نجوم المصالحة المصرية دهستهم خيول التشكيك | شريف قنديل

  • 8/13/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تتضاءل فرص المصالحة الوطنية في مصر مع ارتفاع حدة التشنج، وغياب صوت العقل، والتشكيك في مواقف المتوسطين الداعين للصلح، والمؤمنين بأن الصلح خير! والواضح أن هناك من الطرفين الرئيسين المتخاصمين من يرى أن الصلح ليس خيرا -والعياذ بالله- وأنه تهاون، أو تنازل، أو تراجع، أو ضعف، أو تخلٍّ عن القضية! ولقد كان من الممكن أن يتصدى شخص واحد في مصر بحجم البرادعي، أو شيخ الأزهر، أو الشيخ حسان، أو عمرو موسى، أو الدكتور العوا لولا أن غم عليهم، أو على المتشنجين في الطرفين. لقد ظل الدكتور البرادعي حتى وقت قريب مؤهلا للوساطة المصرية - المصرية، وهو الذي كان عنصرا أو حجرا رئيسا في فض نزاعات دولية، وكان ما كان، وتعرض البرادعي -ولا يزال- لأبشع ما يمكن أن يتعرض له إنسان على جميع الأصعدة.. الشخصية والدينية والوطنية، ومن كل اتجاه.. والمدهش، أن الحملة على الدكتور البرادعي تجاوزت الخصوم لتنقل للحكوميين حتى صرخ الرجل أمس قائلا "إنه يتعرض لحملة تشويه من أذناب مأجورة"، وهي نفس المقولات التي ترد على ألسنة زعماء رحلوا عن الدنيا، أو رحلتهم شعوبهم عن السياسة أو السلطة. على أن البرادعي ليس وحده الذي تعرض لتشويه من الطرف الحاكم، أو المحكوم، وليس وحده الذي تعرض أو عرض نفسه لهجوم اشتركت فيه الصحف الحكومية، والمستقلة، والمعارضة، وكلها الآن سواء! وإذا كان شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب قد تعرض بدوره لحملة قوية أعادت التذكير بعضويته في الحزب الوطني، وصداقته للفريق أحمد شفيق المرشح الرئاسي السابق، فإن الشيخ محمد حسان الرمز السلفي المعروف أخذ نصيبه من التشكيك والتجريح، تارة بالتعاون مع الجهة الحاكمة، وأخرى بالتعاون الفطري المفترض مع التيار الإسلامي. وبدلا من أن تكون كلمة الشيخين الطيب وحسان نافذة؛ لاعتبارات المؤسسة العريقة الأم بالنسبة للأول، والشعبية الجارفة قبل وبعيد الثورة للطرف الثاني، راحا يحرثان في البحر دون جدوى. الحال نفسه، أو الحالة نفسها تنطبق على السيد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية السابق، الذي كانت تتغنى به مصر، والشعوب العربية في عز سلطة الرئيس مبارك.. وكان ما كان، ودخل الرجل الذي ظل قريبا من كافة القوى الوطنية غمار الانتخابات الرئاسية، ليس ليخسرها فقط، وإنما يخسر إعجاب الكثيرين الذين كانوا يرددون "بحب عمرو موسى، وبأكره إسرائيل" وكأنها أنشودة وطنية يغنيها الكبار والصغار! قريب من حالة عمرو موسى -مع فارق الخلفية الشرعية القانونية الإسلامية- يقف الدكتور العوا، أحد العقول المصرية الفذة في موقف لا يحسد عليه. فهو متهم من الجهة الأولى بالميل نحو الإسلاميين ميلا شديدا.. وهو متهم من الجهة الثانية بالاستغراق أو الاستمزاج للجهة الأولى في محطات ومراحل متعددة، كانت الأمة المصرية كلها تهفو إليه! في ضوء ذلك، ومع الحكم على الوساطة والمتوسطين قبل وبعد وساطتهم، والهجوم على المصلحين قبل وبعد محاولتهم إتمام المصالحة، تصبح الوساطة الدولية لا العربية هي الأجدى والأنفع، إذا مضت مصر في طريق المصالحة، وإذا لم تأخذ بالطريق الذي يراه البعض سهلا، ويراه آخرون صعبا، وهو طريق الإقصاء. وفي مقدمة المؤهلين للوساطة الدولية تقف أمريكا، لا أوروبا، ولا إفريقيا، ولا العرب لاعتبارات عديدة لعل في مقدمتها أن الولايات المتحدة رائدة البرجماتية في العالم، لا تعرف لغة العواطف بقدر تمسكها بلغة المصالح المباشرة. لقد تعرضت أمريكا هي الأخرى -وما زالت- لهجوم كاسح من التيار الليبرالي في الأسبوع الأول للثالث من يوليو، بدعوى، أو بداعي، أو بمبرر انحيازها للتيار الإسلامي، فلما قالت قولتها الشهيرة مؤكدة أن ما حدث ليس انقلابا، وأن الجيش تدخل لإنقاذ الديمقراطية، ثار التيار الإسلامي متهما التيار الأول بالعمالة لأمريكا.. ثم كان ما كان في الأسبوع التالي، حيث توالت التصريحات الداعية لعدم الإقصاء وضرورة إعمال الحوار، فانطلقت حملة التيار الليبرالي متهمة الإسلامي بالعمالة "المعتادة" لأمريكا، قبل أن ينقلب الأمر في الأسبوع الرابع لهجوم من التيار الإسلامي على الليبرالي، واتهامه بالعمالة "المعتادة" لأمريكا، فضلا عن اتهام أمريكا نفسها "بالعمالة" أيضا لليبراليين! كل ذلك وأكثر منه لا يمنع من حقيقة أن وساطة دولية -وتحديدا أمريكية- هي الأجدى، والأنفع بعد أن فشلت الوساطة الخليجية التي كانت -من وجهة نظري- نموذجية لجمعها بين وسيطين فاعلين أحدهما متهم بالعمالة للتيار الإسلامي، والآخر بـ"العمالة" للتيار الليبرالي المعادي للإسلاميين! والحق أن مصطلح "العمالة" روج ويروج في مصر كثيرا هذه الأيام، فالكل "عميل" لأطراف خارجية في نظر المتخاصمين.. وكأن مصر كلها أصبحت دولة "عميلة"! لصالح من؟ وضد من؟ والله عيب! بقي أن أؤكد أن مشكلة مصر الآن ليست كما يتصور البعض هي فض الاعتصام.. الأهم من ذلك كله فض، أو نفض العقول من الإقصاء، أو التكفير، أو الانتقام. sherif.kandil@al-madina.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :