من المتوقع أن تنطلق المظاهرات الخاصة بالمناخ والاقتصاد، والسياسة العالمية بمناسبة اقتراب انعقاد قمة G20 بمدينة هامبورغ. الحضور الأمني المكثف يصعب حياة سكان المدينة، ويثير جدلاً بشأن جدوى عقدها داخل المدينة المزدحمة. مع بداية عطلة نهاية هذا الأسبوع في ألمانيا، ستشهد مدينة هامبورغ احتجاجات ومظاهرات، يتوقع مشاركة عشرات آلاف المتظاهرين بها وذلك مع اقتراب عقد قمة العشرين G20 في المدينة في السابع والثامن من شهر تموز/ يوليو. وستمر المظاهرات في وسط المدينة ، بالإضافة إلى مظاهرة قوارب ستشهدها بتجمع ما يزيد عن 200 قارب فوق نهر إلستر الذي يمر بها. ومن بين المنظمين لهذا الاحتجاجات، هناك تحالف المنظمات الكبيرة مثل الاتحاد الألماني، والاتحاد التجاري، ومنظمة السلام الأخضر وأوكسفام. وأعضاؤها ليسوا مجرد مشاركين في تظاهرة ضد تغير المناخ والرأسمالية والصراعات العالمية التي تشغل المتظاهرين عادة، بل أنهم أيضا منشغلون بكيفية تنظيم التظاهرات دون حدوث احتجاجات عنيفة. ورغم انطلاق الاحتجاجات قبل أسبوع من عقد القمة العالمية وهو ما يعني عدم إسماع السياسيين رسائل المحتجين، إلا أن العامل الأمني يفرض نفسه أيضا، وذلك بسبب التجهيزات الأمنية المكثفة التي ستشهدها المدينة الألمانية ساعة عقد اللقاء. سبب آخر دفع المنظمين إلى بداية مبكرة للاحتجاجات، وهو خوفهم من أن تطغي أعمال القمة على الاحتجاجات المصاحبة لها، لذلك قرر المنظمون إطلاق التظاهر قبل انطلاق أعمال القمة.، وذلك قبل تحويل هامبورغ إلى ثكنة عسكرية ، آملين بمشاركة أكبر من الناس. وكلما اقتربت من مكان الاجتماع كلما يزداد تعرض هذه المناطق لأعمال الشغب، وهو ما يدفع الشرطة للتمركز في المدينة، إذ أنه يتوقع أيضا أن تخطط عدة مجموعات يسارية متطرفة لأعمال عنف هناك، وذلك بسد الطرق بالحجارة أو بأساليب أخرى. فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان مكروهون في أوساط اليسار الأوروبي، لذلك فإن حضورهم في اجتماع داخل مدينة ذات كثافة سكانية عالية يعتبر تحديا هائلا لأجهزة الأمن. إذ يتوقع مشاركة أكثر من مئة ألف متظاهر وقت انطلاق أعمال القمة في الثامن من تموز، كما تتوقع الشرطة مشاركة أربعة آلاف متظاهر من اليسار المتطرف والفوضويين الذين هم على استعداد لاستخدام العنف في المظاهرات. التخريب يطال سكك الحديد ووقعت أولى أعمال التخريب الخاصة بانعقاد القمة في 19 يونيو/ حزيران، ففي أنحاء متفرقة من ألمانيا تعرضت العديد من خطوط الكوابل الكهربائية في العديد من خطوط السكك الحديدية إلى تخريب، ما أدى إلى شل حركة القطارات في بعض الأماكن. وأعلنت إحدى المنظمات وتدعى "إيقاف G20 – هامبورغ " وهي منظمة ناشطة على الإنترنت، ومعروفة لدى الأمن مسؤوليتها عن الهجوم. وحتى الآن تم تحويل أجزاء من هامبورغ إلى ما يشبه الحصن أو القلعة، و فرض نطاقان أمنيان حول منطقة أرض المعارض في هامبورغ (Messehallen) والتي ستشهد فعاليات قمة العشرين. وتشهد القاعات والردهات هناك حراسة مشددة على مدار الساعة لحمايتها. كما أن معالم مدينة هامبورغ الرئيسية مثل دار الأوركسترا Elbphilharmonie ستغلق يوم 7 تموز/يوليو، إذ سيحضر المشاركون في القمة حفلا هناك. وفي وسط المدينة يتم سد واجهات المحلات بالمسامير، وستغلق بعض فروع المصارف أبوابها، كما سيتم تغيير خطوط سير الحافلات العامة. الحياة اليومية للسكان بالقرب من مكان الاجتماع ستتغير لمدة أسبوع كامل، إذ أن الإجراءات الأمنية ستكون صارمة جدا، وسيطلب من السكان التعريف عن أنفسهم. وستبقى بعض المحلات أبوابها مغلقة لعدة أيام. في المدرسة الابتدائية المجاورة لمكان الاجتماع، قد يتغيب حوالي 600 طفل عن مدارسهم، بالرغم من اضطرار العديد من الآباء والأمهات إلى التوجه إلى أعمالهم. وعلى سطح بناية بيت للمسنين بالجوار علقت لافتة كبيرة كتب عليها "نعول أن يكون اللقاء سلميا". آراء متعارضة وأينما تجول المرء يسمع الاحتجاجات في شوارع المدينة مرارا وتكرارا. وينقسم الناس في الرأي بخصوص هذا اللقاء العالمي. فالقسم المتفائل يقول " الحوار السياسي مهم جدا ، يجب على القادة أن يجتمعوا ويتحاوروا، حتى لو أدى ذلك إلى وجود 15000 من رجال الشرطة. والقيود المفروضة على حق التجمع والأسلاك الشائكة، وغيرها من الإجراءات الأمنية". إلا أن هناك آخرين غاضبين من قرار عقد القمة في وسط هامبورغ، كما هو الحال مع فالتر فينكلمان صاحب محل قريب من مكان الإجتماع، ويقول في هذا السياق "لماذا تعقد مثل هذه اللقاءات داخل المدن، برأيي يجب إعادة النظر في هذا الأمر ودراسته مرة أخرى". ويتابع "ساسة مثل ترامب وبوتين وأردوغان ، لا أعتقد أن من الصحيح أن يجري لقاؤهم في داخل المدينة، هذا قد يؤجج الأمر أكثر". كذلك هو الحال مع ستيفان بانديك الذي قرر إغلاق محله الخاص ببيع أجهزة لمساعدة السمع ويقول " لقد قررت ذلك بسبب عدم رغبتي بقدوم العاملين إلى هنا في ظل هذه الظروف الأمنية، لا نعرف كيف ستتطور الأمور. كما أنني لا أتوقع كذلك قدوم الزبائن إلى المحل". لكن رئيس بلدية هامبورغ ، أولاف شولتس، باق على رأيه، إذ يرى بأن هامبورغ يمكن أن تواجه التحدي، وأن القمة ستكون أقل إزعاجا لحياة المواطنين كما يروج لها . وأوضح شولتس "سيُفاجأ كثيرون لسرعة انتهاء أعمال القمة، وكأنهم لم يشعروا بها" ، ويتابع "في الواقع، أعتقد أن هذا شيء عظيم لمدينتنا، ولا يجب أن يخيفنا هذا الأمر". وعلى الرغم من كل هذا، هناك توقعات أن تشهد المدينة مئات الاعتقالات، وتم تجهيز مراكز اعتقال جديدة في أماكن مختلفة، كما غادر القضاة المحكمة المركزية في وسط المدينة وذلك بسبب تعذر حماية الأمن هناك، وتم تجهيز أماكن عمل بديلة للقضاة، أكثر من 130 قاضٍ جمعوا في مكان واحد، لمتابعة القضايا على مدار الساعة. ولا تشكل القمة العالمية في هذه المدينة التجارية الكبيرة هستيريا، إلا أن تكاليفها وأعمال الشغب التي تحدث يجب أن تؤخذ بدورها في نظر الاعتبار. كما أن التواجد الأمني الهائل، سيعزل الساسة أنفسهم في عالمهم الخاص، بعيدا عن المتظاهرين ومطالبهم، بل و حتى عن أهل المدينة التي يزورونها. جيني ويت/ علاء جمعة
مشاركة :