بيروت: نذير رضا قتل العشرات بينهم أطفال في قصف مروحية سورية مخيما للنازحين السوريين في بلدة الشجرة الخاضعة لسيطرة المعارضة والواقع قرب الحدود الأردنية، في حين كثفت القوات النظامية من قصفها لحي الوعر في حمص الخاضع لسيطرة المعارضة، بموازاة استكمال المفاوضات للتوصل إلى اتفاق بين النظام والمعارضة يتيح لدمشق استعادة السيطرة على الحي. وأعلن المركز الإعلامي لمدينة درعا مقتل أكثر من 40 مدنيا وإصابة العشرات جراء إلقاء طائرات النظام برميلين متفجرين ليل أول من أمس على أحد مخيمات اللجوء في بلدة الشجرة في ريف درعا. وبينما قال شهود عيان بأن 20 شخصا لقوا حتفهم في الهجوم، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن 12 شخصا بينهم تسعة أطفال تتراوح أعمارهم بين الأربعة أعوام وستة عشر عاما، قتلوا جراء القصف، الذي أدى أيضا إلى سقوط سبعة جرحى على الأقل بينهم ثلاث نساء. وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن «جميع الضحايا من المدنيين، وهم أشخاص هربوا من أعمال العنف في مناطق أخرى من محافظة درعا» الحدودية مع الأردن. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الشجرة تقع في منطقة قريبة من المنطقة العازلة مع هضبة الجولان، وتعد في منطقة وسطى بين ريف درعا الغربي وهضبة الجولان والحدود مع الأردن. وجاءت هذه العملية بعد يومين من مناقشة أعضاء مجلس الأمن الدولي مشروع قرار للموافقة على توصيل المساعدات عبر الحدود في سوريا دون موافقة الحكومة إذ تقول الأمم المتحدة إن 9.3 مليون شخص يحتاجون للمساعدة. وقال عبد الرحمن إن حكومة دمشق «أرادت إيصال رسالة بعد هذا الاجتماع، كونها تعرف أن هذا المخيم يقيم فيه مدنيون». ويقيم في المخيم، نازحون هربوا من أعمال العنف في النزاع المستمر منذ ثلاثة أعوام، وسط تواصل الأعمال العسكرية في الريف الغربي لمحافظة درعا، حيث تقاتل قوات المعارضة للسيطرة الكاملة على المنطقة، بعد تقدمها على محورين، حيث سيطرت على تلة استراتيجية الأسبوع الماضي. وقال عبد الرحمن إن العمليات العسكرية مستمرة لمحاولة إخراج النظام من كل المناطق المحاذية لهضبة الجولان، مشيرا إلى أن القوات النظامية «لا تحافظ على سيطرتها إلا في نوى والشيخ سعيد بريف درعا الغربي، بعد إخراجها من معظم المناطق المحاذية للحدود مع إسرائيل». وأفاد ناشطون أمس بتعرض مدن طفس واليادودة والشيخ مسكين لقصف جوي، فيما اشتدّت وتيرة الاشتباكات بشكل عنيف بين عناصر الجيش الحر وقوات النظام على خط الجبهة الغربي. وقصف الطيران المروحي ببرميلين متفجرين مناطق في قرية عين الذكر، بينما اندلعت اشتباكات بمدينة بصرى الشام بين مقاتلي الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة من طرف، وقوات النظام مدعومة بقوات الدفاع الوطني من طرف آخر، كما استهدف مقاتلو الكتائب المقاتلة بعدد من القذائف مقار لقوات النظام في كتيبة المدفعية 285. في غضون ذلك، أفاد ناشطون أن القوات النظامية قصفت بصواريخ ثقيلة حي الوعر في حمص (وسط البلاد)، وهو آخر الأحياء التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في ثالث كبرى مدن البلاد. وجاء القصف بموازاة تواصل المفاوضات بين الحكومة السورية والمقاتلين المعارضين في الداخل، بهدف التوصل إلى اتفاق يشبه اتفاقا سابقا قضى بخروج أكثر من ألف مقاتل من أحياء حمص القديمة إلى ريف حمص الشمالي، وتسليمها للقوات النظامية السورية. وينظر معارضون إلى القصف الذي استهدف الحي على أنه «محاولة للضغط على الثوار بهدف تحسين شروط التفاوض». وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إن المفاوضات يقودها قيادي في حزب الله اللبناني يُدعى الحاج أبو علي، مشيرا إلى أنه «يتفاوض، إلى جانب ضباط أمن سوريين، بشكل مباشر مع المقاتلين السوريين في حي الوعر، كما أنه يجري محادثات مع وفد مفاوض يمثل فعاليات الحي». وإذ لفت إلى «تقدّم على صعيد المفاوضات، لكن التكتم يطغى على نتائج المحادثات»، قال: إن وجود حزب الله في قرية يغلب على سكانها الشيعة قرب حي الوعر «أعطاه أولوية لقيادة ملف التفاوض بمواكبة من ضباط أمن نظاميين». وتواصلت أعمال العنف في مناطق عدة في البلاد، وأشار المرصد إلى تعرض مناطق تسيطر عليها المعارضة في حلب (شمال)، لقصف جوي، في مواصلة لحملة القصف الجوي العنيف التي تستهدف هذه المناطق، والتي أودت بنحو ألفي مدني بينهم نحو 500 طفل منذ مطلع العام 2014. وفي ريف دمشق، أفاد ناشطون بوقوع اشتباكات عنيفة بين جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) ومقاتلي الكتائب الإسلامية من جهة، وقوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله اللبناني في منطقة المرج بالغوطة الشرقية، ما أدى لمقتل ثلاثة عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها. وأفاد المرصد بوقوع اشتباكات مماثلة في جرود بلدة رنكوس، وسط قصف تعرضت له جرود القلمون. وتزامن ذلك مع قصف تعرضت له سقبا ومناطق في بلدة المليحة ومحيطها، بالتزامن مع اشتباكات عنيفة وقعت على أطراف البلدة. من جهة أخرى، حذر الرئيس السوري بشار الأسد الدول الغربية من أن الإرهاب سيطال الدول «الحاضنة والداعمة» له. وقال خلال استقباله يوم أمس وزير خارجية كوريا الشمالية بأنه «على الغرب والدول الأخرى التي تدعم التطرف والإرهاب في سوريا والمنطقة أن تأخذ العبر من الوقائع والتجارب السابقة، وتدرك أن التهديد الناشئ من ثقافة الإرهاب يتعدى دول المنطقة ليصل إلى كل العالم، وخصوصا تلك الدول الحاضنة والداعمة له». ورأى الأسد أن «الغرب يسعى بأساليب مختلفة إلى إضعاف وتقسيم الدول الخارجة عن إرادته»، وأنه في السابق «كان يعتمد على حكومات عميلة لتنفيذ مخططاته واليوم تقوم العصابات الإرهابية بهذا الدور».
مشاركة :