ما زالت داعش حاجة لمن صنعها، لذلك من المبكر الاحتفال. ظهرت داعش كتنظيم مرعب متوحش وهو بالفعل مرعب، مرعب بمشاهد الحرق والإعدام باستخدام السواطير والسكاكين في قتل ضحاياه بلا رحمة أو شفقة. ولكن يبقى السؤال من خلق داعش من المؤكد أن الولايات المتحدة لم تخلقها مباشرة بل خلقت الظروف التي ساهمت في إخراجها إلى حيز الوجود عندما حلت الجيش العراقي وصنعت دستورا يجعل أهل السنة الذين كانوا قادة العراق على مدى عقود، طبقة ثالثة مهمشة ليست ذات قيمة سياسية كبيرة وليست صاحبة تأثير فقد أصبحت الرئاسة للأكراد ورئاسة الوزراء للشيعة وهما أهم مركزين للحكم. لا أحد يعلم حقيقة ما حصل في الموصل وباقي مناطق شمال العراق عندما أنهار فجأة الجيش العراقي إبان حكومة نوري المالكي ولكن سيبقى الكتاب وأصحاب الرأي يطرحون سؤالا كيف تم اقتحام سجون العراق وإخراج كل السجناء منه وهم بالآلاف ليصبحوا جنرالات داعش الحاقدين على كل ما هو شيعي أومن مذهب أخر غير سني؟ لن يبكي أحداً على داعش، لن تذرف النساء في بلادنا الشامية العراقية أو في أي مكان من وطننا العربي الكبير دمعة واحدة بل ستُلالي النساء بزغاريد الفرح لأن غيمة سوداء مسمومة قد أزيحت من سماء المنطقة، نعم ستفعل نساء بلادنا ذلك، وسترتسم علامات الفرح على وجوه الرجال ولكن من يعلم أي غيوم سوداء أخرى قادمة. القهر يولد العنف والعنف عندما يكون فرديا يصبح محركا لعنف أكبر وعندما يتحول إلى جماعة يحتاج إلى تمويل وعندما يدخل التمويل تدخل معه المخططات الدولية والاستعمارية التي تدمر الأوطان وتذهب بالأهداف النبيلة والأحلام الجميلة إلى مساحات لم تكن في حسبان من أطلقوا الصرخة الأولى أو أطلقوا الرصاصة الأولى. سيُذكر داعش عبر صفحات التاريخ المستقبلية، سيُذكر كصفحة سوداء لدى الطبقات العلمانية وأغلبية أبناء الشعب من أولئك الذين يريدون أن يعيشوا حياة عصرية، حياة أدمية تتماشى مع روح العصر وتقاليده، مع حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية لكن ذلك مشروط بإزاحة الظلم عن أهل السنة في السياسة والحقوق إذ طالما بقي هناك ظلم، غبن وتهميش فإن الروح الداعشية قد تملأ قلوب الكثيرين وتصبح داعش وأفعالها منارة لأجيال قادمة من الانتحاريين والقتلة الذين سيرون في أرث داعش أرثا مقدسا يجب السير على نهجة وهذا يعني دورات جديدة من الدم ستملأ فضائنا وفضاءات العالم. د. علاء أبو عامر كاتب وباحث وأكاديمي من فلسطين
مشاركة :