القيود الجديدة للدخول إلى الولايات المتحدة بموجب المرسوم ضد الهجرة الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيّز التنفيذ مساء الخميس وأشاع قلقا بين مسافري الدول المعنية والجمعيات التي تُعنى باللاجئين. وبدأ رسميا سريان حظر السفر على المعنيين بهذا المرسوم وذلك بعدما أجازت المحكمة الأميركية العليا هذا الأسبوع تطبيق هذا الحظر ولكن بصورة جزئية. بعد خمسة أشهر من توقيع هذا المرسوم والمعارك القضائية العديدة التي خاضتها إدارته لتطبيقه. وكان ترامب قد أعلن الحظر في يناير واصفاً إياه بأنه إجراء لمكافحة الإرهاب، بهدف إتاحة الوقت لتطوير أسلوب تدقيق أمني أفضل. وسبب القرار فوضى في المطارات، حيث وجد المسؤولون صعوبة في تطبيقه، وأوقفت محاكم اتحادية العمل به، في حين جادل معارضون بأن الإجراء يمثل تمييزا ضد المسلمين كما لا يوجد منطق أمني وراءه. وأوقفت المحاكم أيضا العمل بنسخة معدلة من الحظر صدرت في مارس. واعتبر ترامب أنه انتصر في معركته لتنفيذ المرسوم، منذ قرار المحكمة العليا الأميركية، الاثنين الماضي، إجراء مراجعة قانونية للحظر المؤقت، وقال في بيان أصدره البيت الأبيض “قرار المحكمة العليا الصادر بالإجماع انتصار واضح لأمننا القومي. قرار يسمح لي باستخدام أداة مهمة لحماية وطننا”. ويفترض المرسوم أن يمنع دخول “إرهابيين أجانب” إلى الولايات المتحدة، من خلال فرض حظرا مؤقت على سفر رعايا ست دول إسلامية (سوريا، ليبيا، إيران، السودان، الصومال، اليمن) واللاجئين من جميع أنحاء العالم، إلى الولايات المتحدة. ويقضي الأمر التنفيذي بأن الحظر يشمل كل رعايا الدول الست وجميع اللاجئين، لكن قضاة المحكمة العليا حدوا من نطاقه عبر حصر تطبيقه بالأفراد الذين “لا يملكون علاقة ذات صدقية مع شخص أو كيان في الولايات المتحدة”. وشرح القضاة بأن من يأتي لزيارة فرد من “عائلته القريبة” سيجاز دخوله، وكذلك الطالب الذي يدخل جامعة أميركية أو الموظف الذي وجد عملا في شركة محلية والأستاذ المدعو إلى مؤتمر في الولايات المتحدة.واشنطن لن تمول التدابير الأمنية الجديدة، والتكاليف ستتحملها خطوط الطيران والمطارات التي توجد بها وأثارت عبارة “علاقة ذات صدقية” ارتباك الخبراء القانونيين الذين تساءلوا كيف يمكن للاجئ سوري مثلا توفير إثباتات على صلة مسبقة له مع الولايات المتحدة. وأوضحت الحكومة مقصدها بعبارة “عائلة قريبة”، بأن هذه العبارة تشمل “الوالدين (والدا الزوج أو الزوجة أيضا) والزوج أو الزوجة والأطفال صغارا كانوا أو بالغين، وزوج الابنة وزوجة الابن، والأخوة والأخوات، سواء كانوا أشقاء أو لا”. وأشارت في برقية موجهة إلى شبكتها الدبلوماسية بالسماح لزوجة الابن بالدخول وليس الجدة. وهذا يعني أن لا أحد آخر من العائلة القريبة مشمول بالاستثناء. وتوقع أحد المسؤولين “أن تجري الأمور من دون مشاكل”. وجاءت التنديدات الخارجية الأولى على قرار حظر السفر الأميركي الجديد، من وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي قال في تغريدة، إن “الولايات المتحدة تمنع الآن الجدات من رؤية أحفادهن في استعراض مخز حقا للعدائية العمياء تجاه الإيرانيين”. وطلبت ولاية هاواي الأميركية مساء الخميس من القاضي ديريك واتسون توضيح مدى المرسوم وتحديد مفهوم “الأسرة القريبة”، في ما يبدو أنها بداية للاعتراض على تنفيذ المرسوم الجديد. وأعلن مدعي عام هاواي داغلاس شين في بيان “في هاواي مفهوم ‘الأسرة القريبة’ يشمل العديد من الأشخاص قررت الحكومة الفدرالية استبعادهم من هذه المعادلة”، وأشار إلى أن هذه القيود “قد تنتهك قرار المحكمة العليا”. وعلى مستوى هيئات الأعمال والعلاقات المهنية يجب على “العلاقة ذات الصدقية” أن تكون “رسمية وموثقة شرط تشكلها في مسار معتاد، وليس لغرض النفاد من المرسوم”، بحسب البرقية الدبلوماسية. كما بدرت تساؤلات من سياح من الدول الست إن كان الحجز في فندق يكفي للحصول على تأشيرة دخول، فأجابت السلطات الأميركية بالنفي، حتى لو تم دفع ثمن الحجز. وستتم عملية الاختيار على مستوى السفارات في الخارج وتتوقع الحكومة أن يكون لها وقع محدود على الأراضي الأميركية. وقال مراد عواودة من تحالف نيويورك للهجرة في مطار نيويورك “إن عيون العالم شاخصة إلى الولايات المتحدة”. ولا تريد السلطات الأميركية تكرار الفوضى التي وقعت في 27 يناير لدى تطبيق النسخة الأولى من المرسوم، الذي أثار استنكارا كبيرا في العالم. وشهدت المطارات الأميركية تظاهرات عفوية بعد اعتقال مسافرين فور وصولهم والتهديد بإبعادهم. وقال غريغوري شن من جمعية محامي الهجرة الأميركية “هذه المرة هناك إمكانية حصول إرباك حتى وإن كان من المبكر التكهن بذلك. سنكون مستعدين لمساعدة الأشخاص إذا دعت الحاجة”. وقال مسؤول كبير في وزارة الأمن الداخلي الأميركية إن خطوط الطيران التي لن تمتثل لقرار أميركي جديد بتعزيز إجراءات الأمن على متن الرحلات الجوية الدولية المتجهة إلى الولايات المتحدة قد تصبح عرضة لسحب تراخيص تسيير رحلاتها الجوية للبلاد. وأكد المسؤول أن الحكومة الأميركية لن تتولى تمويل التدابير الأمنية الجديدة التي أعلن عنها الأربعاء وزير الأمن الداخلي جون كيلي، مما يعني أن التكاليف ستقع على كاهل خطوط الطيران والمطارات والدول التي توجد بها. وأضاف أن شركات الطيران التي لا تلتزم بقواعد وزارة الأمن الداخلي الجديدة قد تصبح عرضة للغرامة أو الحد من السماح بدخولها للمجال الجوي الأميركي بل قد تسحب السلطات الأميركية رخصة تسيير رحلاتها الجوية للبلاد بشكل كامل.
مشاركة :