بيروت: ثائر عباس إسطنبول: «الشرق الأوسط» حسمت المعارضة التركية اسم مرشحها لرئاسة الجمهورية، فيما ما يزال رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان يضفي المزيد من الغموض على موقفه من هذه الانتخابات التي كان يفترض أن يعلن إردوغان ترشحه رسميا لها في منتصف مايو (أيار) الماضي. وكان لترشيح الأمين العام السابق لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي المفاجئ وقعه الكبير في الشارع التركي، لقرب أوغلي من التيار الإسلامي المحافظ، فيما توقعت مصادر تركية معارضة أن يعزف إردوغان عن الترشح لمصلحة رئيس الجمهورية الحالي عبد الله غل، وهو ما نفته مصادر رسمية تركية، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن شيئا لم يتغير بعد، وأن إردوغان هو المرشح حتى الساعة، وإن كان لم يعلن ترشحه رسميا، مشيرة إلى أنه (إردوغان) سيعلن موقفه النهائي نهاية الشهر، وأنه يريد أن يبقي خصومه على أعصابهم حتى ذلك الحين. واستغربت المصادر ترشيح إحسان أوغلي من قبل التيارين العلماني والقومي، غامزة من قناة جماعة الداعية الإسلامي فتح الله غولن الذي يخوض صراعا عنيفا مع الحكومة التركية، وملمحة إلى دور لها في هذا الترشيح لما يعرف عن المرشح إحسان أوغلي من توجهات إسلامية. ويعدما، كان متوقعا اتفاق المعارضة على ميرال اكشنار العضو في البرلمان عن حزب الحركة القومية والنائبة الثالثة لرئيس البرلمان التركي، أتى ترشيح إحسان أوغلي ليعيد خلط الأمور. وقالت مصادر تركية معارضة لـ«الشرق الأوسط» أن إردوغان قد يتخلى عن الترشيح لصالح غل، بعدما اهتزت شعبيته خلال الفترة الماضية، مشيرة إلى أن آخر الاستطلاعات التي قامت بها المعارضة تقول إن عبد الله غل سيحصل على 41 في المائة من الأصوات. وقالت مصادر تركية معارضة لـ«الشرق الأوسط» إن زعيمي حزبي المعارضة توافقا على الاسم وأبقياه سرا بينهما بحيث لم يعرف به سوى 4 أشخاص من الطرفين قبل إعلانه. وبعد أن أعلن رئيسا حزب المعارضة الرئيسين في تركيا كمال كليتشدار أوغلي رئيس حزب الشعب الجمهوري، ودولت بهجتلي رئيس حزب الحركة القومية على تسمية الرئيس السابق لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي مرشحا للانتخابات الرئاسية التركية المزمع إجراؤها في العاشر من أغسطس (آب) المقبل، توجه بيان صادر عن إحسان أوغلي بالشكر والاحترام لقرار الحزبين، مضيفا «أن التفاهم العظيم حول مرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة - التي ستجري لأول مرة بالاقتراع الشعبي المباشر - هو نقطة تحول في مسيرة الديمقراطية التركية». وقال رئيس المجموعة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري المعارض حمزة تشابي إن توافق المعارضة حول ترشيح الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي البروفسور «أكمل الدين إحسان أوغلي» لرئاسة الجمهورية قد يدفع رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان للانسحاب من السباق الرئاسي. وأكد تشابي أن توافق المعارضة التركية حول إحسان أوغلي باعتباره مرشحا توافقيًا للمعارضة، قد يدفع رئيس الوزراء إردوغان للتخلي عن فكرة الترشح للانتخابات، مذكرًا بوجود تعليقات جادة تزعم أن إردوغان قد يتخلى عن الترشح للانتخابات إذا تقدم أمامه مرشح ذو خلفية إسلامية يتمتع بتوافق شعبي كبير. وقال زعيم حزب الحركة القومية إن إحسان أوغلي يمثل كافة الأطياف في البلاد، وإنه رجل علم متعلم ومثقف ومُفعم بالحيويّة، وأثبت كفاءته ونجاحه بجدارة في الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي التي دامت قرابة عشر سنوات. ولفت بهتشلي إلى أهمية خاصية يتمتّع بها إحسان أوغلي قائلا: «نعلم جميعًا أن إحسان أوغلي ليس له رابط عضوي بالسياسة اليومية، وأنها فرصة عظيمة لتركيا أن تشهد ترشّح مثل هذه الشخصيّة في الانتخابات المقبلة»، ثم تابع: «إن المعضلة الجسيمة لتركيا هي: رجب طيب إردوغان الذي يقوم بدور الرئيس المشارك في مشروع القتل العالمي»، في إشارة منه إلى القول الذي كان يتردّد على لسان إردوغان إبان الفترة الأولى من حكمه في البلاد من أنه الرئيس المشارك لمشروع الشرق الأوسط الموسّع وشمال أفريقيا. وقال بهتشلي إن رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان لم يستطع أن ينعت داعش بأنه تنظيم إرهابي، وفسّر سبب ذلك بقوله: «ثمة علاقة قلبية حميمة بين داعش وإردوغان». واستبعد مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية لـ«الشرق الأوسط» جواد غل إمكانية انسحاب إردوغان، متوقعا أن يتمكن (إردوغان) من الفوز في انتخابات الرئاسة في الجولة الثانية والسبب في هذا تشرذم المعارضة، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن حزب العدالة والتنمية يوجد لديه قناعة بأن إردوغان هو صمام الأمان لهم ولهذا يعدون نجاح إردوغان قضية حياة أو موت. لكنه رأى أن الحزب قد يعيش بعد تنصيب إردوغان معضلات كبيرة بين المجموعات التي يكون منها الحزب على من سيكون خليفة إردوغان، كما أشار إلى أن «ترشيح المعارضة مرشحا واحدا، قد يكون مؤثرا إذا ما انضم إليهم الأكراد، وحظي بدعم الجماعة (غولن) لأن الانتخابات البلدية والنتائج التي حصدها الحزب تشير إلى ذلك». وبدوره رأى البروفسور مظهر باللي من جامعه ليدرك بايازيد أن نسبه فوز إردوغان في حالة ترشيح نفسه في الدورة الأولى للانتخابات ستكون 90 في المائة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رأيت يوما أحد المواطنين يستمع إلى خطاب إردوغان بكل دقة فسألته لماذا تستمع له بهذا الشغف فأجابني: أنا لا أؤيد هذا الرجل ولا حزبه ولا أفكاره الدينية ولكني أستمع له لأنني أسمع ما يجول في داخلي وهو الآن لسان حالي». ورأى الصحافي والكاتب في جريدة صول علي أونيك أنه لا أحد يعرف إلى الآن – بمن فيهم المقربون من أصحاب القرار في الحكومة - من سيكون مرشح حزبهم، والسبب في هذا هو الخلافات التي ستنجم عن من هي الجهة التي ستترأس قيادة الحزب بعد إردوغان، عادا أن هناك تخوفا من قيام خلافات يمكن أن تودي إلى انشقاقات داخل الحزب. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إردوغان هدفه إيجاد خليفة له يحركه كما يشاء كما فعل الرئيس السابق تورغوت أوزال عندما تقلد رئاسة الجمهورية وعين لمدة سنوات خليفة له كان هو الحاكم الفعلي للبلاد، ولكن مكونات حزب العدالة والتنمية الذي يتكون من تجار ورؤوس أموال وبيروقراطيين ومنتفعين لن تسمح بهذا، والسبب أن إردوغان يريد تعيين نعمان كرتلمش الزعيم المنشق عن حزب السعادة بعد أن يدخل البرلمان التركي، وحاليا تعيين بولانت أرنج رئيسا مؤقتا، أو تعيين أحمد داود أوغلو منذ الآن رئيسا صوريا (للحكومة) ولكن مؤسسي وقاعدة الحزب تعترض على داود أوغلو».
مشاركة :