أكد وزير الخزانة الأمريكي، جاكوب ليو، قوة ومتانة الاقتصاد الأمريكي وعودة النمو إليه رغم التحديات الكبيرة التي مر بها في الفترة الماضية، معبرا خلال رده على سؤال لـ "الاقتصادية" عن تفاؤله للفترة القادمة ولا سيما بعد التغيرات في النهج الحكومي تجاه مسألة الإقراض. جاء ذلك خلال حديث وزير الخزانة الأمريكي على هامش مؤتمر صحافي عقد ظهر أمس في جدة مع الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي، عقب لقائه الأمير سلمان بن عبد العزيز نائب خادم الحرمين الشريفين، حيث أكدت السعودية عدم وجود أي تغيير في سياساتها الاستثمارية الخارجية، مبينة أن المملكة تواصل الاحتفاظ بالتوازن في عملاتها الخارجية وجغرافيتها وأنواع وفئات الأرصدة وستستمر في ذلك. ووصف الوزير الأمريكي الدعم السعودي في مجال مكافحة تمويل الإرهاب بـ "الاستراتيجي"، وقال: "خلال السنوات السابقة تبادلنا المعلومات عن كثب، وقمنا بالعمل بشكل مستقل ضد تمويل الإرهاب، ونحن بحاجة إلى مواصلة العمل في هذه المجالات؛ لأنه ستكون هناك تهديدات، نحن بحاجة لأن نبقى يقظين للتعامل مع الحاضر والمستقبل". وأضاف: "تعاوننا استراتيجي بين الحكومتين وبلغ مستوى الآن نتشاطر فيه المعلومات، ونبذل الجهود اللازمة، وأعتقد أن ذلك انعكس على العلاقات العميقة بين زملائنا في وزارتي الداخلية والمالية، ونحن نتطلع إلى مواصلة ذلك". وأوضح جاكوب ليو أنه أعرب خلال لقائه المسؤولين السعوديين عن "ثقة الولايات المتحدة الأمريكية بشراكتنا والتعاون الوثيق في مجال التعاون الاقتصادي مع السعودية، وهذا التعاون يزداد أهمية فيما يتعلق بالتطورات في العراق، ناقشنا حاجة القادة العراقيين إلى ترك الخلافات جانبا، والأحدث في العراق تؤكد ضرورة مضاعفة جهودنا لمكافحة تمويل المجموعات الإرهابية". وتابع: "السعودية من بين شركائنا الأهم في مجال مكافحة تمويل الإرهاب، وقد ناقشنا تعزيز تعاوننا ليس فقط في العراق وسورية، وإنما كذلك في أفغانستان وباكستان والمجموعات الإرهابية مثل حزب الله". وأردف: "اليوم نؤكد العمل معا لمكافحة هذه التهديدات والتعاون القوي مع وزارة الداخلية السعودية ومؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، كذلك نتعاون مع السلطات السعودية في تعزيز الشفافية المالية من خلال تحسين مكافحة رصد الأموال، السعودية تلعب دورا مهما في الاقتصاد العالمي باعتبارها أكبر دولة في الخليج وأكبر منتج للنفط في العالم، كما ناقشنا الجهود التي تبذلها السعودية من أجل تنويع اقتصادها". وعبر ليو عن دعم الولايات المتحدة للجهود السعودية لتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومواجهة التحديات الاقتصادية، وقال "ندعم التقدم الذي حققته السعودية في تقديم المساعدات لليمن ودورها ودعمها للبلدان العربية التي شهدت تغيرات، ونتطلع لاستمرار تعزيز التعاون الاقتصادي". وفي رده على سؤال لـ "الاقتصادية" عن مدى تأثر ثقة المستثمرين الأجانب بالاقتصاد الأمريكي بعد أزمة الديون أواخر العام الماضية، أجاب وزير الخزانة الأمريكي بقوله "مناقشاتنا اليوم وأمس في أبوظبي تركزت حول أهمية اقتصاد أمريكا تجاه الاقتصاد العالمي، ويطيب لي أن أنقل لكم أننا نرى الاقتصاد الأمريكي قويا في السعودية والمنطقة". وأضاف: "صدرت التقارير الربعية التي بينت تراجعا في الأنشطة الاقتصادية، ولكن في آذار (مارس) ونيسان (أبريل) شهدنا عودة للنمو بشكل واضح، هنالك تحديات في أمريكا في السنة الماضية، ما مثل لنا انشغالا داخليا وخارجيا، ونرى تغيرات في النهج الحكومي فيما يتعلق بسلطات الإقراض". واستطرد: "بشكل عام نرى عددا من التحركات التي تبين العودة إلى درجة أكثر اعتيادية للقيام بالأعمال، ونأمل أن يستمر ذلك، وأعتقد أن الثقة التي يوليها العالم بالاقتصاد الأمريكي وأهميته بالنسبة للعالم كبيرة ونحن ننظر للأمر بتفاؤل". وفي سؤال عن التعاون مع السعودية في مكافحة تمويل الإرهاب وقيام إيران بتمويل بعض المجموعات الإرهابية في العراق وسورية، أوضح جاكوب ليو أن مسؤولية مكافحة تمويل الإرهاب مسؤولية تتشاطرها الولايات المتحدة مع السعودية. وقال: "هنالك بلدان أخرى تدعم أنشطة نعارضها كثيرا، وأعتقد أن المسؤولية التي تقع على عاتقنا وحلفائنا هي السعي للتحقق من أن النظام العالمي المصرفي والشبكات المالية التي تعمل في بلداننا لا تسهل العمليات التي يحاول الآخرون الاستفادة منها، بحيث تقوض مصالحنا في الأمن الوطني، ويجب علينا التحقق من العمل معا لسن قانون لمكافحة ما يقوض الأمن العالمي". وبشأن إجراءات تطبيق نظام الامتثال الضريبي الأمريكي "فاتكا"، شدد جاكوب ليو على أنه يعد من أهم المبادرات التي صدرت في السنوات الأخيرة، وتضع المعايير على المستوى العالمي والحاجة إلى وجود شفافية بين سلطات الضرائب والالتزام بقوانين الضرائب، وأضاف: "لدينا مناقشات بنائه مع أصدقائنا في السعودية، ونتطلع لمواصلتها حتى نصل إلى اتفاق، وما زلنا متفائلين ونواصل محادثاتنا". من جانبه، بيّن الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية أنه ناقش مع المسؤول الأمريكي عددا من الأمور المهمة والمشتركة بين السعودية والولايات المتحدة، خصوصا في المجال الاقتصادي وأيضا الجهود المشتركة بين المملكة وأمريكا في مكافحة الإرهاب وتمويله. وتابع: "كذلك مناقشة القانون الأمريكي الخاص بالالتزام الضريبي للمواطنين الأمريكيين خارج الولايات المتحدة، كما تشرفنا بمقابلة نائب خادم الحرمين الشريفين، وتم التطرق فيه للعلاقات الوطيدة والاستراتيجية بين البلدين". ونوه بأن المملكة سبقت الكثير من الدول في اتخاذ الإجراءات التي تحد من تمويل الإرهاب وتمنعه وقال: "الواقع أن هناك تعاونا وثيقا جدا بين مختلف القنوات في المملكة وفي الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك مصارفنا ملتزمة تماما بالمعايير التي وضعتها مؤسسة النقد فيما يتعلق بهذا الجانب". وأكد العساف في رده على سؤال بشأن أي تغيير لتنويع مصادر الدخل أو إنشاء صندوق سيادي، أن السعودية لديها محفظة عملات خارجية متوازنة، مبينا أن الدولار يلعب الدور الأساسي في الاحتياطيات. بدوره علق فهد المبارك محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي على الاستثمارات السعودية في الخارج بقوله: "ليس هناك أي تغيير في سياساتنا الاستثمارية. نحن ما زلنا نواصل الاحتفاظ بالتوازن في عملاتنا الخارجية وجغرافيتنا وأنواع وفئات الأرصدة وسيستمر ذلك".
مشاركة :