كشف تقرير لفريق لتقصي الحقائق أمس (الخميس) أن منظمة «حظر الأسلحة الكيماوية» أفادت باستخدام غاز «السارين» المحظور في هجوم أسفر عن مقتل العشرات في شمال سورية في نيسان (أبريل) الماضي، وتداول أعضاء المنظمة في لاهاي التقرير لكنه لم يعلن بعد. ويعد الهجوم على بلدة خان شيخون في محافظة إدلب الشمالية في الرابع من نيسان أعنف الهجمات في الحرب السورية منذ أكثر من ثلاث سنوات، ودفع الولايات المتحدة إلى شن هجوم صاروخي على قاعدة جوية سورية قالت واشنطن إنها استخدمت في شن الهجوم. وبعد إجراء مقابلات مع شهود وفحص عينات عدة، خلصت بعثة تقصي الحقائق التابعة للمنظمة إلى أن «عدداً كبيراً من الناس الذين مات بعضهم تعرضوا إلى السارين أو مادة تشبهه». وجاء في ملخص للتقرير أن «بعثة تقصي الحقائق خلصت إلى أن هذا لا يمكن أن يكون سوى استخدام للسارين سلاحاً كيماوياً». وقالت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي في بيان أمس: «الآن وبعد أن علمنا هذه الحقيقة الدامغة، فإننا نتطلع إلى إجراء تحقيق مستقل للتأكد من المسؤولين تحديداً عن هذه الهجمات الوحشية، لنحقق العدالة للضحايا». وأضافت أن تحقيقاً مشتركاً بين الأمم المتحدة والمنظمة يعرف باسم «آلية التحقيق المشتركة» يمكنه الآن التحقيق لمعرفة المسؤول عن الهجوم. من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إنه «لا شك على الإطلاق» في أن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد مسؤولة عن استخدام أسلحة كيماوية في سورية في نيسان الماضي. وذكر جونسون لشبكة «سكاي نيوز» أن «تحديد المسؤولية عن إلقاء السارين ستحال الآن إلى آلية تحقيق مشتركة للتأكد منها، لكن ليس لدي شك على الإطلاق في أن أصابع الاتهام تشير إلى نظام الأسد». وأضاف: «سنواصل الحملة البريطانية لفرض عقوبات على المسؤولين عن الهجوم... من يستخدمون أسلحة كيماوية ضد الأبرياء ينبغي محاسبتهم». ونقلت وكالات أنباء روسية عن وزارة الخارجية قولها اليوم، إن التقرير الذي أعدته «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» يستند إلى «أدلة مشكوك فيها». ونقلت وكالة «تاس» للأنباء عن الوزارة قولها إن «محتويات التقرير الذي أعدته لجنة خاصة تابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية منحازة إلى حد كبير وهو ما يجعلنا نظن أن أنشطة هذا الكيان تخدم نظاماً سياسياً». وقالت فرنسا إن التقرير «واضح لا لبس فيه» وإن على أعضاء المنظمة أن يتحركوا بحسم في شأن هذه النتائج. وقالت الخارجية الفرنسية في بيان إن «نتائج هذا التقرير لا تقبل الجدل». وأضافت «على منظمة حظر الأسلحة الكيماوية وأعضائها تحمل مسؤوليتهم والتنديد بأشد العبارات الممكنة بهذا الانتهاك غير المقبول لنظام حظر الانتشار». وكان التحقيق توصل إلى أن القوات الحكومية السورية مسؤولة عن ثلاثة هجمات بغاز الكلور في العامين 2014 و2015، وأن متشددي تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) استخدموا غاز الخردل. وألقت وكالات استخبارات غربية باللوم أيضاً في هجوم خان شيخون على حكومة الأسد، لكن مسؤولون سوريون نفوا مراراً استخدام المواد السامة المحظورة في الصراع. ولم تتمكن بعثة من «حظر الأسلحة الكيماوية» من زيارة موقع الهجوم نفسه بسبب مخاوف أمنية، وأفادت تقارير بأن رئيس المنظمة قرر ألا تحاول البعثة الذهاب إلى هناك. وانضمت سورية إلى «ميثاق حظر الأسلحة الكيماوية» في العام 2013 بموجب اتفاق روسي - أميركي لتفادي تدخل واشنطن عسكرياً في ظل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما. وقالت الولايات المتحدة أول من أمس إن الحكومة السورية امتثلت فيما يبدو إلى تحذير أميركي هذا الأسبوع من شن أي هجوم جديد بالأسلحة الكيماوية. وحذرت روسيا، أكبر داعم للنظام السوري من أنها سترد «بشكل مناسب» إذا ما اتخذت الولايات المتحدة إجراءات استباقية ضد القوات السورية، بعدما قالت واشنطن الإثنين إن الجيش السوري يستعد فيما يبدو لشن هجوم بالأسلحة الكيماوية.
مشاركة :