اتخذت أسعار النفط مساراً تنازليا منذ انتهاء المؤتمر الوزاري لـ «أوبك»، وإن شهدت بعض التعافي خلال الأيام الماضية، ولكن السوق مازالت تعاني من ارتفاع المعروض وتباطؤ وتيرة معدل تنامي الطلب العالمي، بحيث يبدو ملحوظا في أميركا والصين، ما نتج عنه استمرار ارتفاع المخزون النفطي.ونجح اتفاق «أوبك» والمنتجين المستقلين في تثبيت مستويات الإنتاج، بدلاً من الاستمرار في أجواء التنافس ورفع الإنتاج والتي كانت سائدة قبله، وتحسن نسب التزام تحالف المنتجين من 24 دولة والذي يقضي بخفض إجمالي الإنتاج بمقدار 1.8 مليون برميل يومياً، والذي دخل حيّز التنفيذ في شهر يناير الماضي وسيستمر لغاية نهايه شهر مارس 2018.ويظل الخفض مستمراً إلى حين عودة مستويات المخزون النفطي، إلى المستويات الطبيعية المتمثلة في متوسط السنوات الخمس الماضية.ونجح الاتفاق في تحديد مصادر الزيادة بالإنتاج في الولايات المتحدة الأميركية، وكندا والبرازيل وليبيا ونيجيريا، ما أسهم في التخطيط بارتياح بالنسبة لشركات تطوير الإنتاج على أساس أدنى سعر للأسعار.ماهو المتغير الذي طرأ على أسواق النفط ونتج عنه تأخر في تحقيق التوازن وتأخر في تعافي أسعار النفط إلى التوقعات السابقه عند 50 أو 60 دولاراً للبرميل؟هناك 3 متغيرات طارئة تتركز في بوادر حلول واستقرار في ليبيا تعافى معها إنتاج النفط في ليبيا ليقترب من مليون برميل يومياً، وهي زيادة ملحوظة بالنظر إلى المستويات السابقة عند 300 و400 ألف برميل يومياً، واذا ما استقر الإنتاج لفترة أطول عند هذه المستويات فإنها تمثل تحدياً، واستمرار زيادة عدد الحفارات ومعها إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة الأميركية، وتعافي إنتاج نيجيريا من النفط الخام حالياً باتجاه 1.7 مليون برميل يومياً مع استهداف 2.2 مليون برميل يومياً.وتأتي هذه التطورات في الجملة لزيادة المعروض بشكل يمثل تحدياً أمام فاعلية اتفاق تعديل النتيجة، ويجعل توقيت التوازن أطول قليلاً رغم حصوله ولكن بوتيرة أقل من التوقعات.ويكمن المؤثر الرئيسي في أسواق النفط والذي يحظى بانتباه السوق، في تطورات وتوقعات إنتاج النفط الأميركي خلال عام 2017 و2018، وأصبحت هي السقف لتعافي أسعار النفط.ومع ارتفاع المعروض انخفضت الأسعار إلى مستويات بدأت تؤثر على مسار ارتفاع الإنتاج من النفط، وزيادة عدد الحفارات.ويبقى السؤال الذي يؤرق المراقبين هو متى تتعافى أسعار النفط؟، والحقيقة أن أنظار السوق تتركز على سحوبات من المخزون النفطي التجاري والمخزون العائم، ومتى ما ثبت وجود سحوبات متواصلة ستكون النتيجة بلاشك تعافي أسعار النفط.وفي غياب ذلك ستظل الاسعار متأرجحة وفق مؤشرات السوق النفط، بين ارتفاع وانخفاض من دون ثبات واستمرار في أي اتجاه، وإن كان الاتجاه الغالب هو الضعف ليعكس الوفرة في المعروض، ومستويات المخزون النفطي العالية.وتدور التوقعات المعقولة لأسعار نفط خام الإشارة برنت حول 45 دولاراً للبرميل، وهي تعادل 40 دولاراً للبرميل للكويتي.ولن يحصل أي تعافي لأسعار نفط خام الإشارة إلى 50 و55 دولاراً للبرميل، قبل استمرار سحوبات كبيرة في المخزون ومتواصلة، ليتأكد معها اتجاه السوق نحو تحقيق التوازن والرجوع إلى المستويات الطبيعية للمخزون، وهو هدف تم تحديده لاتفاق تعديل الإنتاج.وحسب معطيات السوق الحالية، على الأرجح أن يتحقق هذا الأمر في النصف الثاني من عام 2018، إلا إذا تحققت توقعات وزير الطاقة السعودي المهندس خالد الفالح، بشأن وقوع سحوبات في المخزون النفطي خلال الأشهر المقبلة، بالتزامن مع تعافي موسمي في معدلات الطلب العالمي على النفط وهو ما ينتظره السوق.وسيظهر أي تغير إيجابي في الانطباعات في السوق، على صورة إقبال المضاربين والمستثمرين، في تعزيز مراكزهم المالية وشراء عقود النفط.* خبير ومحلل نفطي
مشاركة :