تقاسيم (بين السياسة والرياضة)

  • 6/19/2014
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

النسخة: الورقية - سعودي المضي لخط الكتابة السياسي بمثابة ضخ إضافي مشابه لرصيد هائل من الطرح والنقاش، ولعل المشهد الرياضي مساحة مناسبة للهرب من هذا الزحام السياسي الملعوب باحترافية، أنا هنا لا لشيء من الفوضى، ولكن لأجل أن نكون في منطقة هادئة، فربما لا تتوافر لنا في مقبل الأيام بالحجم ذاته من المتعة والتنوع بين وجه ووجه ومن جغرافيا لأخرى، ولنستوعب بعض الوقت أن الفائزين بأقدامهم يمتعون أكثر من الفائزين بإقدامهم، لأن الفارق في العقل والحياة هي الهدف. تمارس السياسة هذه الأيام مهمة خطف الأنظار وهي حبلى بالمفاجآت، وقادرة على نفخ البالونات وتفجيرها بأية لحظة، ثم يختلف المتابعون والمحللون والنقاد وعشاق التحليل على ملفاتها وأوراقها للحد الذي تؤمن فيه تماماً بأن من السياسة ألا تتحدث في السياسة ولا تقترب منها، وما يخفف من حدة هذا الخطف السياسي الحدث الرياضي الأشهر «كأس العالم»، إذ تميل فيه المشاعر تبعاً للجمال والمتعة والجاذبية، لترمي بالمشهد السياسي لدهاليز النسيان ولو لـ90 دقيقة كاملة خالية من أي انشغال خارج حدود الملعب الذي يوفق بين أعلام البلدان رغماً عن أنف المتربصين. كان «بوكو حرام» حاضراً في الرياضة والسياسة، و«داعش» حضرت هنا وهناك بالمقارنة والمقاربة، حتى السيناريوهات الأميركية الملعوبة في المحيط الشرق أوسطي سحبت التشجيع الرياضي من مساحة جغرافية وأعطتها لمساحة جغرافية أخرى، لأن العاطفة لا مكان لها، والعقل منهك بخيوط تفكير لا يدري على أي خط منها يستحسن السير، وبأية هذه الخطوط يثق! لا تقاطع بين السياسة والرياضة على المستطيل الأخضر، إلا إن كان هناك من يحقن الإبر السياسية في عضد اللاعبين قبيل صافرة البدء من باب صناعة الفارق وبث الحماسة، لكن الواقع يوضح أن الرياضة مشهد مختلف في الصياغة والصناعة، فهي تذهب لهدف معلوم بارز ومنتظر باليوم والتاريخ، ولأجل منصة تتويج مرصعة بالذهب والفضة والبرونز، بينما السياسة تعبث باليوم والتاريخ وتذهب بأي قطر للمجهول جبراً عن أية معلومة يتوقعها الساسة وطهاتها، تبعثر المُرتب، وتعيد ترتيب المبعثر كما لم ولن يفعل ذلك أمر آخر، في الرياضة يكون الدم استثناء، بينما في السياسة يصبح قاعدة ثابتة، يتفق الرياضي والسياسي في كونهما ينتميان لألعاب جاذبة يمكن لها أن تبكيك وتضحكك في آن واحد، وإن لم يكن في لعبة السياسة قانون ضابط لها لكنها بمئات الحكام والعدد ذاته أيضاً من أدوات اللعب، بينما يتقلص كل هذا في الرياضة، والبكاء على الموت لا يشبه الموت على هزيمة عابرة. من الأحلام أن يجتمع العالم بأسره على طاولة سياسية ذات هم مشترك ونوايا موحدة، بينما اجتمع العالم بأسره لأجل المستديرة ومستطيلها الأخضر، لأن هناك مجالاً رحباً للتنفس والفرجة، فيما رائحة السياسة لا تسمح أن تؤدي ذلك الفعل بشكل جيد، فيكفي أنها عربياً بمثابة علم الموت الإكلينيكي.     alialqassmi@hotmail.com

مشاركة :