لي، وأنا مندهشة من هذا الشرف ولا أعرف الأسباب التي تجعلني في هذه الحالة”. ويعتبر دخولها للأكاديمية الفرنسية مرحلة جديدة في مسيرتها الاستثنائية، وفي هذه المؤسسة العريقة التي يدخلها “الخالدون” حملت سيمون فاي على حافة سيفها الأكاديمي رقم 78651، وهو الرقم الذي كان مرسوما على ذراعها عندما كانت سجينة في معتقل “اشفيتز”.
مشاركة :