تحت عنوان «مكائد القصر في قلب الأزمة القطرية»، نشر موقع «فورين بوليسي» مقالاً للباحث الأميركي في معهد واشنطن للشرق الأدنى، سايمون هندرسون، يطرح من خلاله تساؤلاً: من هو الزعيم الفعلي لقطر، حيث يقول إنه على الورق الأمير ابن الـ37 عاماً، تميم بن حمد آل ثاني، ابن الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي تنازل لصالح نجله في عام 2013. لكن عدة دول تعتقد أن من يمسك بزمام الأمور لا يزال الشيخ حمد المعروف باسم «الأمير الوالد»، ويؤكد الكاتب أن هذه الحقيقة يمكنها أن تملي النتائج في الأزمة الخليجية، التي تحاول الولايات المتحدة التوسط في حلول مبكرة لها، فيما تراقب إيران بمكر متفرجة على كل ما يجري. وينقل الكاتب عن دبلوماسي سابق عاش في الدوحة لسنوات عدة، يصر على أن الأب يستمر في قيادة الدبلوماسية القطرية: أن «حمد لا يكن إعجاباً للإماراتيين والبحرينيين، لكنه يكره السعوديين تماماً»، وأن الأمير الأب البالغ 65 عاماً ينظر إلى الأمر، على ما يبدو، من وجهة نظر تاريخية و«شخصية محتدمة». وكان قد حاضر واقفاً في غرفة مزينة بخرائط قديمة، أمام وزير دفاع بريطاني زائر على مدى خمسة أيام متتالية عن الروابط التاريخية لقبيلة آل ثاني مع مواقع بعيدة، معظمها يقع الآن في السعودية. حيث ينقل هندرسون رأي هذا المطلع على باطن الأمور فيما مضى، بحمد بأنه «حاد» و«خطير»، فيما ينقل عن آخرين بمعرفة أقل بأسرة آل ثاني رأي أقل حدة، مثل أن «تميم متشبث بموقفه، لكن والده يشكل قوة كابحة مقيدة»، وهو رأي أحد المسؤولين الأوروبيين المشاركين في استضافة قطر لكأس العالم عام 2022 التي تنطوي على مليارات في بناء البنى التحتية، تغمرها رشاوى بـ 180 مليون دولار وفقا لوكالة استخبارات أوروبية. وهو، وفقاً لهندرسون، مبلغ يعد زهيداً بالنسبة لدولة منحها الغاز أعلى نصيب للفرد من الناتج المحلي الإجمالي في العالم، حيث استفاد حمد خلال فترة حكمه من هذه الثروة لإنشاء قناة الجزيرة، وهي أول شبكة تلفزيونية فضائية في المنطقة، مما زاد من نفوذ قطر بشكل كبير، بالتوازي مع إزعاج جيرانها، بتوفيرها منبرا لأصوات المعارضة ولواعظين مثيرين للمتاعب مثل رجل الدين الإسلامي يوسف القرضاوي. ويفيد هندرسون انه على مر السنين، لم يتحرك حمد أمام الاحتجاجات الدبلوماسية على المحطة، وكان يرد غالباً بطريقة متملقة ومشككة على مجموعة من السفراء، بأن الجزيرة مستقلة أو أنه ينبغي السماح لها بحرية التعبير. إزعاج الأشقاء ويعتقد الكاتب أن حمد على ما يبدو لا يمكنه مقاومة أي فرصة لإزعاج جيرانه العرب في الخليج، حتى لو كان هذا الأمر يخاطر بتفكيك دول مجلس التعاون الخليجي. ويقول إن الأمثلة عن إزعاج حمد لجيرانه كثيرة. ففي وقت مبكر من الحرب الأهلية السورية، تعثرت قطر مع السعودية حول من الذي سيدعم المقاتلين الأكثر فعالية. ودعمت الدوحة أيضا الإخوان المسلمين باعتبارهم موجة المستقبل للعالم الإسلامي، وهو موقف مثير للسخرية برأي الكاتب. ويشير الكاتب إلى أن علاقة حمد العدائية مع جيرانه العرب تمتد إلى الأيام الأولى من حكمه، بعد قيامه بإزاحة والده في عام 1995، وأن قطر لا يبدو أنها ستلتزم بدفتر شروط خصومها. ويطرح الكاتب السؤال: ماذا سيحصل الآن؟ ضغوط محلية يعتقد الكاتب أنه على المدى الأطول قليلا، يعتمد الأمر على الكيفية التي سيجيب فيها الأميران حمد وتميم على الضغوط من قبيلة آل ثاني الأوسع نطاقا. ويقول إن المجتمع القطري الأوسع نطاقاً، على الأرجح لا يريد أن يكون على خلاف مع المملكة العربية السعودية، ولا يريد أن يكون معتمداً على إيران، التي تقدم ممراً لإمدادات الغذاء التي لم تعد تصل عبر المملكة العربية السعودية. لكن الضغوط المحلية من اجل المصالحة قد لا تكون كافية لكي يتنازل حمد كثيراً، على الأقل حتى الآن.
مشاركة :