حدد الدين الإسلامي القويم الثواب والعقاب في الدنيا الآخرة، ولخصهما بالجنّة والنار، وفصل درجاتهما ووسائلهما في آيات متعددة من القرآن الكريم. وفي الديانات السماوية الأخرى ذكر الثواب والعقاب كذلك، وكل من يقرأ (الكوميديا الإلهية) لدانتي، يجد ذلك الزخم المتكلف من وسائل العقاب والتعذيب التي يشيب لها الشعر. ومن قراءاتي وجدت أن العقائد حتى غير السماوية تسير على هذا المنوال، فالبلاد الشديدة الحرارة كان الجحيم عندها ناراً تشوي الأجسام، وإذا كانت باردة كحال (الاسكيمو) مثلاً، كان الجحيم في تصورهم مظلماً وبارداً متجمداً تتكسر فيه العظام. وعلى سبيل المثال ففي الصين القديمة: يعاقب المنتحرون والقتلة الذين لا يؤمنون بالحياة بعد الموت بالعذاب الأبدي، فالمنتحر مثلاً يحكم عليه بالجوع والعطش وكل يوم يعاد موته وأحياؤه، ويعاقب كل من يكذب بأن يوضع في غابة أوراق أشجارها سيوف حادة وماء أنهارها من جير. ومن لا يحترمون رؤساءهم يعيشون في وسط من الملح لا يذوقون طعاماً غيره. ومن يغشون ويحتالون يرزحون تحت ثقل من الحجارة حتى تعصرهم عصراً. ويعاقب كل من لا يفى بعهوده بأن يوضع في شبكة لا يستطيع أن يتخلص منها، وتسلط عليه الفئران والجراد لكي تاكله عن بكرة ابيه. وفي الهند مثلما ذكر (ابن بطوطة): فالمرأة إذا مات زوجها، ولكي تتفادى العقاب وتحظي بالنعيم الأبدي، فعليها أن تحرق نفسها بعده، ويقول في هذا الصدد: شاهدت ثلاثا من النسوة تعاهدن على احراق انفسهن بعد موت ازواجهن، ويمضي قائلاً: انهن اقمن قبل ذلك ثلاثة أيام في غناء وطرب واكل وشرب ورقص كأنهن يودّعن الدنّيا، ويأتي إليهن النساء من كل جهة، وفي صبيحة اليوم الرابع أُتيت كل واحدة منهنّ بفرس، فركبته، وهي متزينة متعطرة وفي يمناها جوزة نارجيل تلعب بها، وفي يسراها مرآة تنظر فيها وجهها، والبراهمة يحفّون بها، واقاربها معها، وبين يديها الأطبال والأبواق والأنفار، وكل إنسان من الكفاّر يقول لها: ابلغي السلام إلى أبي أو أخي أو أمي أو صاحبي، وهي تقول: نعم! وتضحك لهم. وشاهدت الأولى الرائعة الجمال منهن وهي ترمي بنفسها في حفرة من نار ملتهبة وكانت تبتسم وتلوح بيدها، وعند ذلك ضربت الأطبال والأنفار والأبواق ورمى الرجال ما بأيديهم من الحطب عليها، وجعل الآخرون تلك الخُشُب من فوقها لئلاّ تتحرك، وارتفعت الأصواتُ، وكثر الضجيج، ولما رأيتُ ذلك كدت أسقط من على ظهر فرسي لولا ان اصحابي الذين كانوا معي تداركوني بالماء فغسلوا وجهي وانصرفت ـ انتهى. وعلى نسائنا الأرامل أن يحمدن ربهن على نعمة الإسلام، أما القليلات منهن فتمنيت لو كن في الهند من ضمن أولئك الأرامل الثلاث.
مشاركة :